ثقافة الرأسمالية الجديدة وتغيّر خريطة العالم الاقتصادية

ثقافة الرأسمالية الجديدة وتغيّر خريطة العالم الاقتصادية

يستعرض الكتاب الاختلافات الأساسية بين الأنماط السابقة للرأسمالية الصناعية والرأسمالية الجديدة التي حلت محلها في الوقت الحالي، والتي تتميز بكونها أكثر شمولا ونشاطا وتغيرا، خاصة مع تصاعد نشاط ظاهرة العولمة والتغييرات التي تفرضها على الاقتصاد العالمي وتغييرها لخريطة العالم الاقتصادية والسياسية. كما تتميز الرأسمالية الجديدة أيضا بالتأثيرات الاجتماعية واسعة المجال المصاحبة لها.
يستعرض الكتاب تأثير هذه التغييرات في مناحي الحياة اليومية كافة، وتغير قيم العمل والمعتقدات الجديدة الخاصة بالمميزات والمواهب الفردية والتي حلت محل القيم القديمة للمهارات اليدوية والإنجازات السابقة في تقييم الموظفين والعمال في سوق العمل.
تسببت كل هذه التغييرات في زيادة الهاجس الذي صار يطارد أصحاب المهن مثلما يطارد العمال اليدويين من عدم احتياج السوق لمهارتهم وتخلي الشركات والمصانع عنهم، كما تسببت في التلاشي التدريجي للحدود والفواصل بين الاقتصاد ممثل في النزعة الاستهلاكية ومصادر القوى والنفوذ ممثلة في السياسة بما يضاعف من قوة رأس المال في التأثير في القرارات السياسية.
في السنوات الأخيرة وجه دعاة الإصلاح في كل من المؤسسات العامة والخاصة الدعوة إلى تبني نظام الشركات العالمية الكبرى التي تقدم نموذجا مختلفا لحرية الأفراد، على خلاف تجربة النظم البيروقراطية الثابتة التي أُطلق عليها اسم "القفص الحديدي".
من المؤكد أن النظام الاقتصادي الناجح لا يبعث على الرضا لجميع شرائح المجتمع، فما يعود بالنفع على إحدى طبقات المجتمع قد يكون له تأثيرات سلبية تصل إلى درجة التدمير لإحدى الطبقات الأخرى، لذلك فإنه من الصعب تحقيق التوازن في التأثيرات الاجتماعية للتغييرات الاقتصادية.
يؤكد الكتاب أن النموذج الاقتصادي الجديد أوجد أمراضا اجتماعية ونفسية جديدة على الرغم من تحرير المجتمع من أمراض قديمة. وفي ظل وجود المؤسسات المزعزعة غير المستقرة يحتاج النجاح والازدهار إلى شخصية ومواصفات فردية معينة، حيث تحتاج ثقافة الرأسمالية الجديدة إلى نوع من التنظيم الذاتي على المدى القصير يركز على القدرات المحتملة الكامنة بدلا من الإنجازات الفعلية والقدرة على الاستفادة من التجارب القديمة مع عدم الاستغراق المبالغ فيها بما يتناقض مع التأقلم مع الحاضر.
يركز على عدم اقتصار المرء على نوع واحد من العمل لأنه يحد من تنمية مهاراته المختلفة، وفي المقابل يشجع على اكتساب المزيد من الخبرات المختلفة المتنوعة التي تضع احتياجات سوق العمل والتغييرات الاقتصادية على المستويات المحلية والإقليمية والدولية في الحسبان.
في الفصل الختامي للكتاب يستعرض الكاتب نوعا أكثر قوة من أساليب حماية الذات والمبادرات العملية التي يمكنها أن تواجه التأثيرات السلبية للإصلاح في ظل ثقافة الرأسمالية الجديدة.

الأكثر قراءة