رسالة الخطأ

  • Notice: unserialize(): Error at offset 8 of 9 bytes in variable_initialize() (line 1202 of /var/www/html/includes/bootstrap.inc).
  • Search is temporarily unavailable. If the problem persists, please contact the site administrator.


الموارد البشرية بين التوطين والتوظيف

تلقيت دعوة كريمة لتقديم ورقة عمل في "ملتقى التوطين والتوظيف" الذي نظمته وزارة الدفاع والطيران والمؤسسة العامة للتعليم الفني والتدريب المهني في الرياض. لا شك أن برنامج التدريب العسكري هو أحد الأنماط التدريبية التي أقرتها الدولة بهدف توفير بيئة تدريبية لاستيعاب شباب الوطن. يختلف وضع الموارد البشرية اليوم في ظل الطفرة الثانية عن الوضع أثناء الطفرة الأولى التي شهدتها السعودية في منتصف السبعينيات نتيجة النمو الكبير في الإيرادات النفطية. الطفرة الأولى نتجت عنها نقلة نوعية غير مسبوقة في الدخل والمستوى المعيشي استفادت منها شرائح المجتمع السعودي جميعاً "تقريباً".
لا أتذكر بتاتاً أن كلمة "بطالة" كانت معروفة في الاقتصاد السعودي في ذلك الوقت، بل إنه كانت هناك أعمال متوفرة لم تكن هناك قوى بشرية كافية أو مؤهلة للقيام بها مما أوجد حاجة إلى استقدام العمالة الأجنبية حتى لا يتسبب نقص القوى العاملة في إعاقة عملية التنمية. كنا في تلك الأيام نبني الجبيل وينبع وكنا نبني المطارات الدولية الضخمة وكنا نبني مجمعات النفط والغاز والكهرباء وتحلية المياه وغيرها من ضروريات البنية التحتية. ولكن الطفرة الثانية التي نشهدها اليوم قد لا تكون بحدة طفرة السبعينيات نفسها إلا أنها تتميز بالخصائص والأسباب نفسها. الفرق الوحيد قد يكون عدم توفر الفرص الوظيفية بالمستوى نفسه الذي كانت عليه أثناء الطفرة الأولى. من هنا تأتي أهمية برامج التدريب العسكري المهني لأنها موجهة بصفة خاصة إلى خريجي الثانوية بأنواعها وتعطيهم الفرصة للحصول على تدريب مهني متخصص في أكثر من 12 مهنة.
أكبر الفرص الوظيفية الموجودة اليوم في السعودية هي: تكنولوجيا المعلومات والخدمات, فرص التوظيف للمتخصصين في مجال تكنولوجيا المعلومات تنمو اليوم بنسبة 4 في المائة سنوياً حيث تتوفر نحو ثمانية آلاف فرصة عمل سنوياً. من هنا يشكل قسم تقنية الحاسب أحد المسارات التدريبية المهمة التي يوفرها برنامج التدريب العسكري المهني للشباب بهدف استيعابهم في القوى العاملة. المجال الثاني للتوظيف في السعودية هو الخدمات. وتعد اتفاقية الخدمات واحدة من أهم اتفاقيات منظمة التجارة العالمية مقارنة بالاتفاقيات الرئيسة الأخرى, وتشمل: مجال الخدمات المالية، الاتصالات، النقل الجوي، النقل البحري، التعليم، الطب، وغيرها من الخدمات المساندة. تحتاج سوق العمل السعودية مثلاً إلى أكثر من 50 ألف متخصص في مجال تقنية السيارات وصيانتها خلال المرحلة المقبلة لتغطية العجز الذي يشهده هذا التخصص من الشباب السعوديين. نسبة السعوديين في مجال تقنية السيارات وصيانتها أقل من 10 في المائة. برنامج التدريب العسكري المهني يتيح للشباب فرص التوظيف في مجالات التقنية الميكانيكية في القطاعين العسكري أو المدني.
وزير العمل الدكتور غازي القصيبي أكد في بداية آذار (مارس) من هذا العام أن الأعداد الحالية من المتدربين لا تكفي حاجة البلاد. المرحلة التي يحل فيها العامل السعودي محل الأجنبي هي عندما تصل أعداد الخريجين من المعاهد المهنية من ألف إلى خمسة آلاف خريج. تخطط المؤسسة العامة للتعليم الفني والتدريب المهني لاستقطاب 300 ألف متدرب خلال السنوات الأربع المقبلة في معاهدها وكلياتها فيما سيكون في معاهد القطاع الخاص 100 ألف طالب، يعني خلال خمس سنوات سيصل أعداد المتدربين إلى 500 ألف متدرب. وهذا يقود للاستنتاج أن البطالة في السعودية ستقل ولكن بنسبة ضئيلة عما هي عليه اليوم. تقديرات حجم البطالة مختلفة لكنها تُعد مرتفعة حيث يصل مستواها إلى ضعف النسبة المقبولة عالمياً. لذلك أعتقد أن برامج التدريب العسكرية تسهم في تنمية الوعي لدى الشباب بأهمية العمل المهني، خاصة توطين الوظائف في التشغيل والصيانة في وزارة الدفاع والطيران وغيرها.
الطفرة الاقتصادية ليست بالضرورة أن تحل كل المشاكل ولا بد من التركيز على التدريب والتوطين, لأن التوطين يعني الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي, ولا سيما أن أعداد الخريجين ستزداد بنسب تراكمية. نريد توطينا وليس فقط استيراد التقنية ونأمل أن تعيد وزارة العمل النظر في سياسة التوظيف خاصة في ظل تباين معايير التوظيف من منشأة إلى أخرى وأن يكون إلزام منشآت القطاع الخاص بتوظيف سعوديين في وظائف تتناسب مع مؤهلاتهم مبنياً على دراسات علمية. لا بد من الإشادة بالمحرك الدائم لفعاليات الملتقى الدكتور فهد التويجري نائب محافظ المؤسسة العامة للتعليم الفني والتدريب المهني لما قام به وزملاؤه لإنجاح الملتقى. نمتلك اليوم فرصة ذهبية وهي أننا بحمد الله نعيش طفرة اقتصادية مزدهرة, ولعلنا نستغل هذه الفرصة للاستثمار في التدريب والتوظيف.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي