لبنان: ارتفاع الودائع 900 مليون دولار في شهر
ما التوقعات بشأن خفض الفوائد في الخارج وتأثيره في القطاع المالي اللبناني؟ سؤال يطرح بقوة في الأوساط المصرفية حيث تتزايد المخاوف لدى المودعين لجهة الحفاظ على ودائعهم بالدولار الأمريكي او تحويلها إلى الليرة اللبنانية نظرا للفارق الكبير في نسبة الفوائد، التي تجاوزت 5 في المائة.
أسئلة كبيرة وكثيرة تطرح منذ بداية الأزمة المالية العالمية، وإذا كانت عملية نشر أرباح المصارف اللبنانية الكبرى في الإعلام في الساعات الماضية تعطي إجابة شافية عن واقع القطاع المصرفي فإن الجواب المبدئي لدى وزير المال السابق جهاد ازعور حول خفض الفائدة هو أن هدفه تنشيط الاقتصاد عبر تحويل وجهة سير الأموال من الإيداع في المصارف إلى بدائل أخرى مثل الاستثمار في قطاعات الصناعة والزراعة والخدمات. وقال أزعور لـ "الاقتصادية" إن المصارف اللبنانية لم تقرر بعد خفض الفوائد ولكن هذا الأمر مرتقب في الفترة المقبلة وذلك انسجاما مع التغيرات العالمية، لكنها ستحافظ على هامش معين يحقق الربح للمستثمرين في لبنان سواء من خلال الإيداع في المصارف اللبنانية، التي تعطي فوائد أعلى من المعدلات العالمية، أو من خلال الاستثمار بشراء سندات الليرة أو اليوروبوند اللبنانية، التي هي بدورها مغرية مقارنة بالفوائد العالمية المنخفضة.
وأمام لبنان فرصة تاريخية للإفادة من متانة قطاعه المصرفي، كما أضاف الوزير السابق أزعور والذي كشف أن الودائع ارتفعت بقيمة 900 مليون دولار في أقل من شهر وأن 500 مليون تدفقت في الأسبوع الأخير من أيلول (سبتمبر) و400 مليون في الأسبوعين الأولين من الشهر الجاري فقط. ومصدر هذه الودائع لبنانيون في الخارج قرروا عدم المجازفة في المصارف الأوروبية والأمريكية وتوظيف أموالهم في لبنان، سيما أن العائد في المصارف المحلية لا يزال كبيرا حيث تصل الفائدة السنوية على الليرة إلى 9 في المائة وعلى الدولار إلى 5 في المائة.
وتشير الإحصاءات الرسمية إلى زيادة الودائع منذ ما قبل الأزمة العالمية فقد ارتفعت ودائع القطاع المصرفي حتى نهاية تموز (يوليو) الماضي إلى نحو 75 مليار دولار، أي بزيادة أكثر من سبعة مليارات دولارات في سبعة أشهر. ومن المتوقع أن تكون قد ارتفعت بقيمة 1.5 مليار دولار مما يعني أن مجمل الودائع بات يتجاوز 76.5 مليار وقد يصل إلى نحو 80 مليار دولار إذا استمرت التدفقات.
وردا على سؤال حول مبادرة مستثمرين خليجيين إلى سحب ودائعهم من المصارف اللبنانية نتيجة الخسائر المسجلة في أرباح شركاتهم في المنطقة وفي أوروبا وأمريكا، قال أزعور إن هناك سحوبات قد سجلت خلال مطلع تشرين الأول (أكتوبر) الجاري، ولكنها محدودة وقابلتها عملية نقل لأموال عربية وخليجية إلى بيروت بعدما بدا أن خطة الإنقاذ العالمية عاجزة عن معالجة الأزمة المالية. وأوضح أن المصارف اللبنانية بقيت في منأى عن قضية الائتمان العقاري وأقامت عازلا عن هذه الصكوك المالية بفضل السياسة المتبعة من قبل حاكم مصرف لبنان رياض سلامة الذي تنبه باكرا إلى أزمة الرهن العقاري، التي ظهرت بوادرها في تموز (يوليو) 2007، فبادر مع لجنة الرقابة على المصارف إلى تنظيم عملية التسليف العقاري غير السكني وخصص نسبة محدودة من الأموال الخاصة لأي مشروع عقاري ممول من المصارف. وفي هذا السياق لفت إلى مجموعة من التشريعات الموجودة لدى مصرف لبنان كمشروع قانون في الأسواق المالية معتبرا أنه إذا تم إقرارها فقد تعزز تطوير الأسواق المالية في لبنان ورقابتها. وشدد على عدم وجود أي أخطار على الودائع في لبنان، مؤكدا أن النظام الاستثماري في لبنان أثبت أنه مجد رغم ارتفاع نسبة الدين الذي يشكل عادة خطرا لدى المستثمر، لكن إدارة هذه الأمور خلال السنوات الماضية أثبتت قدرة لبنان على تخطي الصعوبات والتكيف مع الأزمات.
وإذ اعتبر أن الأزمة الحالية قد كشفت مصارف ومؤسسات مالية عالمية في أمريكا وأوروبا وآسيا، توقع أن تستمر سنوات قبل أن يتمكن الاقتصاد العالمي من الخروج منها. كما تحدث عن عملية تغيير شاملة للنظام المصرفي العالمي بهيكليته وخريطته وذلك بعد نهاية الأزمة. ولاحظ أن انعكاسات محدودة ستبقى تسجل في المنطقة العربية تظهر من خلال الركود في قطاعات عدة. أما بالنسبة للبنان فإن البورصة قد تأثرت من خلال المضاربات وخفض أسعار الأسهم وحجم التداول، كذلك القطاع العقاري الذي بدأ يسجل جمودا في حركة الاستثمار مما قد يؤدي لاحقا إلى تراجع ينعكس انخفاضا في ميزان المدفوعات اللبناني نتيجة تراجع النمو وانكماش نمو المداخيل في دول الخليج للعاملين اللبنانيين وبالتالي انخفاض قيمة التحويلات التي تخطت ثمانية مليارات دولار سنويا.