يزعجني ظهور شكل جديد من الإدارة كل أسبوعين
يعمل فريدموند ماليك، منذ 30 عاماً في الشؤون الإدارية، وهو رئيس مركز الإدارة في سانت جالين. وبالإضافة إلى ذلك، فهو أستاذ في جامعة سانت جالين، ولديه نحو 200 إصدار حول الشؤون الإدارية. وبدأ في تشرين الأول (أكتوبر) الماضي، بسلسلة كتاب ""Management في دار فرانكفورتر ألجيماينه للنشر. وكانت لهذه الصحيفة المقابلة التالية معه.
سؤال :- هل يوجد ما يسمى بالإدارة حقا أو مطلقا؟
جواب: أنا مقتنع بأنه يوجد شيء من ذلك، حيث يزعجني أن يتم إيجاد شكل جديد من الإدارة كل أسبوعين، حسب ما يقوله أحدهم عن التحديث الإداري، أو الإدارة العالمية، والثقافة المتعددة، وما إلى ذلك. وأنا أرى أن هذا خاطئ. وهناك أقاويل عن الإدارة الحديثة، وأنا لم أتحمّس يوماً لما هو حديث، بل للشيء الناجح والصحيح.
ما المعايير التي تنطلق منها الإدارة؟
على المعايير أن تكون كالتالي: هل هي أفضل من السابقة، أو هل تساعدني؟ وكل شيء يساعد في القدرة الوظيفية للشركة يُعد سليماً مادام ضمن إطار هذا المنطق. وعلى المرء أن يتعلم الإدارة مرة واحدة في الحياة، و لكن بطريقه صحيحة و سليمة.
ما العواقب؟
من العواقب البارزة أنه يمكننا توظيف نصف خريجي المقاعد الدراسية، ونصف مقدّمي الحلقات العلمية، أو المدرّبين. وكل هذه الجهود التي تحاول تصوير الأنماط المحددة للإدارة، ولكن ليس نقلها فعلياً.
هل هذا يعني أن 15 عاماً من الآداب الإدارية ذهبت سُدى؟
نعم، ولكن مع القليل من الاستثناءات.
ما هذه الاستثناءات ؟
هذا ما كان في السابق ضمن كتابات بيتر دركر، والاستثناء هو جيم كولينز، وغيره مثل هيرمان سيمون، حيث أود أن ألقّبه بالمبتكر، وذلك لأنه كان شجاعاً في تناوله بعض المسائل الخاصة في الإدارة.
هل المدير عامل يدوي؟
أنا أقترح أن يتم النظر إلى الإدارة كعمل يدوي، أو الابتداء بها على هذه الصورة على الأقل. واعتبارا من الفصل الثالث الدراسي يتعلّم الطلاب الحديث عن القيادة، والتصوّرات، والحكم العالمي، لكن ما يصدر عنهم لا يعدو كونهم يُنتجون فقاعات سطحيه، بدون أي فكرة عما يعنيه ذلك بالضبط. وهم لا يتعلّمون الأشياء اليدوية خلال فترة الدراسة بأكملها. ولكن لا يمكنهم أن ينظّموا اجتماعاً، فهم ليسوا في المكان الذي يمكنهم من إعداد البروتوكولات، ولا يعلمون كيف يصل المرء إلى الأهداف الصحيحة والمفيدة. وليس لديهم أسلوب عمل خاص، ولهذا أتحدث عن الأعمال اليدوية.
بماذا يُوحي مصطلح الأعمال اليدوية أيضاً؟
السبب الآخر لهذه التسمية هو أن الإدارة مصدر مهم جداً من المعرفة، ولكن النقطة الأكثر أهمية هي كيفية المعالجة والتعامل الإداري وليس الأداء فقط. والسؤال: ما هي المعالجة بالتحديد التي تجعل من الناس أكثر تأثيراً؟ إنها في الحقيقة المصادر التي يتم تحويلها إلى نتائج. هذه هي الإدارة.
ما الذي يميّز رجل الأعمال عن المدير؟
هنالك بالفعل مدير يؤدي دوره كرجل أعمال. وهنالك السيئ و الجيد من كلا الصنفين. السيد ماوخر مثلا من شركة نستلة كان مديراً رائعاً، كما كان بنفس الوقت رجل أعمال مميزاً. ولكن الفرق المهم هو نوع التقيّد والالتزام، وليست المسؤولية. ويمكن للمرء أن يعالج الأمور بكثير من الحذر، ولكن برغم ذلك يعمل على إفلاس شركته.
