الإرهاب من جهيمان إلى النخيل
باحث اقتصادي
<p><a href="mailto:[email protected]">alamiaa@yahoo.com</a></p>
في فجر يوم الجمعة 23/6/2006م قتلت قوات الأمن ستة من عناصر تنظيم "القاعدة" الإرهابي المنحرف وتم القبض على سابع بعد إصابته في مواجهة أمنية في حي النخيل شمال مدينة الرياض. كذلك استشهد الجندي عبد الرحمن حسن الشهري وأصيب أربعة عشر آخرون تجاوز اثنان منهم مرحلة الخطر والبقية حالتهم الصحية مستقرة. نحمد الله تعالى أن وفق قوات الأمن للإجهاز على عناصر الخلية الإرهابية التي تحاول النيل من هذا الوطن أو تقوم بإطلاق النار على رجال الأمن.
يواصل الإرهابيون تخبطهم العشوائي نتيجة ضعفهم وهوانهم. ما زلنا نتذكر كيف قام جهيمان مع الساعات الأولى لبداية القرن الخامس عشر الهجري (1/1/1400هـ) باقتحام الحرم المكي الشريف مع زمرة من الإرهابيين فاغتالوا قدسية المكان وقتلوا العشرات من المسلمين في مواقع متفرقة منه. استمر حصارهم 15 يوماً قتلوا خلال هذه الفترة العشرات من رجال الأمن حين تحصنوا على منابر الحرم وفي المواقع كافة وبدأوا في اقتناص كل من يحاول اقتحام الحرم. جعلت هذه المجموعة من الحرم ثكنة عسكرية لها وقتلت وسفكت دماء المسلمين دون اعتبار للدين على أعتاب بيت الله الحرام وتحت مآذن بيته العتيق.
يقول المختصون إن التطرف كرؤية وسلوك يتعلق بفرد بعينه خارج إطار جماعة أو ظاهرة، تمكن دراسته وفهم دوافعه وأسبابه من خلال مناهج التحليل النفسي الفردية والتحليل النفسي الاجتماعي وغيرها من مناهج ومقتربات متخصصة في دراسة صور وحالات "الانحراف الفردي". عندما حاول محمد الغيث وعبد الله التويجري تفجير إحدى آبار البترول أخيرا هل كانا يفكران بأسلوب فردي خارج إطار جماعة أو ظاهرة؟ لا أعتقد ذلك.
الخلية الأولى والأقوى بين خلايا الإرهاب كانت مسؤولة عن تنفيذ هجمات عام 2003 وهي تلك التي أعلنت عن وجود تنظيم القاعدة في شبه جزيرة العرب. ترأس هذه الخلية تركي الدندني وكان من ضمن قائمة الـ (19) الإرهابية التي أصدرتها وزارة الداخلية بتاريخ 7 حزيران (يونيو) 2003م فهو أحد كبار ناشطي القاعدة المسؤولين عن تفجيرات 12 أيار (مايو) في الرياض.
معظم عمليات القاعدة الإرهابية تأتي من هذه الخلية. هل تأثر هؤلاء الصبية بالوجود الإخواني وتأثيرهم في الفكر الديني والحركة الإسلامية في السعودية؟ المعروف أن البعض من الإخوان المسلمين تأثر بفكر سيد قطب خاصة تكفيره للمسلمين، وهو تأثر بفكر أبي الأعلى المودودي والشيخ ابي الحسن الندوي. لا بد من تطوير مناهجنا الدراسية بكم ثري من أفكار العلماء والفقهاء المسلمين الذين يتمتعون بالجرأة وقول الحق والوسطية والاعتدال لمجابهة هذه الأفكار الهدامة.
يعبر المتعاطفون مع الفكر الجهادي التكفيري بتوفير أماكن آمنة للاختباء والتنقل، والنيابة في أمور الشراء للمعدات والأغراض التي تستعملها تلك العناصر. لدينا مشكلة مع الجيل الشاب في السعودية الذين قد يتعاطفون مع الإرهابيين. تربى هؤلاء الصبية على ثقافة دينية متشددة طوال عقد التسعينيات. فمنذ أن كانوا أطفالاً في المدارس تبرعوا بقوت يومهم الدراسي لمساعدة المجاهدين في أفغانستان، ثم حين بلغوا المرحلة المتوسطة، كان بعض "معلميهم" يستغلون أوقات فراغهم بتلقينهم أبجديات التشدد الديني. تم كل ذلك من خلال فتاوى متشددة تطول الفرق والمذاهب المسلمة الأخرى، وزرعوا بذور الكراهية فيهم ضد غير المسلمين.
أضف إلى ذلك أن بعض المدرسين من المحسوبين على التيار الديني – وهم قلة – كان لهم أيضا جهد في عرض أشرطة العمليات الجهادية في البوسنة، والشيشان، أو ترتيب لقاءات لبعض الطلبة بعد المدرسة لضمهم إلى مجموعات وإن لم تكن عنيفة أو داعية لحمل السلاح، ولكنها متشددة في فهمها وسلوكها الديني. هذا الجيل الشاب هو الجيل الذي رويت له قصص قوافل الشهداء في أفغانستان، والكرامات التي حدثت على كل جبهة اجتمع فيها جهاديون من السعودية مع غيرهم من دول أخرى.
رحم الله شهيد الواجب عبد الرحمن آل مشاري الشهري، وقد جسد نموذجا لمن تربوا على حب الوطن، وتعلموا كيف يذودون عنه بالغالي والنفيس.