"ميريل لينش": أرباح الربع الثالث ستكون عاملاً حيوياً في قرارات المستثمرين
ينتظر المستثمرون الظروف الملائمة للعودة إلى أسواق الأسهم وسط توقعات لم يُسجّل حتى اليوم أكثر منها تشاؤماً، حسبما جاء في المسح الذي أجرته "ميريل لينش" لمديري صناديق الاستثمار لشهر تشرين الأول (أكتوبر).
وأكد الاستطلاع أن الأرباح في الربع الثالث ستكون عاملاً حيوياً في قرارات المستثمرين، ويعطي تقديراً لتأثير الأزمة المالية في الاقتصاد الحقيقي،
فالاستطلاع الذي اكتمل بعد أن خسرت أسواق الأسهم العالمية 18.7 في المائة من قيمتها، يوضح أن نحو 7 من أصل 10 من الذين اشتركوا في الاستطلاع "69 في المائة" يعتقدون أن الاقتصاد العالمي دخل في الركود صعوداً بحدّة من 44 في المائة منذ شهر، وأن المستثمرين الذين يعتقدون أن السياسة النقدية هي جدّ متشدّدة بلغت نسبتهم 59 في المائة وهذا رقم قياسي في تاريخ المسح.
لكن الرغبة المتدنية بالمجازفة والاعتقاد أن الأسهم هي مسعرة أقل من قيمتها يمكن أن تشكل أحد أسس الانتعاش, فتنامي النفور من المغامرة حمل نسبة مئوية من المشتركين بالاستطلاع بلغت 49 في المائة أن يحتفظوا بالنقد أكثر من المعتاد, حيث بلغ عدد المستطلَعين الذين يعتقدون أن الأسهم مسعرة تحت قيمتها أعلى مستوى في 10 سنوات أي 43 في المائة.
وأوضح غاري بيكر رئيس استراتيجية الأسهم في أوروبا والشرق الأوسط وإفريقيا في "ميريل لينش" أن مديري صناديق الاستثمار ينتظرون المفجّرات التي ستعطيهم الثقة بالشراء, وما يتطلعون إليه هو ظروف نقدية ميسّرة وأرباح في الفصل الثالث توضح أين تكمن الفرص عبر أسواق الأسهم.
وأكدت "ميريل لينش" أن موسم الأرباح في الفصل الثالث سيكون عاملاً حيوياً في قرارات المستثمرين، ويعطي تقديراً لتأثير الأزمة المالية في الاقتصاد الحقيقي، ويبدو أن المشتركين في الاستطلاع يضعون قليلاً من الثقة أو لا ثقة بتقديرات الإجماع للأرباح في السنة المقبلة, وثمة 92 في المائة يعتبرون التقديرات "عالية جداً"، وأكثر من النصف يقولون إن التقديرات هي "عالية إلى حد كبير".
في زمن التشاؤم الشامل ليس في العالم مكان يغلب فيه الوجوم أكثر منه في أوروبا, وثمة 41 في المائة من مخصصي الأصول العالميين يملكون أسهماً في أوروبا أقلّ من المعتاد وتفترض أوروبا الآن أن المملكة المتحدة هي الاتجاه الأقل شعبية للاستثمار في الأسهم.
وتبدو آراء المستثمرين داخل منطقة اليورو قاتمة أيضا, فثمة رقم قياسي بنسبة 9 من أصل 10 من المشتركين في الاستطلاع يتوقعون أن تزداد الظروف سوءاً، بينما النسبة المئوية الصافية من الاختصاصيين الذين يتوقعون ركوداً قد تضاعف إذ ارتفع إلى 74 في المائة من 37 في المائة في أيلول (سبتمبر).
أما توقعات الأرباح فتكاد تصبح أكثر سوءاً، خاصة إذا علمنا أن 97 في المائة يتوقعون أن يكون نمو الربح في السهم أضعف مما هو الآن في الـ 12 شهراً المقبلة.
وذكرت "كارن أولني" رئيسة استراتيجيات الأسهم الأوروبية في "ميريل لينش" أن الأمر المهم هو وسط هذه الخلفية من الخوف على الأرباح والركود، نشاهد المستثمرين يبيعون أسهم الشركات الصناعية الغالية والأكثر دورية وبدل ذلك يشترون الأسهم التي توزع أرباحاً ثابتة وحيث الرأسمال في مأمن, وقد هرب المستثمرون متسارعين من المنتجات الصناعية والخدماتية في الشهر الماضي وأصبح 49 في المائة منهم بعيدين في استثماراتهم عن القطاع مقابل 8 في المائة في أيلول (سبتمبر).
أما أكثر الاستثمارات، فقد تركزت في المواصلات الهاتفية والعناية الصحية، التي توفر تقليدياً الأمان والدخل, فالتحوّلات الأوروبية التي حصلت بين القطاعات خلال الشهر الفائت توحي بأنّ المستثمرين يتحركون نحو المتبقّي من جيوب النمو الممكنة التي هي أقلّ تعرّضاً لأزمة الائتمان كوسائل الإعلام والتكنولوجيا.
وثمة عدد أقل من المستثمرين الأوروبيين هم مبتعدون عن وسائل الإعلام، إذ إن الحقائب الاستثمارية المبتعدة عن وسائل الإعلام قد انخفضت بحدة في تشرين الأول (أكتوبر) من 33 في المائة في أيلول (سبتمبر)، وراحت غالبية من 39 في المائة من الحقائب الاستثمارية تحتفظ بالمواصلات الهاتفية، أي بارتفاع نسبته 2 في المائة.
وتبيّن من المسح أن مديري صناديق الاستثمار في الولايات المتحدة هم أيضا أكثر اقتراباً الآن من التقبّل الكامل أنهم يتوقعون في الولايات المتحدة ركوداً عميقاً وطويلاً.
وترى شيريل كينغ كبرى الاقتصاديين في الولايات المتحدة في "ميريل لينش" أنه من المبكر القول إننا بلغنا القاع في أسواق الأسهم في الاضطراب المالي الراهن".
وحسب "ميريل لينش" أن الخطوات الإنقاذية التي أعلنتها الحكومات في أوروبا والمملكة المتحدة الهادفة إلى الأمان والسيولة في المصارف ستكون ايجابية، لكنها ستغير من الأساس الطريقة التي يعتمدها المستثمرون في مقاربة سندات المصارف.
فالمصارف الآن هي في وضع ويجب عليها إعادة تمويلها بمبلغ 250 مليار يورو من الدين المستحق، وهذه خطوة إنقاذية للمستثمرين بالديون. لكن على المستثمرين أن يعوا أن الترتيبات المتخذة ستخلق طبقة أعلى رتبة من دين المصارف، وأن أيّ دين جديد تدعمه الدولة سيكون ذا أفضلية ضمن الدين الحالي في بنية المصرف الرأسمالية.
وأوضح ريتشرد طوماس رئيس أبحاث الائتمان المصرفي في أوروبا والشرق الأوسط أن تبعية الدين الحالي هو ثمن صغير يجب دفعه من أجل الإنقاذ. فالأهم من ذلك، فالمستثمرون يرون أن المصارف ملحقة بالقطاع العام، ليس فقط من حيث ملكية الدولة وضمانات الدين بل أيضا لأن نشاطاتها الإقراضية ستعتبر عاملاً في السياسة العامة.
يذكر أنه اشترك ما مجموعه 172 مديراً في المسح العالمي الذي أجري من 3 تشرين الأول (أكتوبر) إلى 9 منه، يديرون 531 مليار دولار، واشترك 150 مديراً في المسح الإقليمي يشرفون على استثمار 335 مليار دولار.