"شاعر العرب" بعد الختام الفاخر .. "هدفنا ليس تجاريا"

"شاعر العرب" بعد الختام الفاخر .. "هدفنا ليس تجاريا"

في احتفالية ممعنة في الأناقة ، وبحضور أهم الشخصيات التي تمثل في مجملها مشهد الشعر العامي، احتضنت الرياض ممثلة في مركز الملك فهد الثقافي المشاهد النهائية لمسابقة شاعر العرب على جائزة الشاعر الأمير محمد الأحمد السديري، والتي حصل عليها الشاعر سلطان الهاجري بشكل لا يشعر بمفاجآت من أي نوع، فيما احتوت قائمة الجوائز الكبرى الشاعر سعد بن جدلان الذي فاز بالوصافة ، والشاعر فلاح الحميداني ثالثاً، والشاعر محمد الصخابرة رابعا .تبعهم على التوالي كل من الشعراء علي سالم العتيبي ومستور المقاطي ونصار السويط وخالد الحميداني.
التفاصيل المختلفة كانت تتفق دائما على تقديم المناسبة ضمن اعتبارها القيمي وهو الوفاء لرمز شعري وثقافي شكل حضورا نوعيا في زمنه، وأسهم فعليا في رسم خريطة القصيدة النبطية في مراحل مهمة من تشكلاتها، ولهذا فقد كانت صور الأمير الشاعر ملمحاً رئيسياً في المسابقة، ليأتي الاعتبار الأدبي فيما بعد يمثله جمهور من الترقب ، وأسماء شعرية مهمة تتجول بين ممر وآخر، حفل ختامي بهندسة الدكتور صالح الشادي، الذي استعان به مجلس أمناء الجائزة لوضع اللمسات النهائية، قنوات شعرية مهمة لا وجود لها ، وعدد من الخدمات المساندة التي لم نتأكد بعد من كونها ضمت في لجانها جميع إعلاميي الرياض، والمهم أن "مجلس الأمناء" لم يكتف بالمراقبة كعادة هذا النوع من المجالس، بل تسلم زمام الأمور في الحلقات الأخيرة حتى يضمن النجاح، بعد ظهور أصوات مهمة لم تقبل الآلية السابقة التي كانت تتبعها إدارة قناة رواسي التي سحبت منها المهمة، وكان "مجلس الأمناء" قد نجح قولا وفعلا، ولضمان استمرارية النجاح في السنوات القادمة أطلقت في تلك الليلة قناة أقمار الفضائية الخاصة بالجائزة.
بدأ الأمر فعلا كمشروع يتكاتف الجميع لإنجاحه، ويلتف الجميع حوله بشكل يوحي للوهلة الأولى أن البرنامج قد عرض حلقاته جميعها في العاصمة وليس في الكويت كما حدث فعلا، كانت رعاية الحفل تعبيرا واضحا على تقدير هذا الحدث شكلا ومضمونا، فكرة وتنفيذا، حيث قام الأمير نواف بن نايف بن عبد العزيز بتشريف الحفل وتقديم الجوائز للفائزين.
وقد كانت الفقرات غنية بالمواد الفيلمية التي قدمت معلومات تاريخية وتثقيفية مهمة عن حياة الأمير السديري وأبرز خصائص تجربته الشعرية، كما قدمت بعض الأغاني الشهيرة التي كتب كلماتها بصوت الفنان محمد عبده، سبق ذلك وتخلله كلمات لنائب رئيس مجلس أمناء المسابقة الدكتور صالح بن سبعان الذي شرح بعض الجوانب المتعلقة بالجائزة وتحدث عن سعادته بما وجدت من دعم على كل المستويات ، كما وجه الدكتور تركي السديري الشكر نيابة عن كل أبناء أسرة الأمير الشاعر إلى أبناء المملكة وأسرة آل صباح وأهل الكويت وكل من أسهم في نجاح الفكرة وتحقيق الهدف الأسمى منها، فيما تحدث الشاعر عمير بن زبن صديق الشاعر الأمير مستعرضا ملامح من سيرته الإنسانية والأدبية، وقارئا نصوصا له حازت إعجاب الجمهور، ذكر كذلك أن الأمير السديري كان أول شاعر نبطي تلقى أبياته في مؤتمر خاص بالأدب الفصيح وحدث ذلك في بغداد في الستينيات الميلادية.
