علماء مسلمون يطرحون النظام الإسلامي بديلا عن النظام المالي المترنح
أعرب علماء مسلمون عن قناعتهم بأن النظام المالي الإسلامي يمكن أن يشكل بديلا عن النمط المصرفي السائد في العالم، الذي يبدو مترنحا بسبب الأزمة المالية الحالية.
وقال أستاذ الاقتصاد والتمويل وعميد كلية الدراسات الإسلامية في قطر حاتم النقرشاوي إن "هناك إدراكا متزايدا للحاجة إلى إجراء جذري يتعلق بهيكلية النظام المالي العالمي".
وأضاف النقرشاوي في تصريحات صحافية أن "النظام المالي الاقتصادي المبني على المفاهيم الإسلامية يقدم بديلا يؤدي إلى تضاؤل احتمالات حدوث مثل هذه الأزمات الحاصلة".
ورأى أستاذ الاقتصاد إن الظروف الحالية تؤمن "فرصة ضخمة لإبراز النظام الإسلامي" في وقت "تزداد فيه علامات الاستفهام حول الممارسات التي تفشت في النظام المصرفي وحول ما يعرف بالرأسمالية المتوحشة".
ولا يقوم النظام المصرفي الإسلامي الذي يشهد ازدهارا مستمرا منذ سنوات على مبدأ الفائدة، بل على مبدأ تقاسم الأرباح والخسائر مع المودعين، كما تميل المصارف الإسلامية إلى الاستثمار في أصول ملموسة ومضمونة.
من جهته، قال مدير عام بنك قطر الدولي الإسلامي عبد الباسط الشيبي إن "البنوك الإسلامية لا تتعامل مع بيع الديون وهي تتعامل مع الأصول الملموسة وهذا هو أصل التعامل والاقتصاد".
وأضاف في تصريحات للصحافة "لهذا السبب نلاحظ أن البنوك الإسلامية في منأى من المشكلات المصرفية التي تتعرض لها حاليا البنوك الأميركية والأوروبية" معتبرا أن "الضمان الحقيقي للتمويل هو النشاط الذي سيتم تمويله أو السلعة التي يقوم البنك أو شركة التمويل ببيعها عن طريق التقسيط".
ويوافقه النقرشاوي في هذه الرؤية ويعد أن "العائد على التمويل سيرتبط بإنتاجية النشاط أو المشروع وليس بمجرد مرور الفترة الزمنية بين توفير التمويل واسترجاع التمويل".
من جهته دعا الشيخ سلمان العودة إلى "ضرورة التداعي لعقد مؤتمر إسلامي دولي لبلورة أسس ومراحل الحل الاقتصادي الإسلامي البديل". وقال العودة لوكالة فرنس برس "من الناحية النظرية إن النظام الاقتصادي الإسلامي يكون منظومة متكاملة ومتينة وقادرة على إقامة اقتصاد قوي وفي مأمن من الهزات". لكن الداعية السعودي أقر بأنه "من الناحية العملية، أعتقد أن التجربة المصرفية الإسلامية مازالت غير مكتملة لأنها تتعامل فقط مع منتجات محدودة مثل بيع المرابحة".
وكان الداعية الإسلامي يوسف القرضاوي قد حث المسلمين في جميع أنحاء العالم على "التقاط خيط" الأزمة الاقتصادية العالمية لتحقيق نظام بديل عن النظام الرأسمالي.
وقال القرضاوي لدى افتتاحه "مؤتمر القدس السادس" الأحد الماضي في العاصمة القطرية إن "انهيار النظام الرأسمالي القائم على الربا وعلى الأوراق وليس على السلع في الأسواق يبين أزمته ويبين تكامل الفلسفة الاقتصادية الإسلامية".
وتابع القرضاوي أن "النظام الغربي انهار ونحن عندنا فلسفة اقتصادية متكاملة (..) الثروات كلها عندنا والبترول تكاد تكون جنسيته إسلامية ولدينا فلسفة اقتصادية لا توجد عند غيرنا".
واعتبر القرضاوي أنه يمكن للمسلمين "التقاط خيط الأزمة (..) لتحقيق نصر الأمة التي فيها من الإمكانات المادية والروحية ما يجعلها تحقق النصر".
لكن المفكر الإسلامي المصري فهمي هويدي أعرب عن رأي أكثر حذرا إزاء إمكانية النظام المصرفي الإسلامي على إيجاد حلول سحرية لأمراض النظام المالي العالمي.
وقال هويدي في تصريحات لوكالة فرانس إنه "لا يمكن الحديث عن نظام اقتصادي إسلامي بديل بلا مشكلات".
وأضاف "قد تكون لدى هذا النظام حلول لبعض مشكلات المصرفية لكنه لا يمكن أن يمثل حلا سحريا للعالم". لكنه أوضح أنه "إذا كان ما يقال بأن الفوائد الربوية هي سبب الأزمة المالية العالمية الحالية فإن إنشاء البنوك غير الربوية قد يشكل أحد أوجه الحل".
ومن المتوقع أن تنظم كلية الدراسات الإسلامية في قطر أواخر تشرين الأول (أكتوبر) الجاري ندوة حول "الأصول الفقهية للمنتجات المالية الإسلامية" وذلك بالتعاون مع البنك الإسلامي للتنمية وبحضور عدد من العلماء.