الدولار يسجل أعلى مستوى في عامين .. ومجموعة السبع قلقة على الين
حذرت مجموعة الدول السبع الصناعية الكبرى أمس من أن ارتفاع الين يشكل تهديدا للاستقرار المالي والاقتصادي في الوقت الذي تسعى فيه أغنى دول العالم لتنسيق جهودها في مواجهة أسوأ أزمة مالية منذ 80 عاما.
ورغم تلك التحذيرات من التقلبات المفرطة للعملة اليابانية، واصل الين ارتفاعه أمس، في حين بلغ الدولار أعلى مستوى في عامين أمام اليورو مع تهافت المستثمرين على التخلص من الاستثمارات التي تنطوي على مخاطر أعلى. وحام الين قرب أعلى مستوى في 13 عاما أمام الدولار ولكنه بلغ أعلى مستوى منذ أيار (مايو) 2002 مقابل اليورو.
وظهرت دلائل على أن الأزمة تواصل انتشارها في العالم إذ خفضت كوريا الجنوبية أسعار الفائدة وتدخلت أستراليا في سوق العملة وحثت دول الخليج العربية على الإسراع بالوحدة النقدية وعمل صندوق النقد الدولي على إنقاذ المجر وأوكرانيا.
وبعد أن أصبح من المؤكد تقريبا أن مجلس الاحتياطي الأمريكي سيخفض الفائدة في وقت لاحق هذا الأسبوع لمّح رئيس الوزراء البريطاني جوردون براون إلى إجراءات أوسع نطاقا من جانب البنوك المركزية على مستوى العالم.
وقال براون لهيئة الإذاعة البريطانية "بي. بي. سي": الآن التضخم سيبدأ في التراجع فعليا على مدى الأشهر القليلة المقبلة, وهذا سيعني أن هناك فرصة أكبر أمام السلطات النقدية على مستوى العالم ومنها بنك إنجلترا لاتخاذ قرارات بشأن الفائدة".
وواصلت أسواق المال رد فعلها العنيف على الأزمة المالية والكساد العالمي. وانصب الاهتمام على اليابان بعد أن اختص بيان لمجموعة السبع الين بالذكر ما أثار تكهنات بشأن أول تدخل لبنك اليابان المركزي في سوق العملة منذ أربع سنوات.
وقالت المجموعة التي تضم الولايات المتحدة واليابان وألمانيا وبريطانيا وفرنسا وإيطاليا وكندا "نحن قلقون بشأن الاضطرابات العنيفة في الفترة الأخيرة في سعر صرف الين وأثرها السلبي المحتمل في الاستقرار المالي والاقتصادي".
وكان ارتفاع الين السريع بنسبة 12 في المائة أمام الدولار قد هدد صادرات اليابان في الوقت الذي يوشك فيه ثاني أكبر اقتصاد في العالم على الدخول في حالة كساد. غير أن الدولار يرتفع أمام العملات الرئيسية باستثناء الين لذلك ثارت بعض الشكوك بشأن احتمال اتخاذ إجراء منسق.
ومن ناحية أخرى قالت وسائل إعلام يابانية إن ثلاثة من أكبر بنوك البلاد هي ميتسوبيشي يو. إف.جي وميزوهو وسوميتومو ميتسوي تتطلع لجمع أموال لتعويض تراجع أسهمها. وقال رئيس الوزراء تارو اسو بعد اجتماع طارئ للحكومة إنه سيوسع نطاق خطة تسمح للبنوك بالحصول على تمويل عام وسيشدد القواعد على بيع الأسهم على المكشوف.
من ناحية أخرى لجأت كوريا الجنوبية إلى خفض الفائدة بمعدل قياسي وتدخل البنك المركزي الأسترالي لدعم عملته لليوم الثاني في حين يجاهد صناع القرار في مواجهة الأزمة التي بدأت قبل 15 شهرا والتي أطاحت بثقة المستثمرين وهددت بكساد كبير.
وقال لي سيونج تاي محافظ البنك المركزي الكوري الجنوبي في مؤتمر صحافي بعد أن خفض سعر الفائدة 75 نقطة أساس إلى 4.25 في المائة "خفض الفائدة الذي جاء أكبر من المتوقع اليوم يهدف إلى المساعدة على منع تباطؤ حاد في الطلب المحلي والاقتصاد بشكل عام".
وتوجهت الدول النامية إلى صندوق النقد الدولي لمساعدتها في مواجهة أسوأ أزمة مالية عالمية منذ الكساد العظيم في ثلاثينيات القرن الماضي.
وقال صندوق النقد إنه توصل إلى اتفاق مع المجر بشأن "خطة مالية كبيرة" في الأيام القليلة الماضية تشمل تمويل من جانب الاتحاد الأوروبي وبعد الحكومات الأوروبية المنفردة.
واتفق الصندوق على تقديم قرض قيمته 16.5 لأوكرانيا الأحد. وتضررت الأسواق الناشئة بشكل خاص. فأغلقت الأسهم الصينية على أدنى مستوياتها في 25 شهرا وتحدث بعض المحللين عن بيع بسبب الفزع.
وحذر تشو شياو تشوان رئيس بنك الشعب الصيني "البنك المركزي" الأحد من المخاطر المقبلة على أكبر الأسواق الناشئة. وقال "قوة الدفع الرئيسية للاقتصاد لم تتغير. لكن من أجل مواجهة العديد من العوامل القائمة المثيرة للاضطرابات وعدم التيقن من الضروري زيادة وعينا بالمخاطر والتعامل مع التحديات والقيام بعمل قوي في التحضير لمواجهة الصعوبات المحتملة".
وتؤثر الأزمة في مختلف أرجاء العالم. فقالت دول الخليج العربية المصدرة للنفط في اجتماع استثنائي يوم السبت الماضي إنها اتخذت بالفعل خطوات كافية للتعامل مع أثار الأزمة المالية العالمية, لكن الاضطرابات في أسواق العالم أعطت أهمية جديدة لسرعة تنفيذ الوحدة النقدية.
وقال بنك الاستثمار السويدي كرنيجي أمس إنه حصل على قرض بقيمة مليار كرونة سويدية (126 مليون دولار) من البنك المركزي انتظارا لتنفيذ خطة ضمان حكومية. وبدأت بنوك إقليمية أمريكية أصغر حجما كذلك في طلب المساعدات من الحكومة الأمريكية. وقال بنك فيفث ثيرد بانكورب الأحد إنه طلب ضخ سيولة بقيمة 3.4 مليار دولار بعد أن هوت أسهمه الجمعة وسط شكوك في قوة بنوك أوهايو أثر موافقة منافسه الإقليمي ناشيونال سيتي كورب على عملية لشرائه.
وبلغ الين أعلى مستوى في 13 عاما أمام الدولار وأعلى مستوى في ستة أعوام مقابل اليورو ووصل إلى مستويات مرتفعة أمام عملات أخرى في موجة الصعود التي قفز فيها 20 في المائة هذا الشهر.
وقال متعامل في لندن "إننا نشهد المزيد من الأمر نفسه.. فقد أصدر البيان الختامي لمجموعة السبع واليابان أنواعا شتى من التحذيرات, ولكن إذا كان الناس يقبلون على تفكيك المراكز وسط حالة من الجزع فلابد أن يفعلوا ما يتعين عليهم".
وقال وزير المالية الياباني شويتيشي ناكاجوا أمس، "إنه يتابع تحركات العملات باهتمام كبير". لكن بعض المحللين قالوا إنه في حين أن احتمال التدخل في سوق العملات بات أقرب الآن فإن الأمر قد يستغرق بعض الوقت قبل أن تتحرك السلطات.
وأثناء التعاملات هبط الدولار 1.8 في المائة مقابل الين عن مستواه في أواخر المعاملات الأمريكية الأسبوع الماضي ليصل إلى 92.49 ين بعد أن ارتفع إلى 94.50 ين عقب تحذير مجموعة السبع.
وانخفض اليورو 3.4 في المائة إلى 114.95 ين بعد أن بلغ أدنى مستوى في ست سنوات ونصف السنة عند 113.64 ين. ومقابل الدولار هبط اليورو أكثر من 2 في المائة ليقترب من أدنى مستوى في عامين ونصف العام عند 1.2335 دولار. كما ارتفع الدولار أمام معظم العملات الأخرى حيث بلغ أعلى مستوى في ستة أعوام مقابل الجنيه الإسترليني مع إقبال المستثمرين على تفكيك مراكز في أسواق كثيرة.