الهند مرشحة للانغماس في فقاعة المضاربات في الأسواق المالية
لا يبدو أن هناك نهاية للمجريات القياسية التي يشهدها الجميع في سوق الأسهم الهندية. وتتزايد معدلات قائمة مؤشر سينسيكس Sensex في بورصة مدينة بومباي على نحو يومي تقريباً إلى ارتفاعات جديدة.
وبدأت جبهة من التعديلات مع نهاية كانون الثاني (يناير)، والتي أشارت إلى بداية اتساع ردود الفعل في الكثير من المناطق نظراً للضربات الواضحة في غيرها من أسواق الدول الناشئة الأخرى. وبالفعل بدأت أسعار التداول منذ أيام قليلة في الارتفاع من جديد. وفي منتصف شباط (فبراير) تسارعت موجة الازدهار الجديدة، وهي تكتسب المزيد من سلسلة المجريات المطّردة. وعلى هذه الحال تواصلت الأيام الأولى من آذار (مارس) الحالي.
ويحذّر عدد متزايد من المحللين الاستراتيجيين للاستثمارات من التجاوز في التوقعات والتقديرات كما يحدث في أسواق الدول النامية. ولكن تجاوز ارتفاع أسعار الصرف خلال الشهرين الماضيين من هذا العام جميع التصورات بنحو 10.2 في المائة لم يحدث فقط في الهند، حيث بدأت دورة قائمة مؤشر سينيكس الجارية في ربيع عام 2003 بنحو ثلاثة آلاف نقطة، وتضاعفت هذه النسبة في غضون ستة أشهر أو ما يزيد عليها بفترة قصيرة جداً، واستقرت عقبها، ومن ثم شهدت انقطاعاً واضحاً.
وسجّلت هذه القائمة في المرحلة الثانية لها من هذا الازدهار التجاري نحو 4800 نقطة، ومنها أشارت إلى تعديلين آخرين في السادس من آذار (مارس) الحالي، ووصلت إلى المعدل القياسي حتى الآن بقيمة 10741.59 نقطة.
ويشير الخبراء إلى أن هذا الازدهار غير منقطع بعد، وأنه يدل على حركة ديناميكية غير عادية مقبلة. ونظراً لهذا الارتفاع، وكأنه مذنّب في سماء بورصة هذه القائمة، لا تظهر أية مؤشرات إلى توقّف النفس عن الدوران.
ولا يتوقّع مايكل هارتنت، العامل في ميريل لونش ـ لندن، بأن تبلغ التعديلات الطارئة على أسواق الدول النامية إجمالاً 10 في المائة على الأقل، وهذا ما أوضحه بالفعل منذ بداية شباط (فبراير). وفي حال دخلت الكثير من البورصات الآسيوية من هذا النوع فترة من الكساد، لا بد أن تكون السوق الهندية قد تمكّنت من تجنّب ذلك.
إلا أن الاستراتيجي الاقتصادي السابق ذكره، ينصح بالحفاظ على توقعات أقل من المعدل حول معدلات المستقبل، ويبرر ذلك بالتقييم المرتفع للأسهم هناك، حيث تشير حالياً إلى قيمة إضافية تعادل نحو 45 في المائة مقابل قطاع البورصات بأكمله في الدول الناشئة. وتم تمويل الحركة المتقدّمة أخيرا عن طريق التدفق الرأسمالي الضخم من الصناديق الاستثمارية. وتظهر القوة الأكبر للمشترين القادمين من اليابان أو الشرق الأوسط، وعلى ما يبدو أن اليابان تبدو المرشّح الرئيسي لفقاعة المضاربة في وسط الأسواق الرأسمالية.
من جانبه، يقول ألبرت إدوارد، وهو أحد المحللين الاستراتيجيين اللندنيين، إن الأسهم الهندية في الوقت الراهن تقوم بالدور نفسه الذي لعبته البورصة التايلندية عام 1997 قبل أزمة النقد والمال والاقتصاد في آسيا. وأوضح أن الأسهم الهندية بدت باهظة جداً، باعتمادها على أسس المعدلات المحققة أخيرا، وأرباح الشركات المُتوقّعة.
ويكتب المحلل الاستراتيجي المسؤول عن الشؤون الاقتصادية الهندية في بنك مورجان ستانلي، أن المستثمرين المحليين في الهند يجب أن يحافظوا علي ارتفاع سوق الأسهم، خاصةً عندما ينخفض استعداد مواجهة المخاطر للمستثمرين الدوليين، مع عدم تدفق الرساميل بالقدر الكافي كما كانت الحال أخيراً. لكن تجربة العام الماضي أشارت إلى أن المستثمرين الهنود لم ينتظروا حتى ينسحب الأجانب، ليتمكّنوا بعدها من الشراء بقوة. وإذا تضاءل اهتمام الأجانب، فمن الممكن أن تسقط سوق الأسهم في حالة من الاضطراب.
وإلى جانب مظاهر التوقعات التقنيّة المُسيطرة، يُطلق الاستراتيجيون أفكاراً جذرية قاسية ضد الأسهم الهندية في هذا المضمار، والتي على الأغلب تمتاز بطبيعة قصيرة أو متوسطة المدى. وتكمن الإشارة أكثر إلى التضخم المتزايد في الهند، إضافة إلى أن الإنتاج الصناعي ارتفع في كانون الأول (ديسمبر) مقابل الشهر الذي سبق، بنسبة طفيفة على غير المتوقّع، وسجّل النمو الاقتصادي النسبة الأقل ضمن فترة تُقدّر بخمسة أشهر.
إضافة إلى ذلك، يلاحظ المحللون الاستراتيجيون أن هذا يعود إلى انخفاض في التزويد النفطي، إلا أن هذا لا يغيّر شيئاً من التوقعات، والتي تشير إلى أنه من المحتمل أن يرتفع حجم الناتج المحلي الإجمالي خلال العام التجاري الحالي أكثر بنحو 8 في المائة.
وحسبما يُشاع، وحتى لدى ارتفاع متطابق لمحصّلة الشركات فعلياً، يمكن العدول عن تحقق التوقعات المأخوذة بعين الاعتبار فيما يتعلّق بأسعار التداول المسيطرة، أو حتى عن الاعتقاد بأن تتفوق عليها.