صناع القرار الدولي يواصلون مباحثاتهم .. وتدهور الاقتصاد الأمريكي يتسارع
تواصلت يوم السبت مناقشات وزراء مالية ومحافظي البنوك المركزية في مجموعة السبع، التي تضم دول العالم الأكثر نمواً حول الكيفية التي يمكن من خلالها اجتثاث الأزمة المالية العالمية. وكانت المجموعة قد أصدرت بياناً يوم الجمعة تبناه صندوق النقد الدولي تعهدت فيه ببذل قصارى جهدها لمعالجة الأزمة المالية وعودة السيولة إلى أسواق الائتمان والحيلولة دون انهيار البنوك الكبيرة إلا أنه لم يتم الإعلان بعد عن أية خطوات فعلية. ورغم أن الاتفاق حول مجموعة من المبادئ يعتبر بادرة تدعو للتفاؤل إلا أن الشروع في تنفيذ خطة أكثر تفصيلاً يعد أمراً ضرورياً لعودة واستمرارية الثقة في الأسواق.
وفيما يعد إشارة واضحة على تدهور الاقتصاد العالمي تواترت أنباء عن أن شركة جنرال موتورز أكبر صانعي السيارات في الولايات المتحدة قد دخلت في مفاوضات للاندماج مع شركة كرايسلر ثالث أكبر شركة مصنعة للسيارات في أمريكا. وقد دفع تراجع مبيعات السيارات بالتضافر مع تقلص حصة الشركة السوقية بسعر سهم الشركة إلى أدنى مستوى له طيلة 58 عاما، كما سجلت الشركة خسائر بلغت18 مليار دولار خلال الستة أشهر الأولى من هذا العام.
وأوضح براد بورلاند، رئيس الأبحاث الاقتصادية في "جدوى للاستثمار" أن سوق الأسهم السعودية هبطت 6 في المائة يوم السبت، رغم التوقعات بأن يأتي الهبوط أسوأ في ضوء تدهور البورصات العالمية وأسعار النفط يومي الخميس والجمعة. وقد سجل حجم التداول أعلى مستوى له منذ أواخر تموز (يوليو) الماضي. ورغم النتائج الجيدة للشركات السعودية خلال الربع الثالث إلا أن عامل الخوف الذي يسيطر على الأسواق العالمية أحكم قبضته على السوق السعودية أيضا، لذا لم يعد لأداء الشركات أثر يذكر في تحديد أسعار الأسهم.
وقد حضرت "جدوى" اجتماعات زعماء العالم الماليين في واشنطن دي سي أمس، حيث تم رسم صورة قاتمة لمستقبل الاقتصاد العالمي والنظام المالي العالمي. وفيما يلي أبرز ما جاء في الفعاليات:
دخل الاقتصاد الأمريكي مرحلة الانكماش وسيتسارع معدل تدهوره حتى عام 2009 ، فيما وصف بأنه أسوأ أزمة اقتصادية في تاريخ الولايات المتحدة منذ فترة الكساد الكبير خلال حقبتي العشرينيات والثلاثينيات. ويتوقف التعافي الاقتصادي على أداء أسواق العقار ويتوقع له حالياً أن يبدأ في النصف الثاني من العام المقبل، رغم أن النمو الاقتصادي لن يستعيد عافيته بالكامل حتى عام 2010 علي أحسن الفروض. وستعاني كثير من دول غربي أوروبا بصورة كبيرة آثار التراجع في قطاعي العقار والخدمات المالية، أما الدول غير المتأثرة فستعاني مناخ الصادرات غير المواتي، الذي سيشكل عائقا كبيراً أمام النمو.
النظام المالي العالمي يعاني حالة من التردي يتعذر معها إصلاحه بصورة عاجلة حتى ولو تم تفعيل أفضل خطة للإنقاذ. ولا تزال هناك مبالغ ضخمة من الأصول المتعثرة تتطلب التعامل معها وستحدث عمليات إفلاس لبعض البنوك ليس بالإمكان منعها. ولم تتضح الصورة بعد عن الهيئة التي سيبدو عليها النظام المالي العالمي عقب خروجه من الأزمة الراهنة.
وستعاني الأسواق الناشئة تراجع مستويات كل من التبادل التجاري والاستثمارات، كما ستتعقد إمكانية حصولها على التمويل الخارجي. وسيبرز الشرق الأوسط على أنه الجزء من العالم الذي لم يتأثر بالعاصفة المالية العالمية إلا في أضيق الحدود نتيجة النمو القوي الذي تدعمه الأوضاع المحلية في دول المنطقة، الذي يأتي نتيجة الإصلاحات الاقتصادية والطفرة الاستثمارية. وسيتباطأ النمو في الدول الآسيوية لكن أوضاع معظم الدول الآسيوية تعد جيدة بصورة نسبية تتيح لها تخطي الأوضاع الخارجية الرديئة. وفي ضوء النمو المتوقع في الصين البالغ8 في المائة فسوف تتضافر الصين مع منطقة الشرق الأوسط في تولي دور المحرك الرئيسي للنمو في الاقتصاد العالمي طيلة العام المقبل أو أبعد.
في المقابل، لا تبدو الملامح المستقبلية مبشرة لمنطقة أمريكا اللاتينية وشرق أوروبا على وجه الخصوص. وتتأثر شرقي أوروبا بصورة كبير بالمشكلات المالية في غربي أوروبا التي تعتمد عليها في تأمين الموارد المالية الكبيرة هذا عدا أن بنوك غربي أوروبا تهيمن على عدد من دول شرقي أوروبا. ومن المتوقع أن يدخل النمو في شرق أوروبا في مرحلة ركود وسيظل التضخم فيها يمثل مشكلة حقيقية. ورغم أن المعطيات الاقتصادية الأساسية تبدو أفضل بالنسبة لبعض دول أمريكا اللاتينية فسوف يتسبب تراجع الصادرات وأسعار السلع الأساسية في تباطؤ النمو في كل المنطقة.