الدراما الحزينة لسوق الأسهم السعودية
إن الانهيار المستمر لأسعار الأسهم السعودية كان متوقعا منذ أيار (مايو) 2005.. وحذر من حذر من الخبراء والمحللين والصحفيين وكنت أحدهم حيث توقعت قرب ذلك في قناةCNBC عربية قبل ثلاثة أشهر.. عندما وصل مؤشر السوق السعودية إلى معدلات لا يمكن تبريرها لا ماليا ولا فنيا ولا اقتصادياً، حيث انتشرت لدى البعض دراما سراب الإثراء السريع حتى وصل عددهم إلى 2.5 مليون مستثمر مباشر في السوق.
هذا لم يحدث في أي سوق أسهم في العالم وبذلك حول كبار المضاربين وصغارهم السوق من سوق لرأس المال Capital Market لتمويل الشركات، تأسيس الشركات الجديدة، وزيادة رؤوس أموال الشركات القائمة إلى سوق مغامرة Gambling Market دون تدخل من هيئة سوق المال في الوقت المناسب لكبح طوفانه أو انهياره.
وارتفعت أسعار شركات خاسرة لسنين عديدة ارتفاعا حادا بسبب الإشاعات‘ إذ وصل أحدها من عشرة ريالات إلى ألفي ريال وكان وراءها كبار المضاربين وقوى أخرى البنوك السعودية الـ 11 بنك، والتي زادت قوة دراما الطوفان بتسابقها خلف استقطاب 2.5 مليون مستثمر لتمويل محافظهم من 100 في المائة إلى 300 في المائة دون تقديم المشورة السديدة كبيوت مالية خبيرة ومسئولة تمارس مسئولياتها كمؤسسات مالية في التنمية والمحافظة على الاقتصاد الوطني بتوجيه استثمار عملائهم في أسهم قيادية من خلال سوء استغلال الصيغة الشرعية للتورق التي أجازتها الهيئات الشرعية في البنوك السعودية والتي أصبحت عملياً تعني (التورط) فورطت عملاءها للمضاربة في أسهم شركات ليس لها مقومات مالية مما نتج عنه صعود وتضخم أسعار أسهم الشركات الخاسرة بمعدلات حادة ونتيجة لعمليات التصحيح لجني الأرباح من كبار المضاربين والمحترفين في السوق لأن أي صعود في أي سوق مالي لا بد وأن يتلوه نزول فبدأت أسعار أسهم هذه الشركات تتساقط كلعبة الضومنة، واتخذ المسئولون في هذه البنوك دوراً سلبياً في الاستمرار في متابعة مشاهدة هذه الدراما المحزنة.فساهمت البنوك السعودية مرة أخرى بدور سلبي آخر في هذه الدراما في زيادة حدة النزول من خلال سرعة تصفية محافظ أسهم عملائها، وذلك لاسترداد تمويلها وأرباحها، حيث تصفى يوميا أي محفظة تصل نسبة انخفاضها إلى بين 35 و40 في المائة، وبدون موافقة أصحاب هذه المحافظ حتى ولو ترتب على ذلك فقدان عملائها لجميع رؤوس أموالهم وهذا ما يحدث يوميا في سوق الأسهم السعودي مما نشر جو من الرعب والهلع لدى المستثمرين وحالة الترقب والفزع في كل بيت سعودي، وأصبح جو العائلة صغيراً وكبيراً ذكراً أو أنثى مشدودين بنظرة حيرة وانشداد الأبصار نحو شاشات الأسهم صباحا ومساء وانتزعت البنوك السعودية عنصر الثقة من السوق فانعكس ذلك على البيع المستمر للأسهم بالنسب العليا المتدنية يومياً مما أفاد فئة من المضاربين على حساب وخسارة عملاء محافظ البنوك وهذا خلل تنظيمي أن تمارس البنوك السعودية الأدوار ذات المصالح المتضاربة وهي: دور فتح حسابات المحافظ الاستثمارية للعملاء، دور تمويل العملاء للمحافظ الاستثمارية، دور الوساطة المالية في شراء وبيع الأسهم، إضافة إلى دور المصفي للمحافظ الاستثمارية لعملائها دون موافقتهم.
هذه الأدوار لا يمكن أن تمارسها البنوك في أي سوق مالية تحكمها ضوابط مالية واستثمارية عالمية حيث تتضارب مصالح العملاء مع مصالح البنوك ونحن في السعودية استوردنا من الغرب ـ سوق المال - كمسمى ونظامه الآلي (شاشات التداول) دون أن نستورد معه الضوابط والقوانين التي تنظمه وتضبط ممارسات المتعاملين فيه.
وأناشد مؤسسة النقد العربي السعودي في المملكة إصدار قرار فوري لإيقاف صلاحية البنوك السعودية من تصفية المحافظ الاستثمارية لعملائها قسراً دون موافقتهم، وسوف ترون بداية انتشار روح الطمأنينة في نفسيات المتعاملين في السوق والتخفيف من نفسية الهلع والخوف من الانهيار، وتدريجياً يسترد سوق الأسهم السعودي عافيته ويتحرك بمعدلات منطقية ومبررات استثمارية. لكن لا بد من استكمال أنظمة السوق بفصل البنوك عن الوساطة في تداول أسهمه واستكمال تطبيق أنظمته ولوائحه مع أهمية أن يولي المسؤولون في هيئة سوق المال ومؤسسة النقد العربي السعودي ووزارة المالية اهتمام بإصدار التصريحات في الوقت المناسب لضبط إيقاع السوق سواء في حالة الصعود المبالغ فيه أو النزول والانهيار غير المبرر له كما حدث ويحدث في سوق البورصة الأمريكية في نيويورك عندما اعتاد ظهور رئيس البنك المركزي للاحتياطي الأمريكي Green Span عندما كان يضبط إيقاع السوق صعوداً ونزولاً خلال فترة ولايته 25 عاماً من خلال اللقاءات الصحفية والتلفزيونية، وذلك لا يعتبر تدخلاً في آلية السوق.
وهنا نتمنى من مسئولينا الاستفادة من تجارب الأسواق العالمية الأخرى وديناميكية إدارة مسئوليها.
الرئيس التنفيذي لمركز الريادة للاستشارات المالية
<p><a href="mailto:[email protected]">arriyada@yahoo.com</a></p>