السويد تخطط للاستغناء عن النفط تماما بحلول 2020
كشفت مونيكا زاهلين الوزيرة السويدية للتنمية المستدامة أن بلادها تخطط لأن تكون أول دولة في العالم تتخلى عن الاعتماد على النفط في اقتصادها بحلول عام 2020.
ولتحقيق هذا الهدف ستطرح لجنة من رجال الصناعة، العلماء، موظفي حكومة، صنّاع سيارات، و مزارعين اقتراحات للبرلمان خلال الأشهر المقبلة قبل الانتخابات البرلمانية، التي ستشهد تغييرات في الحكومة و تبعا لذلك تغيراً في سياسة الطاقة حسب الاستفتاءات التي جرت في الأشهر الماضية.وتسير هذه التصريحات على خطى تصريحات مماثلة أطلقها جوران بيرسون رئيس وزراء السويد قبل نحو عام قال فيها إن السويد تريد بهذه الخطة الطموحة بالاستغناء عن النفط مواجهة التحولات المناخية وارتفاع أسعار البنزين و التعامل مع احتمالات نضوب احتياطيات النفط العالمية وأضاف أن بلاده تريد أن تصبح مثالاً يحتذي به العالم في مجال ترشيد الطاقة. لكن كل هذه التصريحات لم تتحول بعد إلى واقع ملموس.
ويرى مراقبون أن السويد تمتلك بالفعل نصيباً كبيرا في مجال الطاقة المتجددة أكثر من الدنمارك مثلا إلا أنها لم تفعل الكثير حيال أنواع أخرى في مجال توليد الطاقة و هي القطاعات التي تريد زاهلين التركيز عليها الآن. مثالا على ذلك استخدام بدائل البنزين في السيارات، ففي عام 2004 كان لدى الأرجنتين 1.4 مليون سيارة تسير بالغاز. وفي باكستان كان يوجد سبعمائة ألف سيارة و في أرمينا 38 ألف، لكن السويد لم يكن بها سوى 5298 سيارة فقط تسير بالغاز أو بالطاقات البديلة من أصل أربعة ملايين سيارة، منهم 2945 بالبنزين المخلوط بالإيثانول. وكانت تصريحات جانبية قالتها زاهلين قد بيّنت أنها لم تضع في حساباتها أن السيارات في السويد ستستغني تماماً عن البنزين وهو ما يناقض تماما تصريحاتها الأخيرة .
ولا تعتمد السويد كثيرا على الوقود العضوي باستخدام مثل الكثير من الدول الأخرى. فالنفط يغطي من 27 إلى 32 في المائة – الإحصائيات متفاوتة – من حاجات السويد للطاقة، و مقارنة بعام 1970 مع بداية أزمة أسعار البنزين العالمية حيث كانت النسبة 77 في المائة. و يُستخدم النفط بالدرجة الأولى في النقل، بينما يتم توليد الكهرباء بالطاقة المائية و النووية مناصفة. والحصة البالغة 49 في المائة من الطاقة النووية لتوليد الكهرباء تُعتبر من أكبر الحصص في الإتحاد الأوروبي. لكن الشعب السويدي أدلى برأيه في استفتاء عام 1980 قال فيه إنه يجب على الدولة أن تستغني عن الطاقة النووية حتى 2010 لكن البرلمان أقر قبل عامين إطالة أمد هذه الفترة إلي ما بين 30 و 40 عاما أخرى. و لا تريد السويد بناء مفاعلات نووية جديدة ولكن استغلال الموجود بصورة أفضل مما يعني زيادة السعة بصورة أكثر. أما إيقاف المفاعل بارسيبك في مالمو فكان لأسباب سياسية خارجية و ليس لسياسة استغلال الطاقة.
ووصفت فنلندا المجاورة سياسة السويد تجاه الطاقة النووية بأنها أزدواجية " فمن جهة تقول ستوكهولم إنها للاستغناء التام عنها ومن جهة أخرى تبنت مفاعلاً جديداً،. وبسبب معارضة حزب البيئة المتآلف مع الأقلية الحاكمة من الحزب الديمقراطي الاجتماعي لا يتم بناء مفاعلات نووية جديدة، وعوضاً عن ذلك يتم استيراد الكهرباء المولدة بالطاقة النووية أكثر من فنلندا المجاورة.
وبدأت السويد منذ العام الماضي بتغيير سياسة الطاقة متبعةً بذلك الدنمارك، التي لا تمتلك طاقة مائية أو نووية بل بجانب الغاز الطبيعي تسعى لتطوير مصادر أخرى للطاقة المتجددة مثل طاقة الرياح و الغاز العضوي .و يقول رئيس الوزراء السويدي إن السويد فيها ينابيع ماء كثيرة و تسقط عليها الأمطار بغزارة ولهذا تنمو النباتات و الأشجار بكثافة وهو ما يستغل لاحقا من أجل إنتاج الغاز العضوي. و محور الخطط جميعها هو الماء. حيث تنتج الدنمارك 18.8 في المائة من طاقتها عن طريق الرياح بينما السويد 0.6 في المائة فقط في الوقت الحالي. و تحاول شركات كهرباء ضخمة مثل "فاتنفال" و"إيون" بناء 30 محطة توليد طاقة باستخدام الرياح على الساحل خلال السنوات الأربع المقبلة مغطّين بذلك جزء بسيطاً من الطاقة الاستهلاكية.
وتحث حكومة ستوكهولم مصانع السيارات الوطنية مثل: "فولفو" و"ساب" تكثيف أبحاثهم لتطوير محركات تعمل بالغاز العضوي. وبالفعل يوجد حاليا في مدينة نايكوبنج خط قطار محلي لمسافات قصيرة يسير منذ أشهر قليلة بالغاز العضوي. وفي الفترة الأخيرة شهد استغلال حرارة الأرض نمواً ملحوظاً، فكثير من سكان المجمعات السكنية يُكملون احتياجاتهم من الكهرباء عبر تمديدات قرب منازلهم محفورة في الأعماق.
وحدث تغير كبير في سياسة السويد للطاقة في الآونة الأخيرة: فالسويد باتت أكثر اعتمادا على الغاز الطبيعي متبعةً بذلك نهج دول أخرى في الاتحاد الأوروبي. و حالياً يساهم الغاز الطبيعي بنسبة 1.5 في المائة من إجمالي الطاقة الاستهلاكية، بينما في هولندا 47 في المائة و في بريطانيا 37 في المائة. و تجهز شركات غاز روسية، نرويجية فنلندية و ألمانية و سويدية حالياً لبناء ثلاثة خطوط للغاز الطبيعي أحدها يمتد من مدينة روستوك إلى تريل بورج.
وتفكر السويد أيضاً بالاشتراك في خط الغاز القادم من روسيا عبر بحر الشمال إلى ألمانيا. و إذا استطاعت السويد م تحقيق أهدافها بتوسعة مصادر طاقاتها، فإنها بذلك تقترب من تحقيق هدف الحكومة حول إمكانية الاستغناء عن النفط.