دراسة تحذر من التسمم بفعل مسكن آلام معروف
أفادت دراسة جديدة أنه، على الرغم من استمرار البحث لأكثر من عشر سنوات وضح خلالها أن تناول جرعات كبيرة من أحد مسكنات الآلام المعروفة يمكن أن يتسبب في تدمير الكبد، لا يزال عدد حالات التسمم الحاد، غير المقصود من هذا العقار، في ازدياد مستمر.
ويعرف العقار, أستيامينوفين, بالاسم التجاري تيلينول. إلا أن كثيرا من المستهلكين لا يعلمون أنه موجود في جرعات متنوعة ومنتشرة بشكل واسع في مئات الأدوية الخاصة بعلاج نزلات البرد الشديد ومسكنات الآلام.
وتحتوي هذه المركبات على إكسيدرين وميدول تين فورميولا وثير افلو وعقار البرد ألكا سيلتزر بلاس ونيكويل كولد آند فلو، بالإضافة إلى العقارات التي تستخدم بشكل غير رسمي والعديد من العقاقير المخدرة التي يتم وصفها للمرضى مثل فيكودين وبيركوسيت.
ويقول المشرفون على الدراسة، التي وردت في عدد كانون الأول (ديسمبر) من مجلة هيباتولوجي، إن الجمع بين الأسيتامينوفين في العقاقير العلاجية التي يتم تداولها في الأسواق دون وصف الطبيب وبين المواد المخدرة الموجودة في العقاقير التي قد تؤدي إلى الإدمان مثل الفيكودين وبيركوسيت يمكن أن يجعل ابتلاع بعض المرضى لجرعات أكبر بكثير من الحد الأقصى المسموح للجرعة دون حرص أكثر سهولة.
وذكر دكتور تيم درافين أحد المشرفين على الدراسة وإخصائي أمراض المعدة والأمعاء مع برنامج زراعة الكبد في جامعة كاليفورنيا في سان فرانسيسكو "أنه من المحبط جداً أن ترى المرضى الذين سبق وأن شعروا بتحسن منذ عدة أيام يعودون إلى المستشفى من جديد بعد مغادرتهم لها، وهم الآن في حاجة إلى كبد جديد. فلم يكن لدى أغلبهم فكرة عن أن ما يتناولونه كان من الممكن أن يكون له هذا الأثر ". بيد أن عدد حالات التسمم لا يزال صغيراً جداً بالمقارنة بملايين الناس الذين يستخدمون العقاقير غير الموصوفة طبياً والأدوية التي تحتوي على الأسيتامينوفين.
وقد تعقب دكتور درافين وفريق من الزملاء من مراكز أخرى تديرها الدكتورة آن لارسون في المركز الطبي في جامعة واشنطون في سياتل 662 حالة مرضية متتالية وضح أنها تعاني من فشل حاد في الكبد في نحو 23 مركز زراعة كبد عبر الولايات المتحدة بين عامي 1998 – 2003. ووجد العلماء أن السبب في ذلك فيما يقرب من نصف المرضى يرجع إلى التسمم بالأسيتامينوفين. حيث ارتفعت نسبة حالات التسمم المرتبطة بالعقار إلى 51 في المائة في عام 2003 بعد أن كانت تمثل 28 في المائة عام 1998.
الجدير بالذكر أن 44 في المائة من تلك الحالات التي ابتلعت حفنات كبيرة من الأقراص أقدموا على القيام بمحاولات انتحار. وذكر دكتور درافين "إن هؤلاء قد اختاروا طريقة بشعة للموت"، مضيفاً أن من ينجو من هؤلاء المرضى يعانون من تلف شديد في المخ.
وفي 48 في المائة على الأقل من الحالات الأخرى التي تمت دراستها، يحدث فشل الكبد بعد هجوم أضعف وغير مقصود من العقار خلال عدة أيام. وقال الدكتور درافين "إنني أرى بعض الشابات اللاتي كن يعانين من أعراض شبيهة بالإنفلونزا خلال الجزء الأفضل من الأسبوع، وكن لا يأكلن كثيراً. ثم بدأن باستخدام التيلينول، ويمكنك أن تضيف على رأس ذلك أحد عقاقير الإنفلونزا غير الموصوفة طبياً التي يتم تداولها في الأسواق، وبعد فترة قصيرة فمن المحتمل أنهن أصبحن يتناولن ستة جرامات من الأسيتامينوفين في اليوم الواحد واستمر ذلك لعدة أيام. وهي مدة يمكن أن تكون كافية في حالات نادرة للزج بهن في دوامة التعرض لفشل الكبد".
ويحتوي كل قرص من أقراص القوة الإضافية تيلينول على نصف جرام، أو 500 ميلليجرام، من الأسيتامينوفين، وتحتوي أنواع مسكنات الآلام الخاصة بالتهابات المفاصل على 650 ميلليجراما منه. ويحتوي القرص الواحد من الميول تين فورميولا على 500 ميلليجرام من الأسيتامينوفين، كما هو الحال بالنسبة إلى جرعة البالغين من عقار نيكويل كولد آندفلو. وتحتوي الجرعة الواحدة من تيلينول لنزلات البرد والإنفلونزا الشديدة على 1.000 ميلليجرام. والحد الأقصى من الجرعة المسموحة للبالغين هو أربعة جرامات، أو 4.000 ميلليجرام يومياً.
وقال دكتور ويليام لي إخصائي الكبد في المركز الطبي لجامعة تكساس ساوذ ويسترن في دالاس الذي يصارع لعدة سنوات في إدارة الغذاء والدواء (إف دي إيه) كي يجعل المصنعين يقومون بوضع كلمة "الأسيتامينوفين" بأحرف كبيرة على واجهة أي عبوة تحتوي عليه "إن جزءا من المشكلة يكمن في صغر الملصقات الموجودة على هذه العقاقير". وذلك لأنه حين يبدأ المرضى في استخدام زجاجة العقار، من المحتمل أنهم سيصبحون أكثر رغبة في التوقف عن تناوله أو حساب الكميات التي يقومون بابتلاعها بالضبط".