الأحد, 25 مايو 2025 | 27 ذو القَعْدةِ 1446


تشيكيا تحتضن أول مصنع لسيارات هيونداي في القارة الأوروبية

صحيح أن النمو القوي للدول الأسيوية يعتبر حاليا محور أحاديث كثيرة، ولكن في مجال المنافسة على القوة الإنتاجية يجب على هذه الدول بلا شك أن تذعن للهزيمة أمام دول شرق ووسط أوروبا من الأعضاء الجدد في الاتحاد الأوروبي. فباستثناء الصين التي وصلت قدرتها الإنتاجية خلال الأعوام العشرة الماضية إلى 8 في المائة سنويا لم تتجاوز القوة الإنتاجية لدول النمور الآسيوية في هونج كونج وكوريا وسنغافورة وإندونيسيا وماليزيا وتايلاند والفلبيـن معدل 3 في المائة سنويا وفي المقابل حققت دول وسط وشرق أوروبا قوة في الإنتاج بلغت 4 في المائة . بينما جاءت دول الاتحاد الأوروبي القديمة في قاع القائمة بنمو سنوي بلغ 2 في المائـة.
هذه هي نتائج دراسة أجراها معهد فيينا للمقارنات الاقتصادية العالمية (دبليو آى أى دبليو WIIW) حول مقدرة الدول الأعضاء الجديدة في الاتحاد الأوروبي NMS على التنافس. فقد نجحت دول وسط وشرق أوروبا في تحسين جودة الإنتاج لديها بصورة لافتة . فقد ولي زمان كانت فيه هذه الدول تقوم بإنجاز مختلف الصناعات البسيطة وبأجور رخيصة للمستثمرين الأجانب كموقع صناعي بديل, أما الآن فقد حل عصرٌ يوجد فيه تخطيط للإنتاج الصناعي والتصديري في قطاع التكنولوجيا المتقدمة والمتوسطة . وتحتل الإنشاءات الصناعية وصناعة السيارات موقع الصدارة في قائمة الإبداع الصناعي في هذه الدول. والجدير بالذكر أن الشركات الضخمة في دول الاتحاد الأوروبي القديمة لعبت بالأخص دورا فعالا في هذا التطور الذي استطاع مرارا في هذه الأثناء من بناء شبكات إنتاج ذات نطاق واسع.
وتبعا للدراسة تحتل المجر وجمهورية التشيك، وبولندا وسلوفاكيا القمة في مجال التكنولوجيا المتقدمة والمتوسطة، بينما تمكنت دولة مرشحة للانضمام مثل رومانيا أن تحتل موقع الصدارة في قطاع التكنولوجيا المتدنية خلال الأعوام العشرة الماضية واستطاعت كذلك من خلال تحسين جودة منتجاتها بصورة متواصلة من أن تكتسب حصصا في الأسواق بصورة واضحة.
من جهة أخرى استطاعت المجر والتشيك تحقيق مكان مرموق كموقع جذّاب لمراكز البحث والتطوير، فقد بدأت العديد من الشركات الأوروبية والأمريكية والأسيوية بالتعاون الوثيق من المنشآت الجامعية في هذين البلدين. ولا يقتصر تقدير دور هذه الدول كمراكز للبحث والتطوير على قطاع الشركات الخاصة، بل يمتد ويشمل أيضا حكومات دول متقدمة. فمنذ أكتوبر 2003 يوجد ميثاق تعاون بين ألمانيا والمجر يهدف إلى ربط مراكز البحث والتطوير في كلا البلدين مع بعضهما بعضا، ويهدف أيضا إلى إنشاء مراكز أبحاث مشتركة تقدم للشركات الصغيرة والمتوسطة إمكانيات للمساهمة في المشاريع الإبداعية المختلفة.
وفي قطاع صناعة السيارات شهدت جمهورية التشيك وسلوفاكيا تقدما وطابعا مميزا ملحوظا أثمرت عنه نتائج جيدة لكلا البلدين. ففي مواقع عديدة من هذه الدول المتجاورة نشأت مجموعة مصانع سيارات ضخمـة جعلت هذين البلدين تحتلان مراكز صدارة من بين الدول الأوروبية كمواقع لتصنيع السيارات. ففي هذه الأيام قامت شركة هيونداي الكورية لصناعة السيارات بتوقيع عقد مع الحكومة التشيكية بمبلغ 800 مليون يورو وذلك لبناء أول مصنع سيارات لها في أوروبا. وبتوقيع هذا العقد ستصبح شركة هيونداي بعد شركات فولكس فاجن وبيجو وتويوتا رابع شركة أجنبية تقوم بتصنيع سيارات في جمهورية التشيك حيث من المتوقع أن يصل حجم الإنتاج إلى 300 ألف سيارة سنويا لأغراض التصدير .
وعلى بعد 60 كيلومتراً في مدينة زيلينا السلوفاكية تعمل أيضا كيا الشركة الفرع من هيونداي على إنشاء مصنع سيارات يماثل الأول في الضخامة. هذا ويتربع مصنع فولكس فاجن في العاصمة براتسلافيا على عرش مصانع السيارات في سلوفاكيا وذلك باستثمارات تجاوزت حاليا 1.5 مليار يورو ثم تليها شركة بيجو ستروين لتحتل المركز الثاني.
وأفادت الدراسة أن دول أعضاء الاتحاد الأوروبي الجديدة في وسط وشرق أوروبا تقدمت في قطاع صناعة السيارات بسرعة أكبر من جميع الدول الآسيوية بما فيها الهند والصين. فمن هذا المنطلق استطاعت الدول NMS من أن تكتسح لصالحها حصصا في الأسواق ومن أن ترقى بمقدرتها على تحديد الأسعار. هذا يعني أن أسعار منتجات هذه الدول لا يختلف تماما -أو يختلف بنسبة بسيطة- عن أسعار نفس المنتجات التي تمت صناعتها في الدول الأوروبية الغربية.
كما تشير الدراسة إلى تواصل نمو هذه النزعة بصورة مستمرة. ففي دراستهم يذكر الكتّاب أن دول وسط وشرق أوروبا ستواصل في دعم صدارتها كمراكز صناعية من خلال التعمق في التخصصات وعن طريق المنافسة في تقديم الجودة العالية، فيما تبقى دول الاتحاد الأوروبي القديمة تدافع عن صدارتها وتحتل المراكز المتقدمة في مجال الخدمات التابعة للشركات.

الأكثر قراءة