دراسة: المرأة العربية أقل نساء العالم مشاركة في الثورة الرقمية

دراسة: المرأة العربية أقل نساء العالم مشاركة في الثورة الرقمية

وفقا لبيانات الأمم المتحدة الصادرة حديثا، فإن النساء يشكلن نصف سكان العالم وينجزن ثلثي العمل فيه، إلا أنهن يكسبن فقط عشر الدخل العالمي، ويمتلكن 1 في المائة فقط من الممتلكات في العالم، ويعزو الكثير من المراقبين هذا التراجع في جزء من دخلهن إلى قلة خبرتهن في علوم التكنولوجيا والمعلومات.
ومن هذا المنطلق يهمنا هنا أن نشير إلى هذه القضية، وإلى مدى مشاركة النساء في الدول العربية في الثورة الرقمية وتكنولوجيا الاتصالات والمعلومات، ولماذا هذه المشاركة متواضعة، في الوقت الذي تتسابق فيه النساء في معظم الدول المتقدمة ودول آسيوية ناشئة للاستفادة من هذا القطاع بصورة أكبر لكسب المزيد من المزايا التي تؤدي إلى رفع قدراتهن في العمل والإنتاجية، وبالتالي جني المزيد من الدخل اليومي لمواجهة التحديات الاجتماعية والمعيشية المختلفة.

وضع المرأة العربية تقنيا

الوضع العربي للمرأة في مجال الثورة الرقمية يبدو متخلفا حتى هذه اللحظة من واقع بعض الدراسات التي تمحص هذا الجانب، فوفق دراسة حديثة بعنوان "أثر العولمة على المشاركة الاقتصادية للمرأة" للدكتورة هبة نصار وكيل كلية الاقتصاد والعلوم السياسية في جامعة القاهرة، تشير إلى أن الدول النامية تعاني كثيرا من الفجوة الرقمية بين الرجال والنساء مقارنة بالدول المتقدمة، أي أن هناك هوة رقمية كبيرة بين الجنسين.
وتؤكد نصار أن هناك محدودية من نصيب المرأة العربية بصفة عامة من التطور التكنولوجي، واستخدام تكنولوجيا الاتصالات والمعلومات، فنسبة الإناث من مستخدمي الإنترنت في العالم العربي لا تتجاوز 4 في المائة فقط، في حين نجدها في ماليزيا 36 في المائة، وفي ألمانيا 37 في المائة، وفي فلسطين المحتلة، (إسرائيل) 42 في المائة، والسويد 48 في المائة وأمريكا 51 في المائة.

أسباب الجهل التقني

ويعزى هذا التراجع في نظر الباحثة إلى التحدي الثاني المتمثل في محدودية مستوى التعليم، حيث تتركز النسبة العظمى من تعليم الفتيات العرب في العلوم النظرية، وليس العلوم التطبيقية وعلوم الحاسب الآلي وخاصة المتطورة منها، وهو ما يؤدي إلى محدودية مساهمة المرأة في مجالات تكنولوجيا المعلومات، بل وتتركز النسبة التي تسهم في المجالات الأقل تقدما (كبرامج معالجة البيانات وغيرها من التطبيقات الإدارية).
وترى هذه الدراسة أن تحديد القدرات المادية يعد معوقا جديدا في العالم العربي حيث تعود محدودية نصيب المرأة من التقدم التكنولوجي إلى الانخفاض النسبي في مستوى المعيشة ومستويات الدخل بين الجنسين.
وتعتبر الفجوة اللغوية عائقا آخر حيث إن التقدم للعلوم التكنولوجية وبالأخص علوم تكنولوجيا المعلومات يعتمد على اللغة الإنجليزية والتي ربما لا تتقنها الإناث، مما يشكل عائقا أساسيا أمام إتقان مهارات ومتطلبات عصر تكنولوجيا المعلومات، بالقدر الذي يساعد على تنمية دور المرأة في استخدام تكنولوجيا المعلومات.
وبالتالي فإن هذه المعوقات، كما تراها الباحثة، تعد حاجزا أمام زيادة فرص المرأة العربية في قطاع تكنولوجيا المعلومات والاتصالات من ناحية، ومن ناحية أخرى فإنها تقلل من فرص المرأة في التقدم والترقي في هذا القطاع من الوظائف ذات المهارات المحدودة إلى الوظائف التي تتطلب معرفة ومهارات أعلى ومن ثم تحظى بأجور أعلى .

ممارسة التجارة الإلكترونية

فعلى سبيل المثال فإن المرأة العربية، غائبة في كثير من الأحيان عن ممارسة التجارة الإلكترونية، كما تمارسها المرأة الغربية في كثير من الأحيان، بالرغم من أن لدى كل منهن مسؤوليات تجاه المنزل والأطفال والمجتمع.
وربما لدى بعض النساء العرب فراغ أكبر للقيام بمهمة التجارة الإلكترونية لو تثقفن جيدا في هذا القطاع بصورة علمية ومعرفة الأساليب المطلوب استخدامها في هذا المجال، إلا أنه وللأسف الشديد فإن بعض النساء العربيات اللاتي لديهن علم تشغيل أنظمة التكنولوجيا والمعلومات يضيعن أوقاتهن في بعض الأحاديث والرسائل الجانبية اليومية التي لا تسمن ولا تغني من جوع.
في الوقت الذي تؤكد المؤشرات العالمية أن قطاع التجارة الإلكترونية سينمو بصورة كبيرة خلال السنوات المقبلة، وسيكون له رواج كبير، الأمر الذي يمكن الجميع من الاستفادة من هذا الوضع سواء أكانوا ذكورا أو إناثا. وبالتالي يمكن للمرأة العربية من خلال هذه التجارة الحديثة أن تقوم بعرض وبيع أو شراء مختلف أنواع المنتجات التي تقوم بتصنيعها أو إعادة بيعها.

نساء الهند نموذج

ففي الهند على سبيل المثال هناك الآن منظمات تساعد النساء في بيع وتسويق منتجاتهن عبر الإنترنت مما يساعد على توفير آلاف فرص العمل لهن سواء في مجال الصناعات الحرفية أو غيرها، وهي مسؤولية كبيرة تتطلب من الجمعيات الأهلية العربية والجهات المعنية الأخرى ضرورة تعليم مبادئ الحاسوب للنساء وتبصيرهن بهذه القضايا والبرامج التي يمكن من خلالها كسب المزيد من الفوائد لهن.

خدمات الاتصال
وعموما فإن توفير وتطوير خدمات الاتصالات في العالم العربي وخفض أسعارها مهم جدا لمواكبة التطورات التكنولوجية والمعلوماتية، حيث إن هناك مناطق عربية لم تدخل إليها خدمات الاتصالات العادية في القرى والأرياف.
وهناك جامعات عربية ما زالت تمارس أساليب وطرقا دراسية ترجع إلى فترة الخمسينيات حيث تجد شابا أو شابة عربية يحملان شهادة جامعية دون أن يكون قد سبق لهما عمل أي تطبيق عملي على جهاز الحاسب الآلي، الأمر الذي يتطلب النظر إلى تلك القضايا بصورة إجمالية ووضع السياسات اللازمة للقضاء على الأمية المعلوماتية الحديثة.
فأمي القرن الحادي والعشرين ليس هو الشخص الذي لا يكتب ولا يقرأ، ولكنه الشخص الذي لم يتعلم أبجدية الحاسب الآلي ومفاهيمه الحديثة. وحيث إن عدد النساء في العالم العربي يشكلن نصف السكان فأي تقدم في تعليمهن أو عملهن هو تقدم للمجتمع العربي بشكل عام.

الأكثر قراءة