المساحات غير السكنية داخل المدن تمثل مجالاً واسعاً للتوسع

المساحات غير السكنية داخل المدن تمثل مجالاً واسعاً للتوسع

يفضل معظم الناس على اختلاف أعمارهم أو ثقافاتهم أو وضعهم الاجتماعي اختيار مسكن يقع داخل حيز و نطاق المدينة و ليس على أطرافها.ولهذا السبب يزداد الطلب دائما على شراء المساكن داخل المدن ومن المتوقع أن يظل هذا الطلب في ازدياد خلال السنوات المقبلة. و لكن كيف ينبغي أن يكون رد فعل المدن ذاتها على ذلك؟
إن ثغرات البناء حالياً داخل المدن لا تمثل أي مشكلة، وذلك لأنه طبقاً للمادة 34 من قانون البناء، فإنه لا توجد أي عوائق تؤخر صدور تصريح البناء
خاصة إذا كان حجم الاستثمارات واضحا على أن تكون البنية التحتية للمبني متوافرة ووجود تنسيق لتصميم المنشأة مع الشكل المعماري العام للمدينة. لكن الكتلة الحرجة تتمثل في المساحات الكبيرة غير المستغلة فعليا مثل المباني و المنشآت الصناعية السابقة ومسارات خطوط السكك الحديدية القديمة و الثكنات العسكرية المهجورة ، وهي في غالبيتها مساحات تقدر بأكثر من 100 ألف متر مربع، وتم تصميمها لأهداف خاصة. كما أن المشاكل الفنية مثل خراب البناء على مساحات الأرض، أو أية أنقاض من الماضي الصناعي تمثل قضايا موضوعية قابلة للحل.
أما القضايا الأهم من ذلك، فتتعلق بالوصول إلي إجابات لثلاثة أسئلة :
1- ما هو حجم الانتفاع المناسب بمثل هذه المساحات من الأراضي الكبيرة، وإلى أي مدى ينبغي وضع أنواع الانتفاع التي تصلح لذلك؟
2- كم هو، وما نوع المواصلات الضرورية التي تتوافق مع ذلك؟ ما هي البنية التحتية التي يجب إحداثها من وجهة نظر اجتماعية، وهل هي دور حضانة الأطفال، أم المدارس، أم أماكن الاجتماعات والمراكز الثقافية؟
3- ما هي صورة المدينة التي يجب أن تنشأ، وما النماذج المعمارية التي يحتاج إليها المجال الحيوي الجديد للسكان الذين سيقطنون هناك مستقبلاً؟

إن مسائل الجمع بين الانتفاع أو الاستعمال وقياس الكثافة البنائية، يمكن أخذها بعين الاعتبار. وهي معزولة غالباً في مثل هذه المشاريع الكبيرة في حالة استحداث حي جديد في المدينة. وكلما كانت متطلبات الحياة أكبر، كلما كان من الضروري زيادة العناية والتجهيز لمقومات الحياة الضرورية حتى الوصول إلى العناية الكاملة. وكلما كان الحي المنشأ والمستحدث جديداً في جزء من المدينة أصغر حجماً، كلما كان من الأهم عمل تحليل مبكر للمصادر المتوافرة فعليا في المنطقة المحيطة.
وعلى أية حال، فإنه من الضروري إجراء أبحاث حول تأثيرات التغير ما بين الأجزاء المستحدثة في المدن والحالة المحيطة السائدة فمن الواضح أن قضايا البنية التحتية ترتبط مع الاستخدام المشترك، وكلاهما يحتاج إلى الآخر بشكل تبادلي. كما أن مساحات الأراضي الواسعة بممرات عريضة في المناطق المحيطة لا تؤدي إلى وفرة بنائية. وإذا كانت الشروط في المنطقة المحيطة القائمة متوافرة مسبقاً، من حيث طرق المواصلات، والتوصيلات والتحويلات تحت الأرض، والعناية الاجتماعية، فإنه يمكن توصيل الجزء الجديد المنشأ بالمدينة بشكل أسهل.
إن السؤالين الأولين المطروحين لهما خلفية موضوعية يمكن مناقشتها غالباً من خلال دراسات فنية لكافة المشاركين في عملية تخطيط المدينة بشكل موضوعي. وهذا لا ينطبق على السؤال الثالث حسب رأي الكثيرين، إذ إن صورة المدينة والبناء المعماري للمدينة تملصت من معايير قابلة للتحقيق والتنفيذ، وهذا لا ينطبق دائماً. وفي كثير من الحالات، توجد مساحات مهمة مدمجة مسبقاً مع تركيبات المدينة القائمة، وهذه هي حال المساحات الصناعية. ومنذ فترة قريبة كان مؤسسو الأحياء الجديدة من فئة الشباب الذين يميلون إلى الفن العصري مع استناد أو مرجع تاريخي للمنطقة الجديدة في المدينة، عاملاً مهماً لتحديد نموذج المدينة المنسجم.
وتصبح العملية أكثر صعوبة في حالة أن مساحة الأرض الجديدة المراد التخطيط لها لا تكون قريبة من أجزاء المدينة القائمة في الجوار المباشر، أو أن الجوار نفسه لا تتجسد هويته البنائية المدنية الخاصة. ولكن يمكن أن ينظر إلى ذلك كفرصة في المساحة الأرضية الجديدة مع تحضر جديد، وتأثير إيجابي على صيانة المدينة للجوار القائم في المستقبل.
إن الأسئلة المطروحة هنا من أجل الدمج الجديد لمساحات الأراضي الكبيرة لتحقيق هدف تكثيف المواقع الداخلية في المدينة، مرتبطة بعاملي نجاح أساسين اثنين هما: هل يمكن تمويل ذلك، وهل سيقبله الناس؟

الأكثر قراءة