أين الخلل؟

أين الخلل؟

يختلف الشباب في نظرته الواقعية لمهام التعامل مع أسرته، ويفضل بعضهم الارتماء في أحضان الأصدقاء لأسباب مختلفة منها ماهو عاطفي ومنها ما هو سلوكي غير سوي، وكلاهما يبعدان الأبناء عن منظومة الحياة الأسرية، فلا تمثل لهم الأسرة إلا أمورا هامشية يلجأون إليها متى احتاجوا مصروفا تعودوا على الحصول عليه أو جلسة عابرة على سفرة طعام، عدا ذلك فإن الأبوين ليس لهما في روزنامة برنامج الابن الحياتي أي قيمة، ولا يجدان منه ما يوحي بأهميتهما في حياته فتنشأ علاقة فتور بينهم يساعده على استمرارها انشغال الأبوين بأمورهم الخاصة أو ضعف السيطرة على الأبناء ففي التصرف الأبوي الأول يفقد الأبن الحنان والحب الذي يساعده على تجاوز مايواجهه في أمور حياته، وفي التصرف الآخر للأبوين وهو ضعف السيطرة يتعرف الأبن على أصدقاء سوء وينجرف معهم، بل وربما سيطروا على فكره وجروه إلى ما لا تحمد عقباه فيستيقظ بعد فوات الأوان وقد أصبح الابن في عداد الضائعين فلا يستطيعان إعادته للصواب لأنهما يجدان عدم قدرة على ذلك في تكوينهما الشخصي لقوة شخصية الابن وعدم قدرتهما على ترويضه، وكم من شاب بدأ يافعا عصاميا لا يعصي لوالديه أمرا فيتعرف على شلة غير سوية فتأخذ بيده للظلامية القاتلة في حياته ومن هنا ينشأ العقوق الإرادي من الأبناء فلا يستطيع بعض الآباء معالجة الوضع. وربما مرت السنين ليصبح بعد فترة وجيزة من أخطر المفسدين الذين يهددون الأسرة والمجتمع بأسره، فإما يقع في براثن عصابات المخدرات أو يقع فريسة لعصابات الفحش والانعدام الأخلاقي، فيصبح ألعوبة في أيديهم وربما أصبح فيما بعد قائدا محترفا لا يتورع عن القيام بأي شيء في سبيل تحقيق غاياته حتى وإن كان الضحية الأبوين كلاهما أو أحدهما، وما أبشع حدوث مثل ذلك وهو ما بدأت تعاني منه المجتمعات المسلمة.
ولتدارك ذلك يجب على الأبوين محاولة انتشال الابن من براثن الرفقة السيئة وعلاجه إذا كان قد وقع في محظور المخدرات وبلادنا ولله الحمد بطولها وعرضها هيأت سبل العلاج من هذه الآفات، وأما إن كان سلوكا آخر فإن الواجب التعرف على كيفية انتشاله منه وليس عيبا أن يستعين الأب بمن يرتاح له للتعاون على إيجاد الحل المناسب في عودة الابن الضال، وكم من محاولات حققت المراد وكم من إهمال زاد الطين بلة، فما أحوج الآباء والأمهات إلى صلاح الأبناء ومشاركتهم فيما يعود على مجتمعهم بالخير، وما أحوج الأبناء إلى صدور حنونة تعفو عن الزلل وتقوم الاعوجاج، وتسامح وتدعو بظهر الغيب ربا حيا كريما في أوقات الإجابة أن يعيد ابنا فقد صوابه إلى الجادة وأن يكون ممن يشمله الحديث [ولد صالح يدعو له]، إنها محاولات جادة صادقة لكن نتائجها بمشيئة الله يانعة مثمرة تذيق الآباء عسل البر وحلاوة الحب، وكلما كان الإنسان بارا بوالديه وفقه الله بمن يبره ويكون له عونا في خريف العمر، نسأل الله التوفيق والسداد وصلاح الأبناء، إنه سميع مجيب الدعاء.

الأكثر قراءة