هل يمكن أن تبيّن مفهوم حُكم الشركة ""Corporate Governance؟
ضيّعنا من خلال هذا المفهوم الرديء "حُكم الشركات" مع خيارات الأسهم، والكثير من الفرص التاريخية الكبيرة، وذلك في تكوين مديري شركات. فعندما يُسمح للمرء بشراء الأسهم مع القروض، فلا بد أنه يشعر بما يشعر به رجل الأعمال. ولكنهم حصلوا على الأسهم كهدية، حيث تكمن هنالك مخاطرة حقيقية في ذلك.
ولكن كيف بالقليل من التحفيز المالي؟
أنا أواجه مشكلة مع الاقتصاديين، واقتصاديي التشغيل الرديئين، حيث لا يمكنهم أن يتصوّروا بأن المرء ليس له دور في الربح. وهذا هو التصوّر الكريه. وعلى رجال الأعمال أن يكونوا متكيفين مع الربح، وأن يكونوا مضاعفين للربح. ويؤمن الاقتصاديون بأن الرأسمالية هي عبارة عن نظام لا يفهم سوى الربح. ولا يمكن أن نُعرّف الرأسمالية بأنها طريق الربح، بل هي طريق القدرة على الدفع والوفاء بالالتزامات.
ما هي إذاً الحوافز لأن يُصبح المرء رجل أعمال؟
أنا أرى حافزين: فمنهم من لا يريد في حياته أبداً أن يكون له رئيس أو مدير. والشركات الصغيرة والمتوسطة في ألمانيا يمكنها أن تكسب أكثر عندما يتم تركيز أعمالها. ولكنها لا تحب القيود. والحقيقة أن الاعتماد على النفس هو بحد ذاته عبودية، ولكن يتم اختيارها ذاتياً. والحافز الثاني هو أن الذي يأخذه الناس بجديّة أكثر، هو: هنالك أناس مقتنعون بشدة بأنهم يستطيعون فهم شؤونهم أكثر من غيرهم، ويريدون إثبات ذلك.
هل من مثال على ذلك؟
دعنا نأخذ جون روكفلر، كرأسمالي حقيقي. فضمن شروط التسعينيات، وازدهار الإنترنت اليوم، ما كان شارك روكفلر بالبورصة. لماذا؟ لأنه ما كان ليعتمد على تناول الفطور أمام التلفزيون حيث يبدأ المحللون الماليون والمعلقون الماليون بالتعليق على الورقة الخضراء (الدولار)، وما كان يمكنه أن يدير شركته كذلك على هذا النحو. وكان مقتنعاً جداً بأنه يفهم سوق النفط أكثر من أي شحص آخر. وأثبت ذلك.وأصبح هو دافعه للعمل. وهذا شيء لا يذكره الاقتصاديون خلال معادلاتهم، حيث يريدون عمل معادلاتهم الخاصة، وأن يكونوا أحراراً دون رؤساء. وعليه، فإن المرء مقتنع بأن يفهم الأمور أكثر من غيره، وأنا أعتقد أن هذا هو الدافع الأكثر قوة من مضاعفة الربح.
ما الدافع لنجاح الشركات؟
أنا أعرّف نجاح الشركات بأنه تحقيق رضا الزبائن. و أسأل نفسي كيف يمكن للمرء أن يصل إلى الفكرة اللا معقولة، وذلك بجعل الناس الأثرياء أكثر ثراء، خاصةً المتداولين منهم. فمن لديه زبائن راضون فسينحني له كل صاحب رأسمال، حيث يجني من المال أكثر مما يستثمر. ومن لديه متداولون في الأسهم ليس لديه زبائن، أو على الأقل ليس إلى فترة طويلة، كما يظهر لدى العديد من النماذج التجارية للاقتصاد الجديد. والزبائن يدفعون الحسابات، ولكن المتداولين لا يعملون على تحقيق قيم إضافية كل يوم للزبائن. وفي مبدأ العمل هنا عدة عوامل أغلبها تُعد غير مفهومة بالنسبة للمحللين الماليين. فهنالك أولاً وضع السوق، ومن ثم الإنتاج التحديثي المتقدّم، والإنتاجية، وجاذبية الفئة الجيدة من الناس. وطالما أن الناس الجيدين يتركون الشركة ، فهذا يعني "حرائق تحت السقف". وبعدئذ تأتي الأمور الكلاسيكية مثل السيولة، والمال، ومن ثم الربح. وهذا هو التسلسل الذي أود أن أقترحه، والربح هو النتيجة.