شركات القطاع الخاص تستثمر الغيرة النسائية لزيادة إنتاجها
يتعمد أصحاب العمل في القطاع الخاص إشعال نوع من المنافسة بين الموظفين والموظفات، معتقدين أن هذا الأمر يزيد الإنتاج ويرفع من نسبة المنافسة بينهم، بيد أن هذه المنافسة سرعان ما تتحول إلى غيرة تشتعل نيرانها بين الموظفات أكثر منها عند الموظفين، وهذا ليس لسبب سوى أن طبيعة المرأة تميل إلى الغيرة مع قريناتها، خاصة في أماكن العمل المختلفة كما أثبتت الدراسات أخيرا.
وتتخذ تلك الغيرة أشكالاً وصوراً متعددة, ترجع إلى شخصية كل امرأة ومدى ثقتها بنفسها وقدراتها العملية والشخصية, ولا يكاد – وفقا لإحصاءات غير رسمية - يخلو مكان عمل يجمع موظفات من منافسة متفاوتة الحدة, سرعان ما يتحول بعضها إلى شللية بين موظفتين أو جماعتين أو أكثر, تتزعم كل جماعة فيها امرأة ذات سطوة أو مال أو شخصية طاغية تحتوي من حولها.
وتميل المنافسة النسائية في موضوعات تحظى باهتمام المرأة مثل الرغبة في الاستحواذ على عبارات الإطراء والثناء من المسؤولين والرؤساء، ويظهر ذلك بوضوح في القطاع الأهلي, ومسايرة خطوط الموضة, وحب التظاهر والتباهي بالأهل والمال, إضافة إلى الرغبة في أن تكون المرأة ذات شخصية.
غيرة فطرية
خلود العامري، معلمة ، ترى أن الغيرة النسائية من الفطرة التي تخلق مع كل امرأة, وقد تتعمق لدى البعض وتظهر في تصرفات يشوبها نوع من الغرابة, وتقول"أتذكر في أول أيام الدوام في العام الدراسي الحالي, ظهرت المعلمات وكأنهن في حفل لعرض الأزياء, حيث بدت كل معلمة في أجمل حلة لها بارتداء أحدث الموديلات, وإن كان هذا الأمر طبيعياً, إلا أن غير الطبيعي ما حدث بين معلمتين ذكرت إحداهما لزميلاتها أنها اشترت أزياءها من أحد البلدان العربية التي زارتها أثناء الإجازة الصيفية، بما فيها طقم المجوهرات الذي كانت ترتديه في أول يوم للدوام, فما كان من المعلمة الأخرى إلا أن أسرّت لبقية المعلمات أن المعلمة الأولى تكذب عليهن وأن موديلات ملابسها بألوانها وموديلاتها تُباع في أسواق داخل السعودية، الأمر الذي خلق نوعاً من الغيرة غير الظاهرة بين هاتين المعلمتين، امتدت إلى العمل وفنياته.
استغلال المنافسة
من جانبها تروي علياء، مندوبة إعلانات، قصتها مع زميلاتها في القسم الذي تعمل فيه وتقول" أعمل مندوبة إعلان منذ خمسة أشهر, وبدأت عملي بتحقيق دخل إعلاني فاق موظفات لهن من الخبرة سنوات وسنوات, ولم تمر ساعات قليلة من منحي مكافأة استثنائية من صاحب العمل، إلا وسمعت عما تنوي زميلاتي في العمل تدبيره بالنسبة لي، إذ خططن لخطف عملائي مني, وذلك عبر تخفيضات كبيرة يقدمنها لهم، تفوق التخفيضات التي سبق أن قدمتها", وتضيف" أعترف إنهن نجحن في ذلك الأمر إلى حد كبير ولم أحزن للأمر الذي كنت أتوقعه من زميلاتي وباركه صاحب العمل نفسه لخلق نوع من المنافسة بين مندوبات الإعلان، وهذه المنافسة تضمن له ربحاً مالياً.
المنافسة الشريفة والعمياء
وتفسر انتصار الحايك الإخصائية النفسية في مستشفى أسطون في الدمام سبب الغيرة النسائية بوجود رغبة عارمة تتملك المرأة لأن تكون الأجمل مظهراً على الإطلاق وسط زميلاتها, أو أن تكون الأميز من ناحية الشخصية والصفات العامة التي تجعل منها مثالاً يحتذى به، ويشار إليها بالبنان في المجتمع الذي تعيش فيه، سواء في بيئة العمل أو وسط الأهل والجيران, وتقول: المنافسة الشريفة في العمل، قد تتحول في حال تفاقمها إلى غيرة عمياء، تحركها الأسباب والدوافع وراء ذلك, وتشير إلى أن المنافسة والغيرة كما هما موجودتان في المجتمع النسائي, فهما موجودتان أيضاً بالقوة نفسها في المجتمع الرجالي, إلا أن الدوافع تختلف, وتقول" في المجتمعات النسائية تتركز معظم أسباب الغيرة حول جوانب تخص شخصية المرأة التي تحرص على أن تكون جذابة وتتمتع بخفة دم مرحة مع نوع من المهارة المنزلية والتدبير, حيث تقل أسباب الغيرة والمنافسة على ترقية أو مكافأة مالية في أماكن العمل التابعة للقطاع الحكومي, لأن هذه المميزات تأتي للموظفات تلقائياً وفق الأقدمية والخبرة, في حين يختلف الأمر كلياً في القطاع الأهلي الذي تتركز فيه المنافسة على كسب ثقة أصحاب العمل والرؤساء بغية الوصول إلى القمة في أسرع وقت ممكن".
الصداقات النسائية
من جانبها تستبعد نوف العتيبي الإخصائية في مستشفى تداوي في الدمام أن تؤثر المنافسة أو الغيرة في إقامة صداقات نسائية قوية تمتد سنوات وسنوات، وتقول: علاقات النساء مع بعضهن مازال يسودها نوع من العواطف والمشاعر مقارنة بالعلاقات نفسها في بيئة العمل الرجالية التي تتسم بالجفاف نوعا ما.
وتوضح"المرأة بطبيعتها اجتماعية ولا تستطيع أن تكون في معزل عن مجتمعها, لذا فهي تميل تلقائياً إلى أفضل العناصر التي ترتاح إليها وتحاول أن تكوّن معها علاقات صداقة قوية, ومثل هذه العلاقات تقويها ظروف العمل والدوام الذي يمتد إلى ثماني ساعات يومياً وتبادل الزيارات بين الموظفات في المناسبات المختلفة وهكذا".
وترجع نوف لتؤكد أن للمنافسة والغيرة دوراً كبيراً في هدم كثير من الصداقات النسائية وتحويلها إلى عداوات ظاهرة للجميع وتقول: معظم هذه العداوات تبدأ بسوء فهم تتراكم أبعاده مع مرور الزمن إلى أن يصبح عداء مستحكماً بين امرأتين أو "شلتين" ترى كل منهما أن الأخرى مليئة بالعيوب.