مواد كيماوية وروائح نفاذة تسبب مضاعفات خطيرة لمستخدميها

مواد كيماوية وروائح نفاذة تسبب مضاعفات خطيرة لمستخدميها

يحرص الكثير من الناس على إحاطة أنفسهم بسياج من الأمان الصحي من خلال عنايتهم بنظافتهم الشخصية ونظافة كل ما يحيط بهم، لكن هؤلاء قد لا يدركون أن المنظفات التي يستخدمونها لتحقيق رغبتهم تلك قد تكون هي الثغرة التي من خلالها ينفذ المرض أو الخطر الذي يخشونه، وبالتالي قد ينطبق على هذه المنظفات المثل السائر: "حاميها حراميها".
والواقع أن كثيرا من الدراسات والأبحاث تؤكد احتواء هذه المنظفات على مواد كيماوية تسبب مضاعفات خطيرة سواء على الجلد أو الجهاز التنفسي.
ويؤكد الدكتور محمد سعد الدين -استشاري أمراض جلدية- أن سطح الجلد يتأثر بالعوامل الخارجية بشكل مباشر مما يسبب العديد من الأمراض والأعراض، وخصوصا إذا كانت هذه العوامل محتوية على مواد كيماوية كمساحيق الغسيل التي تحتوي على مواد مثل بيربورات الفوسفات والمبيضات التي تعتبر من أكثر الأسباب التي تؤدي إلى الأكزيما التماسية والتهاب الجلد التخدشي.
ويؤكد سعد الدين أن التركيز العالي للمواد الكيماوية في المنظفات وطول فترة التعرض لها يؤدي إلى تشققات سطحية وجفاف في الجلد وبالتالي حدوث تلك الأمراض.
ويضيف سعد الدين إلى تلك الأسباب بعض الممارسات الخاطئة التي تساعد على ظهور الأكزيما على الجلد مثل استخدام "الإسفنجات" سواء كانت بلاستيكية أو معدنية في تنظيف المطابخ، بالإضافة إلى لمس اليد المصابة لبعض الخضار مثل الطماطم، والبصل، والثوم، والبرتقال، والليمون وعصيرها وقشورها وهذا قد يسبب حساسية جلدية أو يزيد في حجم الإكزيما. بالإضافة إلى استخدام القفازات البلاستيكية غير الطبية التي تستخدم روتينياً في المطبخ أو من الطاقم الطبي، وهذه لها دور مهم في حساسية الجلد الناجمة عن تغطية سطح الجلد وتأثير محتواها البلاستيكي على الجلد.
 ويبين سعد الدين أن التماس الأول للجلد مع بعض المواد المحسسة قد لا يكون له أي تأثير، لكن تكرار التعرض لها يساعد على ظهور إكزيما المنظفات.
أنوع الأكزيما
وعن أنواع هذه الأكزيما وأعراضها يقول سعد الدين أن هناك عدة أنواع للأكزيما الناتجة عن التعامل مع المنظفات مثل الأكزيما الحادة التي تصيب الجلد المعرض للمنظفات المتهمة، وتتمثل أعراضها في ظهور آفات حمامية موضعية وقد تحدث حويصلات وترافقها حكة.
إضافة إلى الأكزيما المزمنة ومن أعراضها جفاف الجلد وازدياد سماكته وتشققه. وهناك نوع آخر من الأكزيما ينتقل إلى المكان آخر غير المكان المصاب. وجميع هذه الأنواع يطلق عليها أكزيما "ربة المنزل" لأنها تحدث عادة للسيدة التي تعمل في المنزل بشكل مستمر. 
أما عن كيفية معالجة مثل هذه الحالات فيؤكد سعد الدين أن كل أنماط المعالجة سوف تكون مضيعة للوقت والمال إذا لم تكن متكاملة. كما يؤكد أن الأكزيما تتحسن بشكل مؤقت باستخدام الأدوية الموضعية والجهازية، لكن سرعان ما تعاود الظهور عند التعرض للمادة المحسسة مرة أخرى.
الوقاية خير من العلاج
ويرى سعد الدين أن الأكثر أهمية هو منع المادة المسببة للحساسية من ملامسة الجلد.
وحيث إنه من الصعب على ربة البيت التوقف عن استخدام هذه المنظفات؛ لذلك ينصح ربة المنزل باستخدام قفازات من أنواع خاصة مثل (Allerderm )، وهي عبارة عن قفازين في علبة واحدة الأول قطني يلبس أولاً حتى يمنع من تأثير النوع الثاني البلاستيكي. أما القفاز الثاني فيستعمل كحماية للقفاز القطني حتى لا يبتل بالماء أثناء العمل.
وينصح كذلك بعدم استخدام القفازات البلاستيكية العادية والقفازات المُبطنة.
ويوضح سعد الدين أن الجلد المتأكزم يصبح حساساً؛ لذلك فإن الخضار والبرتقال وعصير الليمون وعصير الثوم والبصل قد تعمل كمخرشات بدائية ويجب أن نتجنبها بل حتى الصابون العادي قد يكون سبباً في تهيج الجلد المصاب.

