كيف نكون منتجين لتقنية المعلومات؟
<a href="mailto:[email protected]">ksaksu@gmail.com</a>
كتبت في الزاوية السابقة مقالاً بعنوان "كفى استهلاكاً للتقنية ولنكن منتجين"، حيث دار محور المقال عن وضعنا الراهن مع تقنية المعلومات، والتي يطغى عليها استخدام أو استهلاك ما يتم إنتاجه في الغرب أو الشرق من أجهزة وبرامج وحلول في مجال تقنية المعلومات، دون أن تكون هناك استفادة بعيدة المدى لما يتم استيراده للارتقاء بهذه الصناعة محليا ولو كحد أدنى، وذلك بالاعتماد على مواطنينا، خاصة في ظل ما نمر به من ظروف اقتصادية وتوجهات حكومية، للاستفادة من تقنية المعلومات. وفي هذا المقال -كما وعدت سابقاً- سأكتب عن بعض سبل النجاح في الاستفادة من الظروف الحالية لإنتاج التقنية وليس استهلاكها فقط.
هناك عوامل عدة لو اجتمع أكثرها لنجحنا في أن نعتمد على أنفسنا في إنتاج وتصدير تقنية المعلومات، ولعل ما ورد في توصيات منتدى الرياض الاقتصادي في شهر ذي القعدة لعام 1426هـ ما يكفي إذا تم تطبيق توصياته فيما يخص تقنية المعلومات، ولكن اسمحوا لي في هذا المقال أن أضيف بعض التوصيات.
من وجهة نظري الشخصية، إن أول خطوة في هذا المجال تكمن في الاهتمام بتطوير كليات ومعاهد تقنية المعلومات ورفع محفزات القائمين عليها، فهي المرحلة التي يتم فيها تحول الشخص من طالب بمعلومات عامة إلى موظف متخصص في تقنية المعلومات. إن أي استثمار في تلك الكليات أو المعاهد يعود بالنفع على الطالب أولاً، ثم على جهة العمل المستقبلية للطالب، سواء كانت حكومية أو أهلية، ثم على الوطن بشكل عام. وللأسف، تعيش كليات ومعاهد تقنية المعلومات مشاكل وتحديات عدة من بينها: انعزالها عن سوق العمل ومتطلباته، وقلة عدد خريجيها مقارنة بارتفاع طلب سوق العمل، وقلة الاهتمام بتطويرها، ورفع مستواها ومستوى منسوبيها وغيرها الكثير، كل ذلك أدى إلى ضعف المتخرجين، وهم موظفو تقنية المعلومات، ما أدى كذلك إلى خيبة أمل المنظمات التي سيعملون بها وقلة الثقة بهم في تطبيق تقنية المعلومات بشكل صحيح ناهيك عن إنتاجها.
بعد تخرج الشباب من الكليات أو المعاهد، فإنه لا بد من تدريبهم بشكل مكثف ودوري على ما يتطلبه عمله لكي يقوم به بإتقان وحرفية، ولعل في إعطائهم الثقة والمسؤولية والتشجيع أثراً إيجابياً بالغ الأهمية لتطورهم ونجاحهم، والذي هو في الأخير نجاح المنظمة. وحتى نكون منصفين في هذا الطرح، والذي أشرت إلى تحمل المنظمة حمل صقل الشباب السعودي والاستثمار فيه، فإنه لا بد من سن قوانين محددة تحفظ للمنظمة استثمارها في الموظفين، فمن غير العدل أن تدرب منظمة موظفاً تدريباً مكلفاً ثم يتركها الموظف بعد ذلك وتستفيد منه منظمة أخرى.
يعتبر دعم البحث العلمي المخصص للتطبيقات العملية في تقنية المعلومات وتشجيع الباحثين له الأثر البالغ في إنتاج التقنية، والتحول من مجتمع مستهلك إلى منتج، ولعل إلزام الشركات الكبرى العالمية بإنشاء مراكز للبحوث و التطوير R&D، واشتراط نقل وتوطين التقنية خطوة إيجابية مع دعم الحكومة لذلك.
أخيراً، نرقب وبكل أمل أن تهتم وزارة وهيئة الاتصالات وتقنية المعلومات برفع مستوى تقنية المعلومات، سواء في مجال التعليم والتدريب، أو تشريعات خاصة لنقل وتوطين التقنية، أو تطوير قطاع تقنية المعلومات سواء بتشجيع الشركات الوطنية، أو الدولية المختصة في الاستثمار في تقنية المعلومات في المملكة. كذلك نرقب مجلس الغرفة التجارية الصناعية في متابعة توصيات منتدى الرياض الاقتصادي وتفعيلها في أسرع وقت ممكن.