جدل وخلافات قانونية حول لوائح تشغيل كبار السن في أوروبا
أصدرت محكمة العدل الأوروبية EUGH في الثاني والعشرين من تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي، حكما يقضي بأن القواعد الخاصة المعمول بها في ألمانيا التي تتعلق بتحديد فترة زمنية محددة لعلاقات العمل مع المتقدمين للعمل من كبار السن لا تتوافق مع القوانين الأوروبية.
وخلق هذا الحكم مشاكل كبيرة لأصحاب العمل الألمان ولا سيما الشركات التي عينت موظفين تجاوزوا 52 عاماً استنادا إلى ثقتهم في فعالية تلك القواعد الخاصة.
وكانت اللائحة المرفقة في بداية عام 2003 سمحت لمجموعة العمال هذه في الفترة لغاية 31 كانون الأول (ديسمبر) 2006 بالعمل في إطار عقود عمل محددة زمنياً دون تحديد السبب الموضوعي في ذلك أو تحديد مدة نهائية للعقد أو تحديد عدد التمديدات المسموح بها (كما هي الحال عادة). وترى محكمة العدل الأوروبية أن هذا الأمر يتضمن معاملة غير عادلة لكبار السن لا يمكن تبريرها بالقول إن الهدف منها هو إيجاد فرصة لاندماج مهني خفيف لكبار السن من العمال.
وترى المحكمة أن تلك القواعد تعرض مجموعة كبيرة من العمال كبار السن للخطر خلال جزء كبير من حياتهم المهنية لأنها تستبعد احتمال تحول هذه العلاقة إلى علاقة توظيف ثابتة.
ولا تتيح التعليمات الأوروبية مثل هذا الاستثناء في مجال حقوق المساواة في التوظيف والمهنة إلا إذا كان ذلك بسبب تركيبة سوق العمل المختصة، أو الوضع الشخصي للمعني بالأمر. ولذلك، فإن تحديد الفترات الزمنية لدى كبار السن من العاملين التي تم الاتفاق عليها في الماضي، يعتبر عملية غير فعّالة إذا لم يتم تعليلها بسبب موضوعي ، ويستثنى من هذا إن لم يكن هناك أي توظيف مسبق لدى صاحب العمل المختص. والفترة الزمنية لا تزيد على سنتين، وبثلاث مرات تمديد فقط على أكثر تقدير.
وتوصلت تحقيقات محكمة العدل الأوروبية إلى هذه النتيجة بعد أن بات على المحاكم في كل دولة أوروبية على حدة إسقاط التعليمات المخالفة للقانون الأوروبي . وفي حالة عدم تيسر ذلك يلزم المحكمة تغيير تلك التعليمات من خلال تقديم تفسير يتفق مع القانون الأوروبي.
وأقرت محكمة العدل الأوروبية سابقاً في عامي 1978 و2001 مبادئ ملائمة دون أن تلقى هذه الأمور مراعاة كبيرة. وغالباً ما كان يعتقد أن تعليمات المجموعة الأوروبية هي فقط للتفسير. ويتفق القانون الأوروبي والقوانين القائمة الأخرى على أن هذا يمكن أن يكون له تأثير في علاقة قانونية بين الزبائن في القطاع الخاص. وعندما لا تسمح اللائحة القانونية بالحكم في تعارض مع قانون المجموعة الأوروبية، يجب أولاً تحرك المشرع من أجل توضيح أسباب تتفق مع القانون الأوروبي لأطراف العقد المعنيين.
ومن الناحية العملية، فإن القرار له أهمية كبيرة لأن الفترة الزمنية المحددة للعمال كبار السن لا يمكن تبريرها بالطريقة "العادية"، دون الأخذ بعين الاعتبار ثقة صاحب العمل بعمل المشرع التي تقف في علاقة عمل غير محددة (طويلة الأمد)، ولا يمكن إنهاؤها إلا من خلال صيغة الإلغاء فقط.
ولأن الأمر من هذه الناحية يتعلق بمبدأ عام للمجموعة الأوروبية، فإنه يجب على المحاكم مراعاة ذلك قبل انتهاء فترة التحويل. وبالنسبة لتشغيل العمال من كبار في السن، فإنه نادراً ما يمكن أن تكون الإشارة التي أعطتها محكمة العدل الأوروبية مفيدة أو مجدية.
ولذلك فإنه من الضروري تفعيل الجانب قصير المدى من القانون، بحيث يسهل إبرام أو إتمام عقود عمل محددة زمنياً مع كبار السن من العاملين بشروط ميسرة. وهذا ما يسري أيضا بحيث تأخذ التعليمات الخاصة بالعمال كبار السن برغبة الحكومة الاتحادية الألمانية تمديد تلك التعليمات إلى ما بعد عام 2006. وفي الوقت ذاته تتيح إمكانية شطب فترة زمنية غير معللة بشكل موضوعي علاقات عمل آخر لصالح تمديد فترة التجربة.
وفي التعليمات الجديدة، سيتم شمول أو تناول وضع سوق عمل حقيقية أيضاً إلى جانب الربط بالعمر الحياتي. وحيث يتم اتباع تقييم نموذجي موحد، يجب تثبيت وضع مدة أعلى للفترة الزمنية، أي رقم أعلى محدد للتمديدات من أجل ألاّ تكون هناك أي مخالفة ضد تعليمات عقود العمل المحددة زمنياً. وإن تحقيقات محكمة العدل الأوروبية بخصوص عدم استعمال التعليمات الوطنية التي تقف في تعارض مع قانون المجموعة، يمكن أن يكون لها في مجالات أخرى أهمية كبرى.
وإذا ذهب المرء إلى الافتراض بعدم استعمال القاعدة القانونية السابقة للاستثناءات في بعض الحالات، فمن الممكن أن تكون جميع الاتفاقيات غير فعالة حين تتضمن استثناء وقت " الاستعداد " من إجمالي الوقت المخصص للعمل. ويعتبر العاملون في المستشفيات ومؤسسات الدفاع المدني ووحدات الإطفاء أكثر المتضررين من ذلك حيث يعتبر وقت
" الاستعداد " داخلا في حساب الوقت الكلي للعمل ولذلك فإن هؤلاء لا يلزم تشغيلهم أكثر من ثماني ساعات أو عشر (وعلى الأكثر 12 ساعة).
ومن هنا تتضح أهمية قيام المفوضية الأوروبية في بروكسل بالعمل على تغيير تعليمات أوقات العمل، وهو الأمر الذي سبق أن فشل بسبب معارضة كل من فرنسا وإنجلترا.