علاقة بولسون مع "جولدمان ساكس" تثير أسئلة حول تضارب المصالح
يبدو أن شهر العسل بين بنك جولدمان ساكس وواشنطن قد حلت نهايته، حيث اندفع المنتقدون في الكونجرس في الأسبوع الماضي لمهاجمة هانك بولسون، وزير المالية الأمريكي، مشيرين إلى أن بولسون، كبير التنفيذيين السابق في بنك جولدمان ساكس Goldman Sachs، سمح لولائه للبنك الذي كان يتولى إدارته أن يؤثر في قراره بإنقاذ مجموعة التأمين الأمريكية العملاقة AIG. منذ أربعينيات القرن الماضي، حين جاء كبير التنفيذيين السابق في البنك سيدني واينبيرجر إلى واشنطن، كانت مؤهلات "جولدمان ساكس" دائماً فوق مستوى اللوم.
ولكن خلال جلسات الاستماع التي عقدتها في الأسبوع الماضي لجنة الإشراف والرقابة في مجلس النواب الأمريكي، تبنى عدد من النواب الديمقراطيين تقريراً في وسائل الإعلام يدعي أن بولسون أنقذ شركة AIG فقط بعد أن علم أن بنك جولدمان ساكس كانت لديه تعاملات مع شركة التأمين بقيمة 20 مليار دولار (14.8 مليار يورو، 11.8 مليار جنيه استرليني). في المقابل فإن بولسون سمح لبنك ليمان براذرز Lehman Brothers، منافس بنك جولدمان، بالانهيار. قال بنك جولدمان إنه "لم يكن لديه انكشاف خطير" في قيود AIG، وإن تعاملاته مع المجموعة كانت على شكل ضمانات نقدية وكذلك تعاملات للتحوط. ولكن في واشنطن، خصوصاً أثناء موسم انتخابي تحول فيه الغضب الشعبي بصورة مباشرة إلى وول ستريت، فإن المظاهر يمكن أن تكون لها اليد العليا على الحقيقة.
قال هنري واكسمان، النائب الديمقراطي الذي يتولى رئاسة لجنة الإشراف والرقابة في مجلس النواب، إن صفقة إنقاذ وول ستريت بقيمة 700 مليار دولار وضعت بولسون "في موضع مباشر يستطيع فيه أن ينفع الناس الذين عمل معهم حين كان يتولى منصب كبير الإداريين التنفيذيين لبنك جولدمان ساكس." كذلك يبدو أن دنيس كوسينتش، وهو عضو ليبرالي في الكونجرس وكان قد صوّت ضد مشروع قانون إنقاذ البنوك، كان مقتنعاً بأن بولسون كان يحابي مصالح جولدمان ساكس.
يذكر أنه لا توجد أية صلات مالية بين بولسون وبنك جولدمان. وحين أدى اليمين الدستورية قبل سنتين ليتولى مهام منصبه كوزير للمالية فإنه وضع أسهمه البالغ عددها 4.5 مليون سهم من أسهم البنك في صندوق مقفل. وقد بيعت حصة بولسون بعد ذلك بمبلغ قُدِّر بأنه في حدود 400 مليون دولار (قال بولسون إنه سيضع ثروته في صندوق خيري). ولكن يُعتقّد أن عدداً من تنفيذيي "جولدمان" السابقين من الذين اختارهم بولسون لإدارة عملية الإنقاذ الحكومي للبنوك لديهم حصص لا يستهان بها في البنك. وتثير مقتنياتهم أسئلة حول القرارات التي يتخذونها بخصوص أكبر عملية لإصلاح وتعمير النظام البنكي الأمريكي منذ الكساد العظيم.
