خروج الاستثمارات السعودية الطبية إلى الخارج مكسب وليس هروبا
أوضح الدكتور سليمان الحبيب رئيس اللجنة الطبية في الغرفة التجارية الصناعية في الرياض، ورئيس مجلس إدارة مركز الحبيب الطبي، أن القطاعات الحكومية الطبية التي دخلت في تقديم الخدمة لم تراع التكلفة الحقيقة لأسعار الخدمات الطبية التي تقدم للمواطنين والمقيمين، موضحا أن هذه القطاعات تقدم الخدمة الآن بأقل من التكلفة دون مراعاة للجوانب المالية في تقديرات التكلفة، وأن ذلك من شأنه أن يؤثر على الاستثمارات في المجال الطبي.
ولفت رئيس مجلس إدارة مركز الحبيب الطبي إلى أن انضمام المملكة إلى منظمة التجارة العالمية يعتبر بمثابة المشجع للاستثمارات في اقتصادها، موضحا أن ذلك يضع المستثمرين في المجال الطبي أمام منافسة كبيرة مع المستثمرين الأجانب، الأمر الذي يخلق تحديات كبيرة أمام الشركات السعودية.
وأكد الحبيب أن خروج الاستثمارات السعودية الطبية إلى الخارج يعتبر مكسبا وليس هروبا، مؤكدا أن الاستثمار مع جهات عالمية في الطب والعلاج مثل الجامعة الأمريكية وجامعة هارفارد يعكس مدى قدرة القطاع الخاص الطبي السعودي على الوصول إلى العالم.
وأشار الحبيب إلى أن السعوديين بعد هذه المشاريع سيصبحون في المرتبة الرابعة في مستوى الخدمات الصحية التي تقدم في العالم، لافتا إلى أن ذلك سينعكس على مستوى الخدمات الطبية المقدمة.
وأكد رئيس اللجنة الطبية في الغرفة التجارية الصناعية في الرياض، أن مركز الحبيب يعتبر الوحيد في المنطقة الذي استطاع أن يوازي جهات لها خبرات تمتد إلى 100 عام، مشيرا إلى أنه في حالة نجاحه في دبي فسيعمل على تكرارها في مناطق أخرى من العالم.
وأوضح الحبيب أن المركز يقطع أولى الخطوات في استقطاب الكفاءات العالمية، كما أنه يتعاقد مع مجموعة من الأطباء العالميين الزائرين ذوي الخبرة والمهارة الطبية، مضيفا أن المركز يعمل حاليا على أن تمتد خدماته إلى خارج منطقة الرياض لتشمل مناطق أخرى في مختلف أنحاء المملكة، وذلك عن طريق التعاون مع مقدمي الخدمات الطبية في هذه المناطق.
قرار مجلس الوزراء المتمثل في إسناد بعض المرافق الصحية الحكومية إلى القطاع الخاص، يعتبر أولى خطوات التعاون الصحي للرفع من مستوى التنسيق الثنائي بين القطاعين العام والخاص، في رأيكم ما مدى أهمية انضمام المملكة إلى منظمة التجارة العالمية؟
> انضمام المملكة إلى منظمة التجارة العالمية بمثابة مشجع للاستثمارات في اقتصادها وهو أيضا محرك لنمو اقتصاد كبير ولإعطائه قدرة على المنافسة والتحديث المستمر، وهذا يضعنا أمام منافسة كبيرة بين الشركات السعودية والأجنبية مما يخلق تحديات كبيرة أمام الشركات السعودية، وهذا يتطلب من القطاع الخاص دراسة التزامات المملكة تجاه المنظمة بدقة والاطلاع على الاتفاقيات لمعرفة الحقوق والواجبات، واستعداد المنشآت السعودية للمنافسة العالمية وصنع مراكزها التنافسية بين الشركات الأجنبية القادمة إلى السوق السعودية.
وبهذه المناسبة أجدها فرصة مناسبة لدخول رجال الأعمال والغرف التجارية إلى عقد المزيد من اللقاءات الدورية لدراسة كل الفرص للاستفادة الكاملة من انضمام المملكة إلى هذه المنظمة العالمية.
مجلس الوزراء أصدر قراره القاضي بتخصيص عدد من المرافق الصحية الحكومية، وتزامن ذلك مع اتجاه الدولة إلى تطبيق برنامج الضمان الصحي التعاوني، ما الذي تتوقعونه لهذه المرافق، وما مدى نجاح التخصيص فيها؟
> في بداية الأمر يجب أن نتساءل هنا عما إذا كانت هذه المستشفيات الحكومية القائمة قابلة للتخصيص أم لا؟ وهذا يحتم القيام بدراسات شاملة لوضعية المستشفيات الحكومية ومن فيها من العاملين سواء من الطاقم الطبي أو الإداري وكذلك وضع الأجهزة والإمكانيات الفنية فيها. ونسأل ما مدى قابلية هذه المستشفيات الحكومية للتخصيص؟ فالتخصيص يجب أن يتوجه أساسا نحو المؤسسات الناجحة التي تحقق قدرا من الأرباح، كما في حالة قطاع الاتصالات.
في ظل الاتجاه إلى تكاتف الجهود الصحية بين القطاعين العام والخاص كيف يمكن أن يفعل هذا التعاون للارتقاء بسمعة المملكة عربيا وعالميا في المجال الطبي؟
> أعتقد أن الارتقاء بسمعة المملكة في المجال الطبي يجب أن يكون من خلال استقطاب الكفاءات الطبية العالمية وتوظيف كادر إداري من الأكفاء والمختصين، كما يجب التركيز على استخدام تقنية معلومات وقواعد بيانات متقدمة بوجود المتخصصين في مجال تقنية المعلومات، إضافة إلى أن يكون كل العاملين في القطاع الطبي من موظفي استقبال وإداريين وممرضين على دراية جيدة بكيفية استخدام وتوظيف هذه التقنيات، ويجب أيضا تحقيق أقصى درجات التعاون والتنسيق بين القطاعين الحكومي والخاص بحيث لا يكون هناك نوع من المنافسة بينهما.
في رأيك ما مدى قدرة القطاع الخاص ماليا وإداريا على تحمل مسؤولية التطوير والتحديث في حال تخصيص بعض المستشفيات الحكومية التي تتدنى فيها مستويات الكفاءة الإنتاجية وذلك بسبب استنزافها ميزانية الدولة؟
> القطاع الخاص يحتاج إلى المزيد من بذل الجهود ورفع مستوى العمل الجماعي بهدف تحمل مسؤولية التطوير والتحديث. إلا أنه من المهم أن نذكر أن القطاع الخاص في العالم كله هو الأقدر على التشغيل والإنتاج وعلى تحقيق التطوير النوعي وليس هذا في المجال الطبي فحسب بل في مختلف المجالات، ونجد أن الشركات والمصانع العاملة مجال الصناعات الحربية العالمية كلها من القطاع الخاص في حين يقتصر دور الحكومات على سن الأنظمة والتشريعات والإشراف على العمل بما يضمن حماية المستثمر والمستفيد من الخدمات على حد سواء.
بلغ حجم الإنفاق الحكومي على الخدمات الصحية في العام الماضي 30 مليار ريال، ويتوقع أن تزيد النسبة إلى أضعاف ذلك عام 2020، كما سيزيد الإنفاق الطبي للقطاع الخاص بنسبة 75 في المائة خلال العقدين المقبلين بسبب الزيادة السكانية المتوقعة، هذه الأرقام والتقديرات تضعكم أمام تحديات كبيرة، ما الذي يجب على القطاع الصحي الخاص فعله لمواجهة تلك التحديات؟
> سيكون علينا كقطاع طبي خاص أن نحاول زيادة جهودنا ورفع مستوى العمل الجماعي، ويتحقق ذلك عبر انتقاء كادر طبي عالي التأهيل ومتميز وحيازة الأجهزة الطبية الحديثة عالية التقنية ومواكبة آخر المستجدات العالمية في مجال الأبحاث الطبية، ويجب أن يكون هناك المزيد من عروض الخدمات من قبل القطاع الخاص الطبي ونأمل ألا يؤثر ذلك في الجودة، فالحفاظ على مستوى عال من الخدمات الطبية يجب أن يكون الهدف الأول لجميع منشآت القطاع الخاص الطبي.
ما مدى تأثير دخول المستشفيات الحكومية الكبرى في تقديم الخدمات العلاجية بمقابل على الخدمة في القطاع الخاص؟
> القطاعات الحكومية الطبية التي دخلت في تقديم الخدمة لم تراع التكلفة الحقيقة لأسعار الخدمات الطبية التي تقدم للمواطنين والمقيمين، فهذه القطاعات تقدم الخدمة الآن بأقل من التكلفة دون مراعاة للجوانب المالية في تقديرات التكلفة والحديث عن التدخل في أسعار الخدمات الطبية من قبل الجهات الحكومية هو الحديث نفسه الذي يؤثر في الجدية والدخول في استثمار طويل الأجل من قبل المستثمرين الذين يتمنون رؤية واضحة حول الاستثمار في القطاع الصحي، بسبب أن هذه الاستثمارات تعتبر طويلة المدى، فالمستثمر عندما يخطط للدخول في مشروع طبي فإنه يفكر ألف مرة خاصة أن هناك قنوات استثمارية في البلد عائدها أكثر وأسرع. وعدم وضوح الرؤية يعتبر معوقا لنا.
هل هناك اتجاه لخروج الاستثمارات الطبية السعودية إلى الخارج؟
> هذا الخروج يعتبر مكسبا وليس هروبا، فالاستثمار مع جهات عالمية في الطب والعلاج مثل الجامعة الأمريكية وجامعة هارفارد يعكس إلى أي مدى استطاع القطاع الخاص الطبي السعودي أن يصل إلى العالم، فالسعوديون بعد هذه المشاريع سيصبحون في المرتبة الرابعة في مستوى الخدمات الصحية التي تقدم في العالم، وأعتقد أن هذا شيء طيب لأننا استثمرنا خبراتنا بما يعود بالنفع على الجميع، كما سنستفيد من خبرات الآخرين المنافسين، وسينعكس ذلك على مستوى الخدمات، ويجب أن نكون فخورين بهذه المشاريع، فنحن الوحيدون في المنطقة الذين استطعنا أن نوازي جهات لها خبرات تمتد إلى 100 عام، وهذه خدمة للبلد وليس هروبا، وفي حالة نجاحنا في دبي فسنكررها في مناطق أخرى.
في إطار حرصكم في مركز الحبيب الطبي على تقديم أفضل الخدمات العلاجية وعبر أحدث التقنيات الطبية التي يقوم عليها نخبة من الاستشاريين في مجمل التخصصات، هل لديكم أي خطط مستقبلية من شأنها أن توفر ما يحتاج إليه المواطن من رعاية طبية على أعلى المستويات؟
المركز أعد الكثير من الخطط المستقبلية، و سنحاول تقديم أفضل الخدمات العلاجية ورفع مستوى عمل المركز بشكل عام. فنحن في أولى خطوات استقطاب الكفاءات العالمية حيث يتعاقد المركز مع مجموعة من الأطباء العالميين الزائرين ذوي الخبرة والمهارة الطبية النوعية مثل الدكتور أندرو هودج استشاري جراحة العظام والمفاصل الصناعية وهو مبتكر المفاصل الصناعية 3D التي تمكن المريض من الصلاة والمشي براحة وحرية، والدكتور باسكال كريستال رئيس الجمعية الأوروبية لجراحي العظام والحاصل على لقب أفضل جراحي العمود الفقري في ألمانيا، وهؤلاء الأطباء يعتبرون من خيرة الكفاءات الطبية العالمية. وقمنا كذلك في المركز بتوقيع اتفاقية تعاون طبي وعلمي مع مستشفى هامبورج الجامعي الذي يعتبر أحد أكبر وأهم المراكز الطبية في ألمانيا، وذلك بهدف التعاون والتنسيق مع هذا المركز الطبي العريق والاستفادة من مكانته العلمية والخبرات الموجودة فيه ورفع مستوى الكفاءة الطبية والعلمية في مركزنا. كما نسعى في المركز إلى التنسيق مع المراكز العلمية الرائدة الموجودة في المملكة، ونحاول أيضا أن تمتد خدماتنا إلى خارج منطقة الرياض لتشمل مناطق أخرى في مختلف أنحاء المملكة، وذلك عن طريق التعاون مع مقدمي الخدمات الطبية في هذه المناطق.
هل تعتقدون أن من الضرورة أن يتجه رجل الأعمال في تجارته نحو تخصصه الأكاديمي؟
لا شك أن رجل الأعمال ذي الخلفية الأكاديمية إن عمل في مجال تخصصه الأكاديمي فسيساعده على فهم العمل واتخاذ القرارات الاستثمارية، ولكن ليس بالضرورة أن يعمل رجل الأعمال ذو الخلفية الأكاديمية في تخصصه، وأعتقد أن رجل الأعمال يبحث عن المجال العملي الذي يرى فيه فرصة ناجحة.
أين تضعون مركزكم بين المراكز والمستشفيات الخاصة؟
> نحن نسعى دائما إلى أن نكون من بين المراكز والمستشفيات التي تقدم خدمة جيدة ونرجو أن نوفق لذلك.
ما مدى استيعاب أطباء جيل السبعينيات والستينيات تقنيات العصر الحديث، خصوصا من أمثالك جيل الطفرة؟
> غالبية الأطباء حافظ على علاقته بالتطور الطبي وواكب تعلم استخدام التقنيات الحديثة، فالجراحون مثلا الذين بدأوا عملهم قبل تقنية جراحات المنظار بدأوا بتعلمها إلى أن أتقنوها وهم الآن بارعون فيها.
.............................
الدكتور سليمان الحبيب رئيس اللجنة الطبية في الغرفة التجارية الصناعية عضو مجلس إدارة الغرفة في الرياض ورئيس مجلس إدارة مركز الحبيب الطبي ومن أكبر المستثمرين في القطاع الطبي الخاص.