مطهرات سامة
وحول الأخطار المؤثرة بشكل مباشر على صحة الإنسان من جراء تعامله مع المنظفات يؤكد الدكتور سليمان الماجد -استشاري الأمراض الصدرية- وصول حالات كثيرة إلى المستشفيات من جراء تناول أحد الأطفال بالخطأ لأحد المنظفات كالكلور أو غيره ومن المعروف أن تناول الكلور له مضار كبيرة على جسم الإنسان سواء في الأمعاء أو البلعوم أو غيره.
 ويعتبر الماجد أن سوائل تنظيف الأطباق من أهم أسباب التسمم المنزلي، ويعلل ذلك بالتصاق بعض الكيماويات بالأطباق في كل مرة يتم غسلها، حيث تتراكم هذه الكيمويات مع تكرار الغسيل، ويلتقط الطعام جزءا من هذه المواد المتخلفة وبخاصة إذا كانت الوجبة ساخنة. وتحتوي معظم المنظفات المنزلية على مادة النشادر وهذه المادة قد تكون مميتة إذا اتحدت مع الكلور الذي يُستخدم في التبييض حيث ينتج اتحادهما مادة "الكلورامين" السامة. وسوائل الغسالات الأوتوماتيكية مكتوب عليها "ضار إذا ابتُلع" ومعظمها يحتوي على مادة Naphtha المسكنة للجهاز العصبي المركزي، وعلى مادة diethanolsamine المسببة لتسمم الكبد، بالإضافة إلى مادة chlorophenylphenol التي تعمل كمنشط خاص للتمثيل الغذائي وهي مادة عالية السمية أيضا. كما تحتوي منظفات الغسيل أيضا على الفوسفور والأنزيمات والنشادر والنفتالين والفينول ومواد أخرى لا يمكن حصرها. ويمكن أن تسبب هذه المواد الكيماوية أعراضا مرضية كالطفح الجلدي والحساسية وغيرهما. وفضلا عن التعرض المباشر لهذه المواد، يمتص الجسم عن طريق الجلد المواد الكيماوية المتخلفة من عمليات الغسيل في الملابس وفي ملاءات الأسِرّة. 
وحول المطهّرات وآثارها يقول الماجد أنها تتكون عادة من الفينول أو الكريسول، وهي مركبات تتسبب في تعطيل نهايات العصب الحسي، وتهاجم الكبد والكلى والطِّحال والبنكرياس والجهاز العصبي المركزيّ (CNS) ويستلزم العلاج سنة كاملة لإزالة الآثار الضارة غير الصحية الناجمة عن تعرض إنسان لأوقيتين من هذه الكيماويات. وأما عن معطرات الجو فهي تعطّل القدرة على الشم بطريقة طبيعية، بعد أن تعطل أعصاب الشم الطرفية، وتغلف الممرات الأنفية بطبقة رقيقة من الزيت المعروف بـ methoxychlor وهو في الأصل نوع من المبيدات الحشرية التي تتراكم في الخلايا الدهنية وتتسبب في إثارة الجهاز العصبي المركزي!
وعن المضار الناتجة عن استنشاق بعض روائح المنظفات المنزلية يؤكد الدكتور الماجد أن كثيرا من هذه المواد تعمل عند استنشاقها على تهيج الجهاز التنفسي عند الأفراد وقد تؤدي في كثير من الأحيان إلى حدوث هجمة ربو لمرضى الربو، وقد تؤدي عند البعض الآخر إلى حدوث حساسية في الصدر مصاحبة لسعال وضيق في التنفس.

الأكثر قراءة