أسواق نقد أكثر قدرة على إدرار الربح
يحاول أصحاب صناديق أسواق المال بأساليب جديدة متعددة أن يجعلوا من منتجاتهم الاستثمارية منتجات أكثر جاذبية . فهم يسعون لاجتذاب مستثمرين محتملين من خلال تقديم خدمات إضافية لهم مثل بوليصة تأمين ضد التقلبات. وفي الوقت نفسه توسع الصناديق باستمرار دوائر الاستثمار عبر أدوات أسواق النقد التقليدية من أجل تحقيق عوائد منافسة. وقد بلغت عمليات التوسع هذه ذروة جديدة خلال الأسبوع الجاري بصندوق استثماري جديد لثاني أكبر شركة استثمارية ألمانية هي شركة ( يونيون انفستمنت) فلأول مرة تركز شركة استثمارية في أحد قطاعات السوق بشكل حصري على قروض للشركات قصيرة الأجل.
والجدير بالذكر أن صناديق أسواق المال فقدت الكثير من سمعتها بسبب انخفاض أسعار الفائدة التي كانت قيمتها تنمو استثنائيا بمعدل سنوي يزيد على 2 في المائة بعد خصم الرسوم . وقد كان عرض النقد اليومي لبعض البنوك يبدو أكثر جاذبية، على هذه الخلفية. ولكي تكون في مستوى الزعم بأنها عبارة عن مرفأ آمن للسيولة، فإن على صناديق أسواق المال اتخاذ ما يلزم من إجراءات لإبقاء مخاطر الإصدار، وتغيرات أسعار الفائدة وأسعار صرف العملات ضمن أضيق الحدود . ولكن هذا من شأنه أن يؤدي إلى تضييق فرص الاستثمار في سوق الإقراض الأوروبي للمدى القصير. وضمن هذا الإطار تحاول صناديق الاستثمار على الدوام، مرة وأخرى ، أن تكسر هذا الإطار لاستكشاف مصادر جديدة للعوائد وبالتالي للتمكن من الصمود في ميدان المنافسة.
ولعل من الأوراق المالية المفضلة أكثر من غيرها، في عمليات التنويع الاستثماري، السندات المدعومة ببعض الأصول ، حيث يجري مثلا دمج عمليات الرهن أو القروض الاستهلاكية في رزمة واحدة، وفي هذه الأثناء أصبحت حصة هذا النوع من السندات في الصناديق المختلفة تتجاوز الطابع الذي يميزها كوسيلة للتنويع فقط. وهكذا يكاد صندوق (آكتيفيست يورو بلاس ) وهو أكثر الصناديق انتشارا بين المستثمرين، أن يكون صندوقا يتعامل فقط بالسندات المدعومة ببعض الأصول حيث تبلغ نسبة هذه السندات في حقيبته الاستثمارية نحو 90 في المائة . وقد تمكن صندوق (آكتيفيست يورو بلاس) بفضل ذلك من تحقيق أرباح تجاوز معدلها السنوي للسنوات الثلاث الأخيرة 2.3 في المائة .
لقد وسع الصندوق الاستثماري الجديد ( يورو كوربوريتس) الحدود التي يمكن أن يصلها التعامل في هذا النوع من السندات . ومن الواضح أن قروض الشركات هي، بالضرورة، أكثر عرضة لاحتمالات الفشل في السداد من السندات الحكومية ، ومن هنا تسعى إدارات الصناديق الاستثمارية لتقليص مخاطر الخسارة بحيث لا بد أن يكون 90 في المائة من حجم الصندوق الكلي عبارة عن قروض ذات تصنيف استثماري عال، يضاف إلى ذلك أنه لا بد من التنويع الواسع بحيث لا تزيد نسبة أي نوع من السندات عن واحد في المائة من الحقيبة الاستثمارية. كما أن الفترة المتبقية لنضوج أي سند من سندات الحقيبة الاستثمارية لا يجوز أن تتجاوز فترة ستة أشهر، وهو ما يقلل أيضا من مخاطر التغيرات التي قد تطرأ على أسعار الفائدة.
ويقول ألكساندر ميرتس مدير أحد الصناديق: "إن