من جانب آخر فقد شهد المؤتمر الصحافي لقاء مفتوحا لا تنقصه الصراحة بين أمانة المسابقة ممثلة في الدكتور صالح آل سبعان وبحضور لجان التحكيم يتقدمها الشعراء الدكتور صالح الشادي ومسفر الدوسري وناصر السبيعي وإبراهيم الوافي وغيرهم، فيما كان حضور الإعلاميين مكتفيا بمتابعة ما يدور بين الشعراء المشاركين والمحكمين، حيث أثيرت بعض النقاشات المتعلقة بجوانب قانونية وأخرى تتصل بمعايير الفوز وغياب الرؤية في بعض الأمور، وقد اعتبر الدكتور آل سبعان أن الجائزة نجحت في شكلها العام بأن تنتصر للشعر كقيمة أدبية ولاسيما وهي تسعى لتحقيق منهج مؤسساتي في العمل مشيرا إلى أنها ركزت على البعد الثقافي بالدرجة الأولى ولم تتجه للجانب الربحي كما يحدث في مسابقات أخرى، وقد تحدث في هذا السياق عن نية المسابقة للتوسع في خططها الاستراتيجية لتشمل أطياف أدبية أخرى سيكون أولها الشعر الفصيح لتتبعه الرواية والدراسات النقدية والمسرح فضلا عن رغبة الاتجاه للعالم العربي وتقديم جائزة خاصة بدعم الإبداع الشبابي الواعد في مجال الأدب.
بغض النظر عن ضوء الليزر الأخضر الذي كان يوجه لأعين جمهور المسرح فقد كان الحفل ناجحا ولائقا بالحدث، أسئلة كثيرة شغلت خاطر المجلس الأخضر أيضا، والذي ضم المؤتمر الصحافي الأنيق جدا والذي انفض سامره دون مقدمات، هل سنرى فعلا مشروعاً ثقافيا قادرا على تكريس كل تلك الإمكانات ضمن حركة أدبية حقيقية تنتصر للشعر؟ لماذا يتحدث برنامج ناجح عن غيره طالما أنه يرى أنه الأفضل؟ هل كان هناك مبرر موضوعي لأن يضطر الدكتور صالح الشادي للدفاع باستماتة عن تجربة إبراهيم الوافي وتاريخ مسفر الدوسري لمجرد أن أحد الشعراء شكك في قدرات لجنة التحكيم المساندة؟
ليس مهما أن نجيب على كل ذلك، عادت بي الذاكرة إلى معرض الكتاب السابق حينما تحدث لنا الشاعر سليمان الفليح عن فكرة مسابقة شعرية ضخمة تتجه إلى إنصاف النص ولا تعبأ كثيرا بالاسم، اقترح علي الدكتور عبد الله المعيقل المشاركة في جانبها الفصيح الذي تم تأجيله لاحقا، بعد أقل من عام على تلك المواقف، نستطيع القول إننا أمام مسابقة قابلة للاشتعال الإبداعي فيما لو توافر لها مزيد من الجماهيرية وتم عرضها على شرائح أوسع، ولايمكن تماما نفي احتمالية كهذه فيما بعد، غادرت مركز الملك فهد الثقافي في نهاية المؤتمر، وجدت أحد الأصدقاء العاملين في المركز فتذكرت ملتقى الشعراء الشباب الذي شهدته أجواء شتائية مماثلة، غير أني لم أجد العامل الذي أجبته بالنفي عندما سألني في بداية الحفل"هل هذا عرس؟"

الأكثر قراءة