التحكيم التجاري ولقاء المحكمين (2 من 3)

التحكيم التجاري ولقاء المحكمين (2 من 3)

<a href="mailto:[email protected]">drmaljarba@hotmail.com</a>

في هذه الزاوية الأسبوع الماضي أشرت إلى أهمية التحكيم التجاري كوسيلة من وسائل حل المنازعات التجارية وازدهاره في العالم المعاصر، وكذلك لقاء المحكمين بصاحب السمو الأمير الدكتور بندر بن سلمان بن محمد آل سعود مستشار خادم الحرمين الشريفين حفظه الله ورئيس فريق التحكيم السعودي ومعالي وزير العدل في الغرفة التجارية الصناعية بالرياض.
وفي زاوية هذا الأسبوع نواصل الحديث عن عدد من الأمور المهمة في مجال التحكيم وتعد من ركائز نجاحة منها:
أولاً: وجود قانون تحكيم واضح يحدد نوعية المراجعة القضائية لقرارات التحكيم وأنها مراجعة شكلية وليست موضوعية، ويواكب التغيرات الدولية والمحلية.
ثانياً: إنشاء مراكز تحكيم مؤسسي Constitutional تكون لها لوائحها الإجرائية تحت مظلة قانون التحكيم الوطني.
ثالثاً: عدم المبالغة في أجور التحكيم: إنه لكي ندعم التحكيم كوسيلة لفض المنازعات إلى جانب القضاء ينبغي أن نحول دون العوائق التي قد تعوق مسيرته ونموه ومن ذلك عدم المبالغة في أجوره، فإذا وجد أطراف النزاع في القضاء صعوبة من حيث التأخير وطول الإجراءات وعلانية الجلسات ونحو ذلك، فلا يكون ارتفاع أجور التحكيم حائلاً ومانعاً لهم من اللجوء إليه.
إن المتأهل في كتب الفقه الإسلامي يجد عدم تركيز الفقهاء على جانب أجور التحكيم، إذا يبدو أن معظم التحكيمات كان يقوم بها المحكم أو المحكمون طلباً للأجر والثواب من الله سبحانه وتعالى، إذ إن الإصلاح بين الناس وحل مشاكلهم وقضاياهم من الأمور التي أكدت عليها الشريعة الإسلامية ورغبت فيها، علاوة على أن المنازعات في ذلك الوقت كان يغلب عليها البساطة والوضوح، علاوة على صدق أطراف النزاع ورغبة كليهما في الحق.
لكن المتأمل في تحكيمنا المعاصر يجد أن هناك مبالغة في أجور التحكيم، وقد لاحظ ذلك الكثيرون فمثلاً M. Hunter يقول "التحكيم ليس بالضرورة الطريقة الأرخص لحل المنازعات".
Alan Redfern, Martin hunter, and marry smith, law and practice of international arbitration, sueet Maxwell, p.24.
ويقول أيضا Grace Xvier: "إن الاعتقاد الشائع أن إجراءات التحكيم أقل تكلفة من المحكمة ليس دائما صحيحاً .."
Journal of internationl arbitration, law international p. .285
وهذه الملاحظات تداركها منذ زمن بعيد فقهاء الشريعة الإسلامية فنجد مثلا الماوردي رحمه الله وهو من علماء المدرسة الشافعية يقول: " ... يجب ألا يكون المبلغ المأخوذ زائداً عن أجرة المحكم في عمله فليس له أن يأخذ إلا قدر كفايته .." أدب القاضي جـ 2، ص298.
إننا لكي نسهم في دعم التحكيم وتطوره لا بد لنا كمحكمين ألا نبالغ في أجوره.
وقد اعتنت قوانين التحكيم المختلفة على النص على أجور المحكمية وكيفية احتسابها فمثلا في قانون التحكيم السعودي الحالي رضت المادة (22) على تحديد أتعاب المحكمية باتفاق الخصوم ويودع ما لم يدفع منها خلال خمسة أيام من صدور القرار باعتماد وثيقة التحكيم لدى الجهة المختصة أصلا بنظر النزاع ويصرف خلال أسبوع من تاريخ صدور الأمر بتنفيذ الحكم وكذلك الأنظمة المقارنة وعلى سبيل المثال المادة (24) من LCIA Arbitration Rules وغير ذلك كثير.
ومما تقدم نؤكد ضرورة أن يكون هناك اتفاق بين المحكم وأطراف القضية على أجور التحكيم بشكل يمنع حدوث لبس بينما في المستقبل وتجدر الإشارة إلى أنه يمكن للمحكم وأطراف القضية الاتفاق على كيفية استحقاق أجور التحكيم المقررة وغير ذلك من الأمور التي توضح الحقوق بينهم.
وسنواصل الحديث بإذن الله عن الأمور الأخرى التي منها:
* تنظيم دخول غير المختصين في القانون في مجال التحكيم.
* بيان أن المحكم محكم وليس محاميا.
* أهمية تدريس مادة التحكيم التجاري في كليات الشريعة وأقسام الأنظمة، وفق الله الجميع لبكل خير.

الأكثر قراءة