المراكز المالية المهتزة تقيد الأسواق الناشئة
بالنسبة لأولئك المتحمسين إلى إشراك اقتصادات السوق الناشئة، وتحويل مجموعة الدول السبع إلى مجموعة تتألف من 11، أو 12، أو حتى 14 دولة، فإن استجابة العالم النامي الأبطأ والأكثر تبايناً إزاء الأزمة المالية يمكن أن تمنحهم مهلة للتفكير.
وتم ترك نصف اقتصاد العالم خارج جولة تنسيق معدلات الفائدة. وحتى الصين التي كان اقتصادها العام الماضي أكبر من أربعة من بلدان مجموعة السبعة، قامت بتخفيض معدلات الفائدة باختيارها وليس كجزء من النادي.
ويقول بول بيزكو، محلل الأسواق الناشئة رفيع المنصب في "آر بي سي كابيتال ماركتس": "ستبدأ الأسواق الناشئة بتخفيف سياستها في غضون شهر إلى ثلاثة أشهر مقبلة، ولكنني لا أرى النطاق ذاته، أو الحاجة ذاتها لإجراء منسق مع مجموعة البلدان السبعة".
إن قدرة الأسواق الناشئة على تخفيض معدلات الفائدة، وتحسين الطلب من خلال السياسة المالية، والتدخل لإنقاذ أنظمة مالية مهتزة، وإعادة رسملة البنوك، تختلف من سوق إلى أخرى بشكل ملحوظ. وبالنسبة للبعض، على الأخص في شرق آسيا، فإن سنوات من تكديس احتياطيات العملة الأجنبية، وإدارة تمويلات عامة متشددة، وترسيخ المصداقية في السياسة النقدية، يمكن أن تجدي ثمارها.
وقامت ثلاث أسواق ناشئة من الأسواق الأكثر ثراءً واستقراراً – كوريا الجنوبية، وتايوان، وهونج كونج – جميعها بتخفيض معدلات الفائدة بالأمس استجابة للأزمة.
لكن بالنسبة لأسواق أخرى، فإن التضخم العالي، وأسعار السلع المتقلبة، والمراكز المالية المهتزة، والحاجة إلى اجتذاب رأس المال الأجنبي لتمويل عجز الحساب الجاري، تسهم جميعها في تقييد استجاباتها.
واضطرت بالأمس جنوب إفريقيا التي لديها عجز ضخم في الحساب الجاري، وعملة متراجعة، إلى ترك معدلات الفائدة كما هي لتواصل توفير عوائد عالية للمستثمرين القلقين. وقال تيتو مبويني، محافظ البنك الاحتياطي المتشدد، إن أسعار السلع المنخفضة أسهمت في تحسين توقعات التضخم – الذي يبدو قريباً من ذروته عند نسبة 13.6 في المائة – وأكد المخاطر إزاء النمو في اقتصاد متباطئ فعلياً.
غير أن المستثمرين المتعبين تسببوا في تخفيض الرند بنسبة 9 في المائة من حيث التقييم التجاري منذ آخر اجتماع للبنك لتحديد معدل الفائدة في آب (أغسطس)، الأمر الذي جدد الضغوط على الأسعار بشكل تصاعدي.
وقال مبويني: "ليست لديَّ أدنى فكرة، حول ما إذا كانت الأزمة العالمية ستجعل من المحتمل إجراء تخفيض".
بالمثل، ففي حين أن الصين تستطيع تخفيض معدلات الفائدة دون الكثير من المخاطر، إلا أن الأمر لا ينطبق على الهند. ومثل الرند، فإن الروبية ضعفت بشكل مضطرب مقابل الدولار. وهناك تضخم بحدود 12 في المائة، أعلى من معدل فائدة السياسة الرئيسية المتمثل في 9 في المائة. وخفف البنك الاحتياطي في الهند أوائل هذا الأسبوع متطلبات رأس المال لحقن المزيد من السيولة في النظام المصرفي، ولكنه لم يخفض معدلات الفائدة.
إن تكلفة تقديم إعانات الأغذية والوقود في الوقت الذي تعتبر فيه أسعار السلع عالية، دفع العجز المالي الفعلي في الهند إلى أعلى بكثير ـ نحو 10 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي- الأمر الذي زاد من مخاطر التدفق الخارجي لرأس المال، والهبوط في أسعار الأصول إذا فقد المستثمرون الثقة. وحذرت وكالات التصنيف الائتمانية من أن تصنيف الهند يمكن أن يكون معرضاً للتهديد إذا ساء مركزها المالي.
وفي أمريكا اللاتينية، فإن أسعار السلع المنخفضة دفعت أيضاً أسعار صرف العملة إلى الأسفل، رغم أن سنوات من الاستفادة من صادرات قوية ـ وتمويل عام محسن إلى درجة كبيرة في الاقتصادات الكبيرة - جعلتها أكثر قدرة على الاستجابة. وباعت كل من البرازيل والمكسيك الدولارات من خزائنها المليئة هذا الأسبوع لتدعم عملتها المتراجعة، التي أسهم ضعفها في غموض التوقعات بشأن إجراء تخفيضات سريعة على معدلات الفائدة.
وعلى الأرجح أن أسوأ معضلات السياسة يكمن في بلدان وسط أوروبا، حيث تنزلق بعض الاقتصادات نحو الركود، ولكن العجز الضخم في الحسابات الجارية، ورأس المال الهارب يدفعان بإلحاح ضد سياسة نقدية أخف وطأة.
"فاينانشال تايمز" خاص بـ "الاقتصادية"