فالمدير المسؤول عن عملية الإنقاذ هو نيل كشكاري، رئيس مكتب وزارة المالية للاستقرار المالي. وهو يبلغ من العمر 35 عاماً، وكان يتولى منصب نائب رئيس بنك جولدمان في مكتب سان فرانسيسكو، ثم التحق بوزارة المالية قبل سنتين. كان دخل كشكاري في بنك جولدمان، كما جاء في تقرير للإفصاح المالي العام قُدِّم في تشرين الأول (نوفمبر) 2007، هو 738 ألف دولار على شكل راتب وعلاوات اعتباراً من كانون الثاني (يناير) 2006 إلى حين مغادرته البنك للالتحاق بوزارة المالية في تموز (يوليو) 2006 للعمل في وظيفة مستشار أول لبولسون. كما يوجد لدى كشكاري ما بين 15 ألفا إلى 50 ألف دولار على شكل أسهم، وهذا المبلغ هو جزء من برنامج تقاعدي في البنك، رغم أن التقرير يذكر أن كشكاري لا يتلقى أية مساهمات يدفعها البنك للصندوق التعاقدي. ومن بين الموظفين السابقين في بنك جولدمان والذين يديرون الآن عملية الإنقاذ: كين ويلسون، وهو زميل دراسة للرئيس بوش في كلية إدارة الأعمال في جامعة هارفارد وشريك سابق في مجموعة المؤسسات المالية في بنك جولدمان، وإيد فورست، الذي كان يعمل في السابق في منصب كبير المسؤولين الإداريين، ودام جستر، الأمين السابق للخزانة في البنك والنائب السابق لكبير الإداريين الماليين، وستيف شافران، وهو مدير إداري سابق في البنك.
وعلى خلاف الأشخاص الذين يتم تعيينهم في مناصب سياسية، والذين يتم تثبيتهم عن طريق مجلس النواب ويبلغون عن مقتنياتهم المالية لمكتب الأخلاق الحكومي، فإن فورست وجستر يعتبران من الموظفين الذين يعملون بعقود عمل مؤقتة، وهذا المسمى الوظيفي يتيح لهما الاحتفاظ بمقتنياتهما لدى بنك جولدمان لأن من المتوقع أن يخدما في الحكومة لفترة مؤقتة ويتلقيان رواتب اسمية.
أما ويلسون، البالغ من العمر 61 عاماً، فقد ترك العمل لدى بنك الأخوين لازار Lazard Freres ليلتحق ببنك جولدمان في عام 1998، أي قبل سنة من طرح أسهم بنك جولدمان الاستثماري للاكتتاب العام. ومن المرجح أن تبلغ قيمة ثروته من أسهم جولدمان أكثر من 100 مليون دولار، كما يقول أحد زملائه السابقين.
وفقاً لبيان للمساهمين صادر عن بنك جولدمان، فإن فورست تلقى في عامي 2004 و2005 مكافآت بأسهم مقيدة تبلغ قيمتها 5.8 مليون دولار و 7.7 مليون دولار. يذكر أن بيان الإفصاح الذي قدمه فورست للحكومة يقول إن مقتنياته لدى بنك جولدمان تبلغ 25.8 مليون دولار. إضافة إلى ذلك، فإن مقتنياته من البنك قبل أن يتحول إلى شركة عامة تبلغ القدر نفسه تقريباً.
أصبح جستر، الذي كان يعمل أمين الخزانة ونائب كبير الإداريين الماليين في البنك، شريكاً في عام 2000 واستقال من البنك قبل عدة سنوات ليفتح أحد صناديق التحوط. ولو أنه استمر بالاحتفاظ بحصته من أسهم البنك فإنها ربما تساوي الآن عشرة ملايين دولار، كما يقول أحد زملائه السابقين.استقال شافران من بنك جولدمان قبل ثماني سنوات، ولا يُعرَف إن كان يمتلك الآن أية أسهم في البنك.حين سئل متحدث باسم وزارة المالية إن كان هناك احتمال بوجود تضارب في المصالح، قال: "من الواضح أن الاستعانة بخبراء إضافيين للاستفادة منهم في وقت كهذا هو تماماً في صالح النظام المالي الأمريكي والاقتصاد الأمريكي".