سجلات نارنيا في بلاد العجائب

سجلات نارنيا في بلاد العجائب

"وبعد ذلك دخلت الخزانة و رَأتْ ضوءً قبلها؛ لَيسَ على بُعدِ بضع بوصات خلف الخزانةِ كَانَ يجبُ أَنْ تَكُونَ، لكن بعيدا جدا عن … وَجدتْ بأنّها كَانتْ تَقِفُ في منتصفِ غابة في الليلِ والطقس مثلج تحتها الأقدام تتعرض لهواء الثلج القارص…"
س. س. لويس من كتاب الأسد الساحرة والخزانة
قد لا أبالغ أنه من أفضل الأفلام السينمائية التي من الممكن أن يشاهدها أي شخص ومن أفضل الآداب الإنسانية التي نقلت إلى الفن السابع، هي القصة نفسها التي تروى عن أليس في بلاد العجائب وما تراه من ويلات في هذا العالم الغامض والمجهول، إلا أن الفيلم كان أكثر واقعية ورومانسية مع سجلات نارنيا للمخرج أندرو أدامسن والقصة الأصلية كما هو معروف لـ Ann Peacock، هذا الفيلم يعود بنا بالذاكرة القريبة إلى أفلام سيد الخواتم الثلاثة وما تحمله من سحر وخيال وأفكار ملحمية تم استقاؤها من الحضارات القديمة، وكذلك لما تحمله أيضاً من نزعة واضحة لإظهار مدى سيطرة التأثيرات الخاصة الكمبيوترية على نجاح العمل السينمائي في الفترة الراهنة.

إحدى أكثر مغامراتِ الخيالِ المحبوبةِ للقرنِ العشرينِ وهي حكاية خالدة يهود بها الخيالُ المطلقُ أخيراً إلى الحياةِ بأسلوب وبطريقة واقعية تذهل الجميع في نقلهم من خلال مشاهدتهم لهذا العمل إلى هذا الكيان الخيالي الذي يبنيه الطفل عن عالم السحر والحيوانات الناطقة وعن صراع الخير والشر ومكائد الساحرات وشرورهن، كل ذلك مع حفاظ الفيلم على شريحة الراشدين الذين سيتابعون العمل بجدية أكبر وأوسع من الأطفال، ولا سيما مع وجود عمل جديد وخاص للتأثيرات الكمبيوترية التي أخذت المجال الأوسع في هذا العمل ونجح القيمون عليها في إنتاج الجديد وغير المسبوق في هذا المجال.
والت ديزني بيكتشر ووالدن للمرئيات تقدم تحفة لويس الأدبية التي باعت أكثر من 100 مليون نسخة حول العالم، وذلك عبر فيلم سينمائي يمتد على مدار 135 دقيقة مشوقة تسرد قصة عائلة خلال الحرب العالمية الثانية في لندن مكونة من صبيان وفتاتي يضطر أبواهما إلى الالتحاق بالقوات البريطانية لمواجهة الأخطار التي تهدد العالم بأكمله للاستعباد والإبادة. العائلة تفقد الأم والأب ويحتم عليهم ذلك للعيش مع قريبهم العالم المسن الذي تسود في قصره قوانين قاسية وصارمة وهو الذي لم ينعم بدفء الأطفال وما يعطوه للأهل والمنزل، في أروقة هذا القصر الكبير الذي يشوبه الغموض تعثر الفتاة الأصغر في العائلة على خزانة ضخمة وعجيبة تسعى للاختباء في داخلها أثناء إحدى لعبها مع إخوتها تغوص في هذه الخزانة التي تمتد ويشتد في الظلام لتخرج وتجد نفسها في وسط غابة كبيرة مغطاة بالثلوج. أما منصة ضوء في وسطها لتتعرف مع كائنات خرافية نصف رجل ونصف حصان وحيوانات تتكلم وأخبار السحر وملك الغابة والسلطان المفقود والظلم والاستعباد والخوف والبرد القارص. لا أريد أن أكشف أكثر عن جمال هذا العمل وذلك في الإفصاح عن قصته الكاملة لذلك انتقل إلى بعد آخر يستحق المتابعة والتدقيق وهو الجانب التقني، من المعلومات المثيرة عن هذا العمل أن طاقم العمل قبل بناء هذا الفيلم قد أجروا استفتاء على مجموعة من أفكارهم في بريطانية وعلى عينة شكلها 2000 طفل بريطانية عن كيفية تعاطيهم مع هذه القصة والأمور الخيالية والجميلة التي يحلمون بها.
أيضاً في الإطار نفسه كان الحل في مؤثرات VFX هو المعروف والأكثر شهرة في هوليود روبرت زميخ ساحر سيد الخواتم الثلاثة، الذي يأتي في هذا الفيلم في الجديد وذلك عن طريق إبداع حيوانات أسطورية رجال أنصاف بشرية وحيوانية نسور عملاقة حيوانات شرسة وشريرة بشخصية ملك الغابة أصلان الذي هو في أرض الواقع أسد ضخم تم إنتاجه عن طريق مؤثرات CGI وخصائص الانطباعات الحية في التصوير الرقمي التي أعطت هذه الشخصية سحرا وواقعية في الوقت نفسه الذي أضفى عليه صوت الممثل الكبير ليام نيسن الكثير في سمة الوقار و نزعة الملوك الذي يصل وزنه في البناء الكمبيوتري إلى 500 باوند أيضا من الأمور المعقدة في إنتاج هذا العمل السمة البيضاء والثلجية التي حكمت بها الساحرة بلعنتها على مملكة نارنيا فقصرها و بعض المشاهد تطلب 7000 غالون من الناتريج ومثيلها من المياه المجدة في سبيل تقديم المنزل الزجاجي المجمد الذي نطالعه في مشاهد الساحرة.
يضيف المخرج أن هناك تحديا فعليا أمام وحدات ويتا للتأثيرات الخاصة في إنتاجية فاقت الذروة الموجودة في أي عمل شبيه من هذا النوع، ولا سيما مع إنتاج 1300 قطعة تضمنت السيوف، صولجانات، دروعا، وغيرها (إنتج خلال الفيلم 150 صدرا معدنيا وجلديا يطلي، الدرع مصنوع باليد ومسجّل براءة اختراع فيه). يضيف المخرج أن 23 شخصا أنتجوا 170 شخصية وكأن خرافيا جديدا بين استوديوهات، خاصة بين نيوزلندا وبراغ في رقم زمني قياسي اقتصر على 150 يوما فقط.
ويضيف المخرج أنه في بعض المشاهد كان على الممثل أن يلبس درعا وإضافات جلدية خاصة لشكله استغرق فقط تنفيذ اللباس في كل عملية تصوير 45 دقيقة لتجهيزه، وهنا لا بد من الإشارة إلى الممثلين الذين اضطروا إلى الظهور بملابس لاصقة فوسفورية أو خضراء في القسم السفلي من جسمهم سعيا لتنفيذ أعمال الفصل اللوني واستبدال قسمهم السفلي بجسم حصان أو غيره من الحيوانات. التعقيدات التقنية والإنتاجية كانت كثيرة في هذا العمل وهذا الأمر يتضح بشكل كبير بعد مشاهدة العمل.
من جهة أخرى وتأكيداً على الموضوعة في نقل العمل وخصائصه لا بد من الإشارة إلى مدى ضخامة الإنتاج وبراعة العمل التقني من ناحية التأثيرات التي سيكون لها تأثير كبير في مردود العمل المالي، ولا ننسى الكلاسيكية الرائعة والمرهفة التي قدمها المخرج في نظرته الإخراجية لهذه القصة المشهورة. الفيلم يحقق إلى الآن في الصالات الأمريكية ما يقارب 300 مليون دولار أمريكي في سلم العائدات.

الأكثر قراءة