موسوعة عالمية مفتوحة للجميع

موسوعة عالمية مفتوحة للجميع

<a href="mailto:[email protected]">iqtisad@fantookh.com</a>

لقد أصبحت الكائنات الحية (مجازا) على شبكة الإنترنت جزءاً من حياتنا تؤثر فيها وتوجهها، بل أصبحت المرجع الرئيس للأخبار والأبحاث والعلوم والترفيه والتعلم. إن مواقع الإنترنت التي تعطي روادها القوة في الحصول على المعلومات والخدمات والارتباط النفسي بها من أركان الحياة الإلكترونية التي زاد انتشارها في العقد الأخير. ولهذه الأهمية البالغة لمواقع الإنترنت دأبت الكثير من الجهات وحتى الأفراد بإضافة آلاف المواقع الجديدة بشكل يومي على شبكة الإنترنت، إلا أن نسبة ضئيلة هي التي تكللت بالنجاح ونسبة ضئيلة من هذه الأخيرة يكون نجاحها باهرا. ولنحك عن أحد هذه المواقع الذي حقق نجاحا كبيرا وانتشر بشكل ملحوظ خلال فترة قصيرة، هذا الموقع هو الموسوعة الإلكترونية "ويكيبيديا" الذي يمثل أكبر موسوعة مجانية على الإنترنت يتم تأليفها وتنميتها والتعديل عليها بشكل منفتح من قبل عشرات الآلاف من المتعاونين حول العالم ومتوافرة في أكثر من 100 لغة.
كانت نشأة هذا الموقع في مدينة سانت بيترزبيرغ في ولاية فلوريدا في الولايات المتحدة. حيث قام جيمي ويلز في عام 1996 بإنشاء موقع إلكتروني مبسط يتضمن محرك بحث وإعلانات على الإنترنت. وبعد أربع سنوات من التطور والتوسع، قرر إنشاء موسوعة إلكترونية تحت مسمى "نوبيديا"، وأسند مهمة تنظيم هذه الموسوعة إلى لاري ساجنر الذي وظفه لهذه المهمة.
كانت مقالات موقع "نوبيديا" مكتوبة عبر متخصصين في الموضوعات المكتوبة. فكان نمو الموقع بطيئا بعض الشيء، لذلك قام لاري ساجنر في عام 2001 باقتراح فكرة جديدة، وهي فتح المجال لزوار الموقع لكتابة مقالاتهم على الموقع، فتم إنشاء موسوعة جديدة تحت مسمى "ويكيبيديا". ولضمان حيادية ودقة المقالات، تم توظيف مجموعة من الأفراد للقيام بمراجعة المقالات المرسلة والتأكد من صحتها.
توجد عدة أسباب وعوامل ساعدت على النجاح الكبير الذي حققه موقع "ويكيبيديا"، ولكن الأسباب الرئيسية يمكن تحديدها في ثلاث نقاط. أولها تميز موضوع هذا الموقع. فهناك الكثير من مواقع البحث والمنتديات والأخبار وغيرها، ولكن لم تكن هناك موسوعة بهذا الحجم على الإنترنت. لذا كان موقع "ويكيبيديا" يقدم مواضيع وخدمات لم تكن متوافرة في مواقع أخرى، مما أدى إلى تزايد زوار هذا الموقع. ثانيا تعدد المجالات، فأغلب المواقع عدا مواقع البحث عادة ما تكون متخصصة في موضوع معين. ولكن موقع "ويكيبيديا" لديه مقالات في شتى المواضيع، وهذا أدى إلى تنوع وتعدد زوار الموقع. أما السبب الثالث والأخير فهو تعدد اللغات، فلا تكاد توجد لغة غير موجودة في هذا الموقع، وبذلك قضى على أية حواجز لغوية قد تعترض طريق زوار الموقع.
ولعل أكثر ما يميز الإنجاز الذي حققه موقع "ويكيبيديا" هو أسلوب انتشاره، فهو لم يعتمد على وضع إعلانات في مواقع أخرى. بل كانت سمعته وإعجاب الزوار العامل الأساسي في انتشاره. فكان زواره ينصحون زملاءهم بزيارة الموقع في حال الحاجة إلى أية معلومات عن أي موضوع. وبسبب تميزه وعدم وجود منافسين له في مجاله، انتشر بشكل هائل حتى وصل إلى ما هو عليه في الوقت الحاضر.
بعد مرور خمس سنوات من هذا الاقتراح، أصبح هذا الموقع صاحب المركز السابع عشر في ترتيب المواقع الأكثر زيارة على مستوى العالم. وأحد المصادر الأساسية للمعلومات عن أي موضوع على شبكة الإنترنت، والموسوعة الإلكترونية الأفضل في الإنترنت. حيث يحتوي على ما يتجاوز الثلاثة ملايين مقال عن مواضيع مختلفة. منها ما يقارب الثلاثة عشر ألف مقال باللغة العربية.
ولكن القائمين على الموقع لم يتوقف طموحهم عند هذا الحد. فهم الآن يقومون بإنشاء مواقع فرعية عن الموقع الأساسي لتكون أكثر توسعا في بعض المواضيع والمجالات ليصبح الموقع أكثر شمولا لتلك المجالات. وإن استمر هذا النمو والتطور لهذا الموقع فلن يكون غريبا في أن نراه على قمة المواقع الأكثر انتشارا في الإنترنت. يا ترى هل يطمح المثقفون العرب والمسلمون في الدخول في هذه المنافسة وبناء موسوعات بهذه الضخامة؟ وهل يا ترى يقومون بما هو أسهل من ذلك وهو بالتأثير في عملية الإضافة والتأثير والتصحيح في هذه الموسوعات العالمية المفتوحة؟!

الأكثر قراءة