ارتفاع سعر الدولار يهدد الصادرات الأمريكية
يهدد الارتفاع القوي في سعر الدولار بالحد من الصادرات الأمريكية، التي شكلت محرك الاقتصاد الأول في العالم في الأشهر الماضية، في وقت تعاني فيه أساسا تباطؤ النشاط الاقتصادي في العالم.
وسجل سعر الدولار انتعاشا قويا منذ منتصف تموز (يوليو) فارتفع سعره بنسبة 20 في المائة مقابل اليورو الذي تدنى من 1.60 دولار إلى أقل من 1.30 دولار، وبنسبة 20 في المائة مقابل الجنيه الإسترليني و15 في المائة مقابل الفرنك السويسري.
وحذر مارك بادو المحلل في شركة كانتور فيتزجيرالد من أن "عديدا من الشركات الكبرى المتعددة الجنسيات ستتأثر بارتفاع سعر العملة: سنشهد انخفاض الصادرات إلى أرقام توازي ركودا اقتصاديا".
والواقع أن أي ارتفاع في سعر الدولار يضعف إسهام التجارة الخارجية في النمو الأمريكي في وقت كان هذا الإسهام أساسيا خلال الفصول الأخيرة التي شهدت فترات تراجع في الاستهلاك الداخلي.
وستتراجع حركة تصدير المنتجات الأمريكية إلى الاتحاد الأوروبي عن المستويات الاستثنائية المسجلة في الآونة الأخيرة وقد وصلت إلى أوجها في تموز (يوليو) حيث سجلت 23.8 مليار دولار، قبل أن تتراجع في آب (أغسطس) إلى 23.6 مليار دولار بحسب آخر أرقام تم إحصاؤها.
ومن الأمثال على هذا التراجع أن مجموعة أمازون كوم للبيع على الإنترنت خفضت توقعات مبيعاتها الأربعاء مبررة ذلك بـ "تغيير كبير في أسعار الصرف". وقال الخبير الاقتصادي نايجل غولت من مجموعة غلوبال اينسايت إن "الولايات المتحدة سجلت تحسنا في قدرتها التنافسية بفضل تراجع الدولار منذ 2002. ونحن الآن نسلك الطريق المعاكس".
والأمريكيون بحاجة إلى دولار ضعيف في مواجهة الصين أيضا حيث إن صادراتها إلى هذا البلد لا تتعدى خمس وارداتها منه وقد بلغت هذه النسبة في آب (أغسطس) 6.5 مليار دولار مقابل 31.8 مليار دولار.
غير أن الخزانة الأمريكية لا تبدي تشددا حيال بكين على الصعيد المالي، وأعرب الوزير هنري بولسون الثلاثاء الماضي عن ارتياحه لرفع سعر اليوان في السنوات الأخيرة وقد ازداد بنسبة 7 في المائة منذ مطلع العام، في حين أن مساعده روبرت كيميت طالب قبل سنة بتسريع رفع سعر العملة الصينية.
ويكمن بصيص الأمل الوحيد على هذا الصعيد في تراجع سعر الدولار بمعدل 8 في المائة بالنسبة إلى الين الياباني الذي يعد ملاذا عند وقوع أزمات، في حين أن الميزان التجاري الأمريكي مع اليابان يسجل عجزا.
لكن المحللين يشيرون إلى أن الارتفاع المحدود في سعر الين والمشكلات الاقتصادية في اليابان قد يجعلان تأثير هذا الارتفاع ضعيفا إلى حد يكاد لا يذكر.
وقال نايجل غولت إن "الخطر على الصادرات الأمريكية في المستقبل القريب لا يكمن في العملة بل في تباطؤ الاقتصاد العالمي".
وتابع الخبير الاقتصادي أن "تبدل أسعار العملات سيأتي بتأثيره بشكل بطيء إنما مطرد خلال عام 2009". وفي مطلق الأحوال، فإن الولايات المتحدة لم تعد تعتمد كثيرا على باقي العالم لتعزيز نموها.
وقال رئيس الاحتياطي الفيدرالي (البنك المركزي) بن برنانكي الأسبوع الماضي إنه "حتى لو بقيت التجارة الخارجية عاملا إيجابيا للاقتصاد الأمريكي، فان مساهمتها في النمو الأمريكي ينبغي أن تكون أقل حجما في وقت يتباطأ فيه النمو العالمي".
وكتب الخبير الاقتصادي الأمريكي ديفيد هايل في مجلة تايم "المسألة ليست أن الناس يريدون أموالا بالدولار بقدر ما أنهم يفضلون ذلك على امتلاك أموال بعملات أخرى".