سوء تخزين الدواءأشد خطرا من انتهاء صلاحيته
يقترف كثير من مستهلكي الأدوية أخطاء اعتيادية في طرق تخزين الدواء جراء جهل وعدم إلمام بطرق حفظه "قبل وأثناء وبعد الاستخدام" ما ينذر بخطر يهدد أجسادهم ويفاقم الأزمة المرضية.
ويشدد خبراء ومختصون وصيدليون على أن سوء تخزين الأدوية أشد خطرا على جسم الإنسان من انتهاء الصلاحية، لافتين إلى أن تغير الشكل الخارجي للدواء دليل على رداءة حفظه.
وبين هؤلاء الخبراء أنه يجب استشارة مركز معلومات الأدوية والسموم عند تغير لون الدواء أو شكل العبوة قبل استخدامها، منبهين إلى أن كثيرا من المرضى لم تتحسن حالتهم المرضية بسبب رداءة التخزين وذهاب فاعليته تماما.
واعترف كثير من مستهلكي الأدوية أنهم لا ينظرون إلا إلى تاريخ العبوة، مشيرين إلى أن طريقة تخزين الدواء لا تهمهم كثيرا ولا سيما أنهم يثقون بالصيدلي الذي يصرف لهم الدواء ثم يلقون به في أي مكان بعد الاستخدام.
أكد الدكتور الصيدلي عبد اللطيف بن أحمد آل غيهب وكيل كلية الصيدلة في جامعة الملك سعود، أنه بعد تصنيع الدواء فإن أي تغير في الشكل الخارجي للمستحضر قد يكون دليلا على حصول تغير في تركيبة المستحضر نتيجة لتفاعلات معينة بسبب سوء ظروف التخزين.
وشدد على أنه يجب على المريض الاهتمام أكثر في معرفة ظروف التخزين لكل دواء مصروف له، ومدة الصلاحية وكذلك طرق تناول العلاج حتى تتم الاستفادة من العلاج بالطريقة الصحيحة وعدم تكديس أصناف الأدوية، ويجب أخذها خلال فترة الصلاحية والمبينة على العبوة الخارجية للمستحضر.
وقال الغيهب: المستحضرات الصيدلانية ذات الادعاءات الطبية بكل أشكالها سواء أشربة أو أقراص أو حقن أو كريمات ومراهم تُصرف للمريض لمعالجة أعراض ومسببات المرض التي يشكو منها، وكل هذه المستحضرات لديها تاريخ إنتاج وصلاحية، وتحديد هذه التواريخ يعتمد على الطريقة الفنية التي تم فيها التصنيع وكذلك دراسة ثباتية المستحضر، أي بمعنى أن يكون المستحضر ثابت الفعالية والتأثير خلال فترة معينة، وهذه تختلف من مستحضر إلى آخر ومن شكل إلى آخر حسب عناصر تركيبة المستحضر، فيلاحظ المريض أن الدواء مدة صلاحيته تختلف وكذلك طرق تخزينه مختلفة، فبعضها يوضع في الثلاجة وبعضها يوضع في درجة حرارة الغرفة وبعضها يحفظ بعيداً عن الضوء والرطوبة وبعضها يستخدم مرة واحدة عند فتح العبوة وبعضها يستخدم لعدة مرات لاحتوائه على مواد حافظة.
التواصل مع مركز معلومات الأدوية والسموم
ونصح الغيهب جميع المرضى بضرورة استشارة الصيدلي عند أي لبس حول ظروف التخزين للأدوية المصروفة له وكذلك الاتصال على أقرب مركز لمعلومات الأدوية والسموم حول ملاحظة أي تغير في لون العبوة أو المحلول أو القرص أو الكبسولة أو انتفاخ في العبوة نتيجة لتعرضها للشمس أو الرطوبة.
وأوضح أن اتباع المريض لإرشادات الصيدلي سوف تساعده على المحافظة على ثباتية العلاج الموصوف له من خلال الدراية التامة بظروف التخزين لكل مستحضر، وهذا يعطي المريض الاستفادة القصوى من الأدوية خلال فترة العلاج. فالصيدلي هو صمام الأمان في العملية العلاجية، فتوجيهاته هي المعلومة الأخيرة التي تصل للمريض ومن ثم يبدأ مرحلة العلاج الشافية - بإذن الله.
في السياق ذاته، حذر محمد التو يجري صيدلي قانوني في مستشفى الصحة النفسية من وقوع الكثير من المرضى في خطأ شنيع بسوء حفظهم للأدوية، ما منع كثيرا منهم من الشفاء بعد مشيئة الله فهم يتناولون الدواء بتاريخ ممتاز ولكنه فقد كامل فعاليته بسبب تخزينه السيئ، وهناك حالات كثيرة أشرفنا عليها، خاصة عندما يشتكي أحد المرضى من عدم تحسنه رغم استخدامه للدواء لفترة طويلة.
مرافق مع المريض لحفظ الدواء
وطالب بأهمية وجود مرافق خاص مع المريض مهمته فقط حفظ الدواء ومتابعته جيدا ، خاصة أن أغلب المرضى من الشيوخ والعجائز والأطفال، وهم لا يدركون طرق حفظ الدواء ودرجة حرارته، فالأدوية تتفاوت في طرق حفظها.
وأكد التويجري أن منظمة الصحة العالمية والغذاء، دائما ما تمنح أي منتج علاجي صلاحية لثلاثة أشهر بعد انتهاء تاريخه، وذلك تحوطا ضد عدم مراعاة المرضى وتنبههم إلى ذلك.
من جهته، طالب خلف الشمري عضو لجنة مكافحة الغش التجاري في الغرفة التجارية الصناعية في الرياض بضرورة تكاتف وزارة الصحة مع وزارة التجارية لحماية مستهلكي الدواء في السعودية من سوء التخزين ورداءة النقل التي قد تفقد الأدوية كثيرا من خصائصها وفعاليتها سواء من خلال تسرب أشعة الشمس أو من أسباب أخرى، مهيبا بأهمية وجود جولات ميدانية تفتيشية لمستودعات حفظ الأدوية.
سوء التخزين أخطر من انتهاء الصلاحية
وأضاف: إن المستهلك أو ما يرغب في شراء الدواء يتفحص تاريخ صلاحيته التي قد تصل إلى إمكانية استهلاكه لسنوات مقبلة، بينما لا يدرك أن خطأ التخزين والنقل يشكلان خطورة أكبر بكثير من تاريخ الصلاحية.
وأوضح الشمري أنهم في موقعهم يسهمون في توعية المستهلك بما يجب عليه فعله، بينما لا يملكون حق التشريع أو محاسبة الجهة المسؤولة عن سوء التخزين.
ودعا الشمري إلى ضرورة تقنين استهلاك الفرد للدواء، مشيرا إلى أن المجتمع السعودي من أكثر الشعوب إسرافا في شراء الدواء، فالكميات التي تباع تفوق في مرات عديدة حاجة استهلالك الفرد، مبينا: يجب أن تباع الأدوية الغالية منها بالحبة وحسب ما يحتاج إليه الفرد، وحتى في المستشفيات الحكومية يجب أن تمنح الأدوية والحبوب بالعدد المحدد للمريض على حسب حاجته لمنع هدرها.
وأشار إلى أن أموالا تهدر بسبب عدم بيع العلبة إلا كاملة بينما قد لا يحتاج المريض منها سوى إلى عدد قليل جدا، فيرمى الباقي رغم أن سعرها مكلف.
رمي الدواء في أرفف المطبخ
في السياق ذاته، يقول المواطن صالح فهد الصديق الدائم للصيدليات ـ على حد وصفه، إنه يشتري لوالدته دواء مكونا من عبوة حبوب تستخدم لمدة سنة كاملة تستخدمه مرة واحدة قبل النوم، مشيرا إلى أن والدته ترميه في أرفف المطبخ ومتى حان موعده تستخدم حبة واحدة وتعيده حيث كان مع ملاحظة عدم تحسن حالتها بشكل جيد.
وتابع: أنا لا أعلم هل الدواء يحتاج إلى طريقة معينة في التخزين ودرجة حرارة محددة أم لا؟ ولا ندري هل الجفاف أو الرطوبة أو الضوء أو قربه من سخونة الأفران في المطبخ يؤثر فيه أم لا؟ المهم أننا نستخدمه وفق تعليمات الطبيب المحددة .. مرة أو مرتين أو ثلاث يوميا!
واقترح محمد سالم المانع وجود لائحة بالنصائح والتوجيهات البارزة على كل عبوة، عن طريقة تخزين الدواء وأهمية تبريده في الثلاجة أو في مكان بعيد عن الرطوبة التي قد تؤثر فيه.
ونبه المانع إلى أنه يجد داخل عبوة بعض الأدوية قطعة قطن فيما يجد دواء آخر مغلف بـ "قصدير" قوي يصعب فتحه، ما يدل على أهمية تخزين الدواء قبل أن يتحول إلى مادة سامة.