تطور سوق الأسهم
هناك عدة أسباب تدعو الحكومات إلى تنظيم أسواق المال تختلف باختلاف النظام السياسي سواء كان النظام رأسماليا أو نظام تحكم مركزيا (اشتراكيا) أو نظاما اقتصاديا مختلطا وسوف أقتصر كلامي هنا على سوق المال في النظام الرأسمالي أو الاقتصاد الحر الذي يعتمد على حرية الأسواق والبيع والشراء، حيث إن النظام الاشتراكي لا يعترف أصلاً بالملكية الفردية، ناهيك عن سوق الأسهم، حيث تبرر الحكومات في الاقتصاد الحر تدخلها بالرغبة في الحماية من الأخطار والكوارث الاقتصادية وتحدد دورها بالتنظيم والإشراف فقط على هذه الأسواق رغبة في حماية المجتمع والصالح العام وتختلف التبريرات في الحاجة إلى تنظيم سوق الأسهم عنها في تبرير عملية تنظيم البنوك، فالتبرير بالنسبة للبنوك هو عادة الرغبة في حماية مدخرات المواطنين وحماية النظام البنكي من الأخطار المحتملة على البنوك الأخرى وعلى النظام البنكي نتيجة لإفلاس بنك محدد وامتداد تلك العدوى إلى النظام البنكي ككل أو ما يسمى SYSTYMIC RISK. أما تنظيم سوق الأسهم فإن التبرير له يهدف إلى حماية استثمارات المجتمع وتسهيل التمويل للمشاريع وأيضاً تسهيل الحصول على الحاجات الاجتماعية الأخرى مثل السكن والعمل بتسهيل التمويل عن طريق سوق الأسهم ويكون التأثير في سوق الأسهم بطريق غير مباشر، حيث إن سوق الأسهم تتعرض من حين لآخر للتقلبات فإن الدولة لا تسعى إلى منعها بل إلى تقليص حدتها بوسائل غير مباشرة مثل الحد من الإقراض ورفع سعر الفائدة بشكل مدروس ومتدرج إذا كانت ترى أن السوق مرتفعة والأسعار أعلى من القيمة الحقيقية لها أو بتوفير السيولة وزيادة الإقراض وزيادة الإنفاق العام إذا كانت ترى أن السوق منخفضة وأن أقيام الأسهم أقل من قيمتها العادلة.
كما تسعى الدولة إلى تنظيم السوق المالية بالتشريعات التي تنظم العمل وتعاقب التلاعب وتوفر المعلومات بشكل عادل وشفاف للجميع وتشجيع المؤسسات التي تزيد من عمق السوق وسعته وتحرص على الشفافية وسرعة الإفصاح ونشر المعلومات.
وأسواق الأسهم في العالم بما فيها السوق السعودية يمكن أن نقسمها في مراحل نموها إلى ثلاثة أنواع حسب التدرج من بداياتها ونموها ثم نضجها وهي تختلف في طريقة عملها وحسب تطورها بمدى الوعي والثقافة الاستثمارية ولكنها جميعها في الدول النامية والمتقدمة تشترك في الخصائص نفسها كونها تضم شركات تجارية، صناعية، زراعية وخدمات وتقنية وغيرها من القطاعات وينشط فيها قطاع أو قطاعات تمثل الميزة النسبية التي تختص بها دولة أو مجموعة دول عن الدول الأخرى.
لذلك فإن تصرفات المستثمرين يجب أن تتفهمها وتحاول الاستفادة منها باعتماد استراتيجيات توجب على المستثمر تحديد المبلغ الذي يريد استثماره في سوق الأسهم من أمواله وتحدد نسبة الخسارة التي يمكن أن يتحملها في سبيل تحقيق أهدافه الاستثمارية، بحيث يوزع ماله على عدد من الأنشطة وأنواع من الاستثمار يرى أنه قادر على فهم طبيعتها والمخاطر والأرباح المتوقعة منها، أي أن تكون له استراتيجية محددة يلتزم بها مهما كانت الظروف كأن يستثمر ثلث ماله في العقار وثلث المال في الأسهم والباقي في سيولة للطوارئ مثلاً وهذا تقسيم مبسط ويمكن أن ينوع أيضاً في التفاصيل، حسب حاجته للسيولة وعمره وصحته ومدى الوقت المقرر للاستثمار .. إلخ ونوع الاستثمار كأن يستثمر في أسهم مختلفة وأنواع عقار متعددة (سكني، تجاري، أراض) وأن يطبق دائماً القاعدة الذهبية بعدم وضع البيض كله في سلة واحدة.
وأنواع أو تقسيمات أسواق الأسهم الثلاثة التي تعكس تطورها ومن أجل التبسيط والاختصار يمكن أن يكون تطورها حسب الأشكال الثلاثة التالية:
أولاً- سوق تنمو باستمرار وترتفع عن المعدل أو المؤشر الذي يمثل نقطة أو خط التوازن (حسب الشكل 1).
ثانياً- سوق تنخفض باستمرار عن المعدل أو المؤشر الذي يمثل نقطة التوازن (حسب الشكل 2).
ثالثاً- سوق تتذبذب حول المؤشر أو المعدل الذي يمثل نقطة التوازن (حسب الشكل 3).
ففي الحالة الأولى نجد أن السوق في اندفاعها إلى الأعلى نتيجة تحسن في الوضع الاقتصاد والمالي والنفسي لدى المتعاملين فتكون السوق مرتفعة باستمرار مع وجود التذبذب المستمر الذي هو ملازم لكل أسواق الأسهم، حيث ينقسم الناس إلى متفائلين أو متشائمين وجسورين أو مترددين في طبائعهم ولكن في هذه الحالة (الشكل 1) يكون معظم المتعاملين متفائلين ومندفعين للشراء وهذا ينطبق على حال السوق السعودية خلال السنوات الثلاث الماضية 2003 – 2005.
أما في الحالة الثانية التي يعكسها (الشكل 2) فإن السوق تصاب بنكسة نتيجة الارتفاع السابق المستمر الذي خلق حالة تشبع للمتداولين ولذلك أصبحت السوق تهبط باستمرار، حيث تبلغ نسب النزول معدلات مرتفعة يدب على أثرها الذعر والخوف والرغبة في البيع خوفاً من النزول القادم ويتحقق هذا التوقع من شدة الخوف والتدافع للبيع فتنخفض السوق أكثر.
وفي الحالة الثالثة فإن السوق تعود متوازنة تتحرك حول خط التوازن أو نقطة المؤشر العادلة وتكون فيها فرص للمضاربين والمستثمرين ولكنها فرص معقولة ومتوسطة وليس فيها الارتفاع أو الهبوط الشديد الذي تتميز به الأسواق الناشئة، حيث يكون المتعاملون قد كسبوا الخبرة والتجربة ودراسة خياراتهم الاستثمارية بشكل صحيح ومنطقي وبناء على معطيات معروفة للجميع وهذا التحليل ليس دعوة للشراء أو البيع وإنما هو فقط محاولة لإيضاح الإطار العام للنظرة الواقعية لسوق الأسهم.
والله الموفق،،،
عضو مجلس الشورى