عناصر العرض والطلب تعود لقيادة أسواق النفط بعد خروج المضاربة
تأمل منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك) أن يسهم قرارها الذي اتخذته الجمعة الماضي في خفض الإنتاج 1.5 مليون برميل يوميا اعتبارا من الأول تشرين الثاني (نوفمبر) المقبل في وقف التدهور المستمر لأسعار النفط لكن يبدو أن تأثير الأزمة المالية العالمية قد يكون أكبر من قرارات "أوبك".
وتواجه الاقتصاديات الغربية وخصوصا في الولايات المتحدة خطر الركود الاقتصادي بعد أن أخذت أزمة الرهون العقارية الأمريكية أبعادا جديدة مع استمرار هبوط معظم البورصات العالمية.
وتخشى الدول المصدرة للنفط من أن يؤثر الركود الاقتصادي المحتمل على الطلب العالمي في النفط وهو ما سيؤدي إلى مزيد من تراجع الأسعار.
في الوقت نفسه لا ترغب دول "أوبك" في ارتفاع مبالغ فيه في أسعار النفط يمكن أن يؤثر سلبا في النمو في الاقتصاد العالمي خصوصا في ظل أزمة مالية يخشى الجميع تداعياتها.
وتراجعت أسعار النفط منذ تموز (يوليو) الماضي من مستوى 147.5 دولار للبرميل إلى ما دون السبعين دولارا قبيل اجتماع "أوبك" أمس الأول.
وسجل سعر الخام الأمريكي الخفيف في التعاملات الآسيوية يوم الجمعة وبعد قرار "أوبك" مباشرة انخفاضا جديدا من 68.34 دولار للبرميل ليصل إلى 64.75 دولار للبرميل، كما انخفض مزيج بحر الشمال بنفس القيمة تقريبا.
وانخفض مزيج برنت أكثر من أربعة دولارات أيضا ليستقر سعر برميل النفط عند 61.8 دولار للبرميل.
وقال عضو المجلس الأعلى للبترول موسى معرفي لوكالة الأنباء الكويتية (كونا) إن الركود الاقتصادي الحادث في الولايات المتحدة مخيم على أسواق النفط العالمية، مشيرا إلى إن هذا الركود أدى إلى تقليص كمية النفط المستهلكة في أمريكا التي تعتبر أكبر مستهلك للنفط في العالم.
وأوضح معرفي أن العناصر الحاكمة الآن لسوق النفط هي عناصر العرض والطلب بعيدا عن المضاربات، مبينا أن هناك كميات كبيرة من النفط الخام موجودة في الأسواق.
وأشار إلى أن هناك أسئلة تدور في الأسواق حول مدى التزام دول "أوبك" بخفض الحصص المقررة لكل دولة من الدول ولاسيما مع عدم تجاوب الدول المصدرة للنفط من خارج "أوبك" مع هذا الخفض باتخاذ خطوات مماثلة.
كما أشار إلى أن الركود الأمريكي من شأنه أن يؤثر أيضا في استهلاك كثير من الدول الكبرى المستهلكة مثل الصين التي تقوم بتصدير كثير من منتجاتها إلى الولايات المتحدة، مبينا أن الركود الأمريكي سيقلل الطلب على المنتج الصيني وهو ما من شأنه خفض الإنتاج في الصين وهذا يعني خفض استهلاك النفط.
وكان صندوق النقد الدولي قد توقع في الثامن من تشرين الأول (أكتوبر) الجاري أن يشهد النمو العالمي تباطؤا كبيرا في أواخر عام 2008 قبل أن يبدأ في تحقيق انتعاشة متواضعة خلال النصف الثاني من عام 2009.
وقال الصندوق إن النمو في الاقتصاديات المتقدمة سيسجل مستويات قريبة من الصفر حتى منتصف 2009 على الأقل بينما ينخفض النمو في البلدان الصاعدة والنامية ليصبح أقل بكثير من المعدلات المسجلة في الماضي القريب.
وتعلن "أوبك" دائما أنها لا تتدخل في تحديد أسعار النفط في الأسواق وإنما تهدف إلى ضمان توافر هذه المادة الحيوية في الأسواق العالمية بشكل كاف.
وقال رئيس "أوبك" شكيب خليل يوم الجمعة الماضي إنه لا يشعر بالقلق لاستمرار أسعار النفط في الانخفاض حتى بعد قرار خفض الإنتاج، مشيرا إلى أنه من السابق لأوانه معرفة أثر القرار في الأسواق.
في المقابل أكد رئيس الإكوادور رافائيل كوريا أمس الأول السبت أن قرار منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك) خفض إنتاجها يمثل بالنسبة لبلاده "تضحية مقبولة إلى حد ما" ولكنه سوف يجلب فوائد اقتصادية.
وأشار كوريا، في برنامجه الإذاعي والتلفزيوني الذي يبث أيام السبت، بشأن قرار "أوبك" بخفض إنتاج النفط لتحقيق استقرار الأسعار إلى أن الإكوادور "هي أقل منتج للنفط داخل منظمة أوبك" ولذا فقد أعرب عن ثقته بعدم قيام المنظمة بخفض إنتاجها.
وقال رئيس الإكوادور: "نعتقد أننا لن نقوم بخفض الإنتاج ولكن إذا لزم الأمر واضطررنا إلى خفض أقل من 2 في المائة فإن هذه تعد تضحية مقبولة إلى حد ما".
وأوضح كوريا أن خفض إنتاج بلاده اليومي، الذي بلغ في الأيام الأخيرة 501 ألف برميل نفط، سيصل إلى 493 ألف برميل.
وأضاف "إنه تخفيض بأقل من 2 في المائة ولكن إذا ارتفع السعر بنسبة 20 في المائة، فإنه قرار جيد، مما يعني أننا سوف نخسر 2 في المائة من كمية الإنتاج ولكننا سوف نكسب 20 في المائة في السعر" بما يعني زيادة الدخل بنسبة 18 في المائة".
وأشار كوريا إلى أن خفض الإنتاج يأتي في الوقت الذي تقوم فيه شركة بترو إكوادور" الحكومية للنفط بتحسين عمليات استخراج البترول.
وأضاف أن هذا الخفض لن يؤثر في البلاد، مشيرا إلى وجوب مشاركة الشركات الخاصة في هذا الأمر.