3 عوامل ترفع درجة التشاؤم في الأسواق .. وصناديق التحوط تكثف مبيعاتها
شهدت أسواق الأسهم العالمية تراجعاً حاداً أمس الأول حيث كشفت البيانات الاقتصادية الضعيفة الصادرة من أوروبا والنتائج المتواضعة لأداء الشركات في كل من آسيا وأمريكا أن الركود أصاب جميع اقتصادات العالم، كما ارتفعت من المخاوف بشأن عمقه ومدة بقائه. وقد صحبت تلك التراجعات تذبذبات عنيفة في أسعار العملات، حيث ارتفعت قيمة الدولار والين الياباني بصفة خاصة بدرجة كبيرة، كما صحبتها انخفاضات في أسعار النفط على الرغم من قرار أوبك خفض حجم إنتاجها. ونتوقع في ظل التراجع المستمر في أسعار النفط وكذلك في أسواق الأسهم العالمية افتتاح سوق الأسهم السعودية صباح السبت على انخفاض حاد، وذلك حسب تقرير أصدرته "جدوى للاستثمار".
هبط كل من مؤشري إس آند بي 500 وداو جونز الأمريكيين أمس الجمعة بنسبة 3.5 في المائة مسجلين أدنى مستوياتهما منذ نيسان (أبريل) 2003، وكذلك كان الوضع في أسواق الأسهم الآسيوية التي هبطت إلى مستويات لم تبلغها منذ سنوات، حيث انخفضت أسواق اليابان بنسبة 9.6 في المائة، وهونج كونج بنسبة 8.3 في المائة، وكوريا الجنوبية بنسبة 10.6 في المائة، وسجلت الأسواق الأوروبية تراجعات حادة، فانخفضت سوقا ألمانيا وبريطانيا بنسبة 5 في المائة لكل منهما وانخفضت سوق فرنسا بنسبة 3.5 في المائة.
ويمكن تلخيص العوامل الرئيسية التي أسهمت في ارتفاع درجة تشاؤم المستثمرين أمس في التالي:
- أظهرت مقاييس الثقة بالاقتصاد وأسواق المال في أوروبا أن إنتاج القطاع الخاص يتراجع حالياً بأسرع معدلاته منذ عشر سنوات.
- ورود أخبار سيئة عن قطاع الشركات عبر عدد من الدول وفي مجموعة من الصناعات، فعلى سبيل المثال أعلنت شركة سامسونج عن انخفاض كبير في أرباحها وقدرت شركة سوني انخفاض أرباحها بالنصف بينما ذكرت شركة كرايسلر أنها تعمل على إلغاء خمسة آلاف وظيفة.
- انكماش الاقتصاد البريطاني بنسبة 0.5 في المائة في الفصل الثالث وهو معدل أسرع مما كان متوقعاً، وهي المرة الأولى التي ينكمش فيها الاقتصاد منذ 16 عاماً.
وحفزت صناديق التحوط على عمليات البيع المكثفة في الآونة الأخيرة حيث تعرضت عملياتها إلى خسائر كبيرة نتيجة الضغوط في أسواق المال، خصوصاً أن عديدا منها يعتمد على الاقتراض. ونتيجة لتدهور أدائها فقد شرع كثير من هذه الصناديق يعد نفسه لمواجهة طلبات المستثمرين لاسترداد أموالهم وذلك من خلال تسييل أصولها المتعثرة.
وقد أسهمت عمليات البيع المكثفة بواسطة صناديق التحوط في التقلبات الحادة في أسواق العملات، فقد سجل الين الياباني يوم الجمعة أعلى مستوى له مقابل الدولار طيلة 13 عاماً وأعلى مستوى له مقابل اليورو تاريخياً، حيث شرع المستثمرون في عكس أوضاع محافظهم التي تستثمر في فروقات فوائد العملات Carry trades وقد انتشرت استراتيجية الاستثمار في فروقات فوائد العملات بصورة كبيرة في السنوات الأخيرة، وهي تتلخص في الاقتراض بالعملات ذات الفائدة المنخفضة (خصوصاً الين الياباني) واستثمار المبلغ المقترض في بلد آخر تكون الفوائد فيه أكثر ارتفاعاً. والآن في ضوء تنامي حالة الحذر من المخاطر شرع المستثمرون في هذه الأدوات في تسوية أوضاعهم مما أطلق موجة كبيرة من عمليات شراء الين. الدولار أيضاً آخذ في الارتفاع بينما سجل الجنيه الاسترليني أكبر تراجع له في يوم واحد على مدى 16 عاماَ عقب صدور بيانات النمو الاقتصادي السلبية أمس. أيضاً تعرضت عملات أهم دول الأسواق الناشئة للهجوم حيث فقد كل من الوون، عملة كوريا الجنوبية والريال البرازيلي نحو 20 في المائة من قيمتيهما.
واصلت أسعار النفط تراجعها أمس بالرغم من اتفاق أعضاء أوبك على خفض الإنتاج بمعدل 1.5 مليون برميل يومياً ابتداء من مطلع تشرين الثاني (نوفمبر). ويشعر أعضاء أوبك بالقلق إزاء الهبوط السريع في أسعار النفط التي تراجعت إلى النصف منذ تموز (يوليو) ويأملون تحقيق الاستقرار في الأسعار من خلال التزام جميع الأعضاء بحصص الإنتاج بعد قرار الخفض. ورغم أن خفض الإنتاج كان ضمن توقعات السوق فقد تراجع سعر خام غرب تكساس القياسي بنسبة 5.7 في المائة إلى 63.34 دولار للبرميل مسجلاً أدنى سعر له منذ أيار (مايو) 2007.