اجتماع لـ"هوامير" سوق الإمارات لبحث وقف مسلسل هبوط الأسهم
يجتمع اليوم في دبي 35 مدير محفظة وصندوق استثماري بدعوة من بنك أبوظبي الوطني الذي يمتلك أربع محافظ استثمارية تقدر أصولها بسبعة مليارات درهم في محاولة لوقف خسائرها ومسلسل الهبوط المتواصل لأسواق الأسهم الإماراتية.
وتتجه أنظار صغار المستثمرين الذين تكبدوا خسائر باهظة إلى اجتماع اليوم على أمل أن يتوصل "هوامير" السوق الذين يتعاملون بما لا يقل عن 100 مليار درهم إلى مقترحات تعيد الثقة المفقودة بعد أن نأت السلطات بنفسها عن التدخل بشكل مباشر في وقف التراجع الذي امتد إلى أكثر من ستة أشهر, وتسبب في انخفاض المؤشر العام للسوق بنحو 27 في المائة منذ بداية العام الحالي.
وعلى الرغم من أن كثيرين لا يعولون كثيرا على "هوامير" السوق من منطلق أنه لم يعد لهم تأثير في تغيير الوضع الحالي للسوق بعد أن أنهكتهم الخسائر التي قادت إلى تراجع حجم أصولهم. إلا أن المحلل المالي زياد الدباس مستشار بنك أبوظبي الوطني وصاحب فكرة دعوة مديري المحافظ إلى الاجتماع أوضح لـ "الاقتصادية" أن الجميع خاسر من استمرار موجة التراجع في السوق دون مبرر, وكان لا بد من أن يجتمع مديرو المحافظ لتدارس الوضع، خصوصا أن الكثيرين منهم لديه أفكار يمكن أن تسهم في وقف التدهور الحادث.
ونفى أن تكون المحافظ الاستثمارية في الإمارات قد فقدت القدرة على التأثير رغم الخسائر التي لحقت بها، مضيفا أن حجمها يتخطى 100 مليار درهم في حين أن القيمة السوقية حاليا لسوق الأسهم الإماراتية لا تتجاوز 600 مليار درهم وهو ما يعطي مؤشرا على القوة التي تتمتع بها المحافظ.
وأضاف أن المجتمعين يديرون محافظ متنوعة بين متوسطة وكبيرة حكومية وشبه حكومية وخاصة, وأنه سيتم تدارس الأمور التي تؤثر سلبا في السوق وسيتم رفع المقترحات التي سيتم التوصل إليها إلى هيئة الأوراق المالية التي تم توجيه الدعوة لها لحضور ممثلين عنها للاجتماع.
وفي حين تتصدر محافظ بنك أبو ظبي الوطني صدارة المحافظ الاستثمارية المصرفية، حيث تتنوع استراتيجيتها وأهدافها الاستثمارية بين المضاربة والاستثمار متوسط وطويل الأجل, تأتي محفظة هيئة المعاشات وهي المحفظة الحكومية الوحيدة في السوق التي يقدر حجم أصولها بنحو خمسة مليارات درهم, وتعد المحافظ الاستثمارية الخاصة "20 محفظة متنوعة تقريبا" التي يديرها رجل الأعمال عادل الحوسني من أكبر المحافظ في السوق ويتفوق حجم أصولها على محافظ بنك أبو ظبي الوطني، حيث تقدر أحجامها بنحو ثمانية مليارات درهم, وهناك محافظ أخرى مملوكة لبنوك وأفراد يراوح حجم أصولها بين 100 مليون ومليار درهم.
وكثيرا ما وجهت الاتهامات الى المحافظ بأنها وراء هبوط السوق مثلما كانت وراء الصعود الصاروخي للأسعار في مراحل الطفرة غير أن غالبيتها سجلت هبوطا منذ بداية العام وإن كانت نسبة الانخفاض تختلف من محفظة إلى أخرى مقارنة بنسبة تراجع المؤشر العام للسوق البالغة حاليا 27 في المائة, وحسب أحد المديرين فإن المحافظ تسجل هبوطا تراوح بين 10 في المائة في حده الأدنى و25 في المائة في الحد الأقصى.
ويتحفظ المحلل المالي محمد علي ياسين مدير مركز الإمارات التجاري للأسهم على اجتماع مديري المحافظ اليوم من زاوية أن الاجتماع يأتي كرد فعل للخسائر التي لحقت بالمحافظ الاستثمارية في حين أنهم لم يبادروا للاجتماع في وقت صعود السوق وانفلات الأسعار بل إن كثيرا ما وجهت الاتهامات لمحافظ بعينها بأنها كانت وراء الصعود غير المبرر للسوق. وتوقع ألا تخرج عن اجتماع اليوم عنه أمور مؤثرة في السوق من منطلق أن دور المحافظ أصبح ضعيفا وقدرتها على التغيير في اتجاهات السوق محدودة قياسا بقوتها قبل ستة أشهر وقت صعود السوق ذلك أن الخسائر التي لحقت بها أفقدتها الكثير من أحجامها وقيمها السوقية. كما فقدت أيضا القدرة على ضخ سيولة جديدة بسبب ضغوط التسييل التي تتعرض لها من قبل المستثمرين في وقت تحولت فيه إلى مقترضة من الأسواق وباتت عاجزة عن التغطية.
وأضاف أن المحافظ اتخذت بعض القرارات الخاطئة التي أثرت سلبا في أدائها وفي الأسواق من زاوية إعطائها تسهيلات ائتمانية بالحصول على قروض مبالغ فيها، إضافة إلى أنها نتيجة للخسائر التي لحقت بها فقدت سمعتها عند المستثمرين الذين فضلوا التعامل معها بدلا من الاستثمار المباشر. وطالب بأن تعيد المحافظ استراتيجيتها الاستثمارية وأن تتحول من المضاربة في بعض أهدافها إلى الاستثمار متوسط الأجل وطويله.
وذكر أن أسعار الأسهم تتداول حاليا بأدنى مستوياتها حيث راوحت مضاعفات أسهم البنوك بين 10 و12 مرة وهذا معناه أن أسعار الأسهم تتداول بخصم 30 في المائة عن معدلاتها الحقيقية وهو ما يعتبر فرصة جيدة للمحافظ شرط أن تغير من استراتيجيتها من المضاربة إلى الاستثمار متوسط الأجل وطويله
وأدت الخسائر المتلاحقة إلى ضغوط كبيرة على الصناديق والمحافظ الاستثمارية من قبل المستثمرين الذين يطالبونها بالبيع في وقت انخفضت فيه أعداد المستثمرين الجدد الراغبين في الاستثمار مع المحافظ الأمر الذي دفعها إلى تسييل جزء كبير من أصولها.
ولهذا السبب لا يعول ياسين كثيرا على أن يخرج مديرو المحافظ من الاجتماع بقرارات من شأنها تحفيز ضخ سيولة جديدة للسوق وهو العامل المفقود حاليا وتحتاج إليه الأسواق بقوة لإعادة الانتعاش مجددا. ورأى أن الوضع حرج وأوضاعهم حرجة أيضا, فلم يعدوا يمتلكون سيولة كبيرة وضخمة كما كان في السابق, لذلك هناك خوف من أن يؤدي استمرار الهبوط إلى موجة جديدة من تسييل أصولهم وربما هذا هو ما دفعهم إلى الاجتماع.
ويطالب ياسين بضرورة تأسيس صناديق استثمار مغلقة وليست مفتوحة، إضافة إلى تأسيس مركز معلومات لتقييم أداء المحافظ بحيث تصبح هناك منافسة شريفة بينها ترتكز على الأداء وبناء على أرقام دقيقة وذات مصداقية بعد أن نمت المحافظ في السوق، حيث تستحوذ على 40 في المائة من حجم التداولات اليومية في السوق رغم أن حجمها قياسا إلى حجم السوق لا يزال محدودا، إضافة إلى حاجتها الماسة إلى دعم من السلطات المعنية فقد جرى تطوير عناصر أسواق المال من شركات وساطة وسلطات رقابية وغيرها في حين لم يعط أي اهتمام للمحافظ الاستثمارية التي يتم الترخيص لها بشكل بدائي عن طريق المصرف المركزي كما أغفلت هيئة الأوراق المالية دورها في تطوير الأسواق رغم أهميته الكبيرة.
ومع ذلك يظل السؤال: هل يتمكن "هوامير" السوق في اجتماعهم الذي يترقبه صغار المستثمرين من إعادة التحسن للسوق ووقف مسلسل الهبوط المتواصل دون توقف؟