الإعلام الزراعي .. والتنمية
يندرج مفهوم الإعلام الزراعي في إطار أهم تطبيقات الإعلام المتخصص المحرك الحقيقي لبرامج الإعلام التنموي مثلما هي تطبيقات وفنون الإعلام المتخصص الأخرى التي مع الأسف الشديد غائبة تماماً عن ساحة الإعلام المحلي وعن برامج الإتصال والعلاقات العامة إلا ما ندر في الصحافة المحلية التي بدأت في التعاطي مع هذا التوجه وإن كانت بوتيرة بطيئة جداً لا تتناسب وطبيعة البيئة الإعلامية المتخمة بالفعاليات والأنشطة والأحداث التنموية والمتغيرات التي تعيشها الساحة، إضافة إلى ما يعترى تلك البرامج من عجز عن تلبية الاحتياجات الاتصالية حيث تعبأ الوسائل والرسائل الإعلامية ومحتوى ومضمون برامج العلاقات العامة بالرغبات على حساب الاحتياجات الاتصالية وعدم مراعاة التوازن بينهما والسبب غياب التخطيط الاستراتيجي والرؤية العلمية عن برامج الإعلام والاتصال وانعدام المهنية في تطبيقات العمل الإعلامي المتخصص بشكل عام ؟! .
إن أهمية الإعلام الزراعي وبرامج العلاقات العامة الخاصة بهذا الحقل الحيوي ترتبط ارتباطاً وظيفياً بأهداف برامج الإعلام التنموي الذي يستهدف ترقية الإنسان ورفع مستوى الوعي لديه بقيمة العمل والإنتاج وغرس مفاهيم الارتباط بالمكتسبات والحفاظ عل البيئة .. ومن هذا المنطلق فإن الكثير من أدبيات الإعلام التنموي تحّرض على الاهتمام ببرامج الإعلام المتخصص ومنها برامج الإعلام والعلاقات العامة الخاصة بالتنمية الزراعية وقضايا المزارعين ، ولذلك فإن كثيرا من الدول التي تؤسس بحرفية لبرامج إعلام تنموي فاعل تطرح وتتجه إلى تفعيل برامج الإعلام الريفي انطلاقاً من اهتمامها بالجمهور النوعي الذي يتميز بخصائص اجتماعية تتصف بالارتباط بالأرض والعمل والإنتاج في مثل حقل الزراعة والنشاط الزراعي .
إن من المهم أن تتجاوز برامج الإعلام والعلاقات العامة في القطاع الزراعي سواء في المؤسسات الحكومية أو الخاصة المفاهيم التقليدية في أنشطتها الإعلامية بالتخلي عن نمطية الوعظ والإرشاد في رسائلها الإعلامية حيث طغت تلك النمطية حتى على مسميات إداراتها التي غاب فيها ما يوحي بوظائف الاتصال بجمهورها ؟! .
إن نشاط الإعلام الزراعي لا يقتصر على إقامة ندوة تعريفية سنوية عن منتج أسمدة عضوية جديد بهدف تسويق أو ترويج لاسم تجاري، أو توزيع مطبوعات وعظية جامدة المحتوى والمضمون عن شؤون الزراعة !!
إن التحول إلى جمهور الإعلام الزراعي وهم حتماً المزارعون في مزارعهم في الضواحي والأرياف والقرى وكذلك المستثمرون والمهتمون بالشأن الزراعي في مواقعهم الحقيقية هو حجر الزاوية في إنجاح برامج الإعلام الزراعي وهو سر الأثر والتأثير المتوقع لتلك الرسائل.
إن التطلعات أكبر لأن تصل وسائل الإعلام الجماهيري من صحافة وإذاعة وتلفاز إلى المُزارع في مزرعته لتقطِف معه كل صباح ثِمار حصاده اليومي لترسم في ذاكرة المتلقي المهتم والمُزارع البسيط لوحةٌ خضراء في ذاكرتِه وأمام عينه لتبعث فيه روح التفاؤل والإحساس بقيمة إنتاج الإنسان وتعاطيه مع الأرض بدلاً من ألوان الطيف التي أصابتنا بالملل والشعور بالعزلة عن طبيعة الأشياء من خلال أستديوهات مغلقه أو صور صحافية في مكاتب باهتة يجري فيها الحديث عن الزراعة وشؤون المُزارع بعيداً عن الأرض والمحصول؟!