التعليم الفني .. ومديرو عموم الزير

أسعدني كثيرا تكرم الدكتور خالد العنقري بالتعقيب على مقال سابق حول تحويل الكليات التقنية إلى جامعة للعلوم والتكنولوجيا، وقد أسعدني أكثر موافقة سعادته على الكثير من النقاط التي تطرقت لها في المقال.
إن مثل ذلك الرقي في ردود الدكتور خالد العنقري ليس مستغربا عليه لما يتمتع به من رقي أخلاقي ومعنوي وتربوي، ذلك وهو المربي الفاضل وصانع أجيال التقنية في وطننا الحبيب، وقد تحدثت مع الدكتور هاتفيا وشكرته على التعقيب.
من المؤكد أن نقاط الاتفاق بيني وبين سعادة نائب المحافظ أكثر من نقاط الاختلاف، وهذا ما يثلج صدري ويسعد الكثيرين من متابعي النهضة التعليمية والتقنية في بلادي.
وإنني أدرك جيدا أن هدفنا وما نصبو للوصول إليه يصب في المصلحة العامة ونهدف وإياه إلى غاية واحدة، وإن اختلفت الطرق والوسائل، لتحقيق ما نصبو إليه من نقل للتقنية وتنمية للمجتمع.
وما تعقيبي على رد سعادة نائب المحافظ إلا توضيح لبعض النقاط التي استفسر عنها سعادته على المستوى الشخصي، ويسعدني كثيرا الإجابة عنها.
فأما من ناحية أصول البحث العلمي ومعرفة المصادر الموثوقة لعدد الخريجين والعاطلين عن العمل وممن يفتقدون التأهيل، فإنني أود أن أبادل سعادة نائب المحافظ السؤال عن أعداد وأحوال مَن تم تخريجهم في الكليات والمعاهد التقنية، وهو مَن يملك المعلومة ، ويجدر به أن يطلعنا عليها، إذا كان ما نستند إليه مجموعة ممن لا يعترفون إلا بالوظيفة الحكومية، وبالكاد تم تخريجهم - حسب تعبير سعادته، فبدلا من توجيه اللوم والمساءلة أرجو أن يطلعنا سعادة نائب المحافظ على مدى متابعة المؤسسة للخريجين بعد تخرجهم وسبل تحديث معلوماتهم وتطويرهم، وإيجاد الوظائف وإعادة التأهيل لهم بعد التخرّج.
أما من ناحية تقدمي للعمل في كلية التقنية في الرياض بعد أن قدمت استقالتي:
فهو واجبي نحو وطني، ولا مِنّة لي في ذلك، ومعرفتي بأهمية تخصصي بعد أن علمت من سعادته أنهم بصدد افتتاح تخصص الهندسة الطبية وهو جل ما كنت أحلم به وأسهر الليالي من أجله طوال 13 عاما في الغربة، وتعلقي بهذا التخصص، وأملي في نقل تقنياته إلى وطني، لأنني أدرك جيدا حاجة سوق العمل إليه، وأهمية هذا التخصص في اعتماد بلادنا على أبنائها، حتى لو كلفني الأمر التضحية بالكثير من المحفزات المادية الحالية والصبر على الكثير من العراقيل والمعوقات البيروقراطية التي تعاني منها المؤسسة، والتي تسببت في استقالتي في وقت سابق.
لكنني قرنت قبولي بالالتحاق بالعمل بشروط يعرفها سعادة النائب ويدرك جيدا أنني أسعى لتحقيقها من ناحية التخصص، وكذلك يدرك أن شخصا مؤهلا لن يقبل العمل تحت إدارة أنصاف المتعلمين ومدعي العلم ممن لا يملكون رؤية وتخطيطا مستقبليا، وسعادته أحد الشخصيات التي تعجبني بالعمل دون كلل أو ملل ودون محفزات مادية أو معنوية.
أما من ناحية مديري عموم الزير، فليسمح لي سعادة نائب المحافظ بسؤاله عن سبب التركيز في تخريج المهن الضعيفة والوضيعة مقابل عمالة تمتلك التخصصات العالية والرفيعة في بلادنا؟
لماذا لا يرقى تفكير المؤسسة لتخريج المهندسين والتقنيين عاليي التأهيل وتبوئهم المراكز المهنية المرموقة التي يحظى بها الغير؟ ألا يتجاهل سعادته الكثير من المهن التي يشغلها غير السعوديين وتحتاج إلى الكثير من العلم والتأهيل؟ أليس من الأولى تشجيع الشباب والاعتماد عليهم وتذليل العقبات التي تواجههم، بدلا من إتاحة الفرصة للغير لتعلم الحلاقة في رؤوسنا؟ أليس من حق المتفوق ومن يرغب في إكمال تعليمه احتساب الساعات التي درسها في بلاده، بدلا من اعتمادها في الخارج، وحرمانه من مواصلة تعليمه في بلادنا؟
هل يخشى المسؤولون في المؤسسة العامة للتعليم الفني والتدريب المهني من إلحاقها بوزارة التعليم العالي؟ أليس المهم هو تنمية المجتمع بعيدا عن أي اعتبارات أخرى؟
ليس صحيحا أن كل متخرّج يهدف إلى أن يكون من مديري عموم الزير، بل إن الكثير منهم يقبل بأقل القليل بحثا عن الخبرة والتأهيل.
هناك الكثير من الأسئلة والتساؤلات وليس هذا مجال مناقشتها، وإنني على ثقة بأن تكون مناقشتها في مكتب سعادته بدلا من صفحات الجرائد، لأنني على ثقة باهتمام سعادته والقائمين على المؤسسة العامة للتعليم الفني والتدريب المهني بمستقبل الوطن وسعة صدورهم واهتمامهم. والله من وراء القصد.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي