الأوروبيون بانتظار خطوات بنكهم المركزي نحو الإصلاح

الأوروبيون بانتظار خطوات بنكهم المركزي نحو الإصلاح

"على البنوك المركزية أن تنفذ ما تقول و لا تعلن إلا ما سوف تلتزم به " .
هذا ما ورد في تقرير شهري للبنك المركزي الأوروبي يعود إلي شباط (فبراير) 2001 في أعقاب ورشة عمل حول الاتصالات الخارجية للبنك المركزي . أما المفارقة فتكمن في التناقض الواضح الآخذ في الاتساع بين الأقوال والأفعال. والدليل على ذلك ما أثير من تقديرات كانت تتحدث عن رفع قيمة الفائدة في البنك المركزي الأوروبي مع بداية كانون الأول (ديسمبر) الجاري حسب تصريحات رئيس البنك المركزي الأوروبي نفسه جان كلود تريشيه.
وقبل ذلك ساد انطباع بوجود انقسام حول رفع سعر الفائدة وما إذا كان سيتم في كانون الأول ( ديسمبر ) أو بعدها بشهرين و ذلك من خلال التقارير الصحافية اليومية لتصريحات مجلس محافظي البنك . والآن باتت الحاجة ملحة في الحديث عن اتخاذ قرار واضح حول رفع سريع لسعر الفائدة.

ويبدو أن أهم ما في القضية هي مبررات كل طرف للدفاع عن رأيه حول رفع أسعار الفائدة ، فمعارضو اتخاذ قرار سريع برفع سعر الفائدة يشددون على تشككهم في جدوى هذه الخطوة بالنظر إلى الأوضاع الاقتصادية الحالية و من المؤكد أن هذه الشكوك موجودة بالفعل و لكن يبقى السؤال : هل سيؤدي إرجاء رفع أسعار الفائدة إلى تحقيق الأمان في الأسواق ؟
و في الواقع فإن تأخير رفع سعر الفائدة لمدة تصل إلى عامين و نصف العام تسبب في غلاء الأسعار ولهذا يجب التنفيذ الفوري لأي قرار يتعلق برفع أسعار الفائدة و ذلك بالنظر إلى العواقب التي من الممكن أن تلحق بتأخير قرارات الفائدة إلى فترة أطول. أما الأمان الإضافي والذي يتضمن الإعلان عن المزيد من المؤشرات الاقتصادية فيبدو أنه بعيد المنال حاليا فلن يتحقق ذلك الأمان المنشود إلا إذا أقرت به وأعلنته معظم المؤسسات المسؤولة عن التوقعات الاقتصادية من خلال رصد سياسات اقتصادية متطورة و مستقرة في منطقة اليورو .
ومن الممكن رصد عدم الأمان في الوضع الاقتصادي الحالي و بالمقارنة بما كان سائدا منذ منتصف عام 2003 حين رفع البنك المركزي أسعار الفائدة حينها في وقت بلغت فيه معدلات النمو أدنى مستوياتها في ذلك الوقت.وفي الوقت الراهن تسجل توقعات التضخم بعيدة المدى، قياساً مع القروض ارتفاعا يقدر بنحو 0.4 نقطة في المائة. كما أن أهم مؤشرات الاقتصاد الحالية تشير إلى صورة أكثر تفاؤلاً من السابق. وبالرجوع إلى مؤشرات البنك المركزي الأوروبي لتدفق السيولة نجد أنها حققت خلال الأشهر الأخيرة الماضية نقطة ارتفاع جديدة تضاف إلى نقطة ارتفاع أخرى سابقة.
ومن الصعب أن توصف معدلات الفائدة الحالية بأنها مناسبة كما سبق وإن حدث سابقاً في منتصف عام 2003. وفي النهاية، فإن معدلات التضخم الأساسية المتدنية لدى البنك المركزي الأوروبي في الوقت الراهن لا تترك طريقا للهدوء بل أكثر من ذلك فإن تلك المعدلات تشير ومن خلال تصريحات مقتضبة وردت في بعض التحليلات إلى تجربة كالتي حدثت مع بداية العقد التي لحقها معدل تضخم أساسي للتضخم الإجمالي المتأخّر، ولم تظهر إشارة واحدة موثوقة إلى ضغط الأسعار المتوقّع على المدى المتوسّط.
وبالنظر إلى هذا الجدل المحتدم يبدو بالفعل أن المتابعين ينتظرون من البنك المركزي الأوروبي قرارات تطبيقية تعكس التصريحات المعلنة . و من الواضح أن تصريحات تريشيه رئيس البنك المركزي الأوروبي مع بداية تشرين الثاني التي قال فيها للصحافيين، إنه لا يعرف عم يتحدثون، يعد دليلا على أن البنك المركزي الأوروبي سيحافظ على سعر الفائدة دون تغيير.

الأكثر قراءة