الخميس, 1 مايو 2025 | 3 ذو القَعْدةِ 1446


قتل الأبناء والديهم جريمة بشعة تتم بأسلوب يدمي القلوب ويثير التساؤلات

اكتوى مجتمعنا في العصر الحاضر بنار العقوق من الأبناء والبنات ولم يعد ذلك العقوق متمثلا في القطيعة فقط والتي هي في حد ذاتها جريمة بل الأمر تعدى ذلك في قصص واقعية لمسناها وتابعنا أحداثها ومثلت صدمة كبيرة في مجتمع لم يعتد على مثل هذه الأفعال والممارسات الشريرة في قتل أغلى الناس في حياتنا الوالدين حتى إننا أصبحنا نخشى أن تصبح ظاهرة مؤلمة في المجتمع السعودي بأسره، حول هذه الحالات الشاذة التي وقعت في أوقات متفاوتة وبدأت تمثل قلقا في حياتنا وكيفية سبيل علاجها وكيف يمكن توجيه الشباب لعدم الوقوع فيها نظرا لغرابتها وفضاعتها التي لا يمكن لمسلم تقبلها فضلا عن غير المسلم.
نستضيف شرائح مختلفة للتحدث عن هذه الحالات الشاذة اللافتة حيث تحدث في البداية التربوي محمد سعد من متوسطة الندوة في مكة المكرمة فقال الحقيقة إن الحديث في هذا الموضوع محزن للغاية حيث لم نكن نتصور في يوم من الأيام أن نسمع عن ابن يقتل أباه كنا نقرأ عنها في الروايات ولكن للأسف الشديد أنها أصبحت واقعا مرا قضى على سعادة أسر وجعل الفرحة تصبح مأساة وفي يقيني أن ضعف الوازع الديني وإهمال الأسرة للأبناء ينتج عنها مثل هذه الحالات. من جانبه قال الموظف إبراهيم البواردي إن تناول المسكرات والمخدرات والتعرف على أصدقاء السوء ورغبة السيطرة على ثروة الأسرة إلى ذلك من الأمور الأخرى التي فوجئنا بها في مجتمعنا سببت مثل هذه الأفعال الشنيعة ونتمنى أن تختفي بمشيئة الله، وأرى أنه للحيلولة دون تفاقم هذه الظاهرة وازديادها لا بد من حرص الوالدين على التربية الطيبة والتعرف على أصدقاء الأبناء وتعهدهم من الصغر وتنشئتهم على طاعة الله.

الرأي الاجتماعي
يؤكد الدكتور عبد الرحمن عسيري أستاذ علم الاجتماع في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية أن هذه الحالات شاذة ضلت الطريق وهي لا تصل إلى حجم الظاهرة وإنما مجرد حالات فردية ضلت طريق الصواب وهي مؤلمة حقا ما يصدر من تلك الفئة من الشباب ويضيف أن الإنسان سوف يجني ما زرعت يداه فمن زرع كرما سوف يجني عنبا ومن زرع شوكا سوف يجني سواه.
ودون شك أن الأب القدوة لأبنائه فإذا كان أحدنا بارا بوالديه مطيعا لهما فإن أبناءه سيحذون حذوه وإذا لم تنشأ المودة والرحمة فلا نستغرب إذا رأينا مثل هذه الحالات الشاذة والمؤلمة فإنه إذا اصطدمت رغبات الابن يوما بأي شيء فلا مانع عنده من أن يحطمه وقد يؤدي سوء التربية إلى انخراطه في مجموعات فاسدة تضم رفقاء السوء فإذا استيقظ الأب وجد ابنه أصبح ألعوبة في أيدي الفئة المفسدة فلا بد من مراعاة هذه الأمور من البداية.
ويقول الإخصائي الاجتماعي ناصر الشهري إن القتل من أكبر الجرائم الإنسانية وأكثرها بشاعة وقتل الولد لوالديه أو لأحدهما جريمة خطيرة تحدث في جميع المجتمعات المتقدمة وغير المتقدمة، والمجتمع الإسلامي جعل للوالدين مكانة عظيمة، قال تعالى "وبالوالدين إحسانا" ومعلوم أن رضا الله في رضا الوالدين وقتل أحدهما يعد جريمة وحدوث ذلك له عدة أسباب ومسببات من أهمها:
ما يتعلق بالتربية والتنشئة الأسرية مثل شدة الوالدين وقسوتهما على أبنائهما في الصغر وانعكاس ذلك على تعامل الأبناء مع الآباء في الكبر وتعاملهم بقسوة حين حدوث أي موقف أو نقاش.
ثانيا: ما يتعلق بسلوك الفرد وعلاقته بأسرته ومدى ترابطها وهناك أسباب مهمة تتعلق بإدمان بعض من ارتكبوا هذه الجريمة.
ومنها اندفاع الشباب في سن المراهقة للتعامل بقسوة مع أقاربهم، خاصة الوالدين وهناك عدم إدراك عظمة مكانة الوالدين وحقوقهما من قبل الأبناء وعدم توجيه الوالدين أبناءها عن حقوقهما، كما أن هناك سببا مهما لوقوع هذه الجريمة هو تحريض أحد الوالدين على الآخر واستخدام أحد الأبناء لتنفيذ هذه الجريمة وهذا يتعلق بالثأر من الأب في الأسر المفككة والحاصل فيها طلاق وهناك عامل يتعلق بمغريات الحياة ورغبة الأبناء في السفر وامتلاك المال بأي طريقة.
أما العلاج فيتلخص في التربية الإسلامية الصحيحة وتعريف الأبناء بحقوق والديهم وأن يكون الآباء قدوة لأبنائهم في التعامل والسلوك الحسن ومتابعة الأبناء والبنات في المدارس والتعرف على أصدقائهم ومعرفة سلوك الأبناء من خلال اختلاطهم بهؤلاء الأصدقاء والتعرف على المستوى الدراسي وربط ذلك بالسلوك وعلاج الأبناء المدمنين للمخدرات وعدم سفر الأبناء وحدهم خارج الحدود لأن السفر يجعلهم يكتسبون سلوكيات وأخلاقيات من الغير.

الرأي الشرعي
يؤكد فضيلة الشيخ مسعود الغامدي الداعية الإسلامي أن قتل الابن أحد أبويه جريمة نكراء وشنيعة لا يمكن أن يتصورها إنسان عاقل سوي لأن إساءة المرء لمن أحسن إليه في أمر واحد تعتبر قبيحة وممقوتة فكيف بمن أحسن إليه منذ أن كان نطفة في رحم أمه إلى أن استقام عوده وصلبه فلما أصبحا يرجوان نفعه وبره مد إليهما يده بالشر. ويشدد على أهمية تنمية الوازع الديني في داخل الأبناء وقيمة مراقبة الله في كل تصرفاته فإننا نكون قد نجحنا في الحيلولة بينه وبين الإقدام على أقل من ذلك بكثير ونكون قد وفقنا في حماية المجتمع من كل المؤثرات الداخلية والخارجية ويجب إبعاد الأبناء عن الأجواء التي تشجعهم على الجريمة والعدوان وكذلك الحرص على رعاية الأبناء منذ نعومة أظفارهم وتوجيههم الوجهة الصحيحة والاهتمام بنفسياتهم وإبعادهم عن الأسباب التي تخلق روح الحقد والعداوة في نفوسهم وعدم مصادمتهم في طلباتهم والتقصير في حقوقهم.

الأكثر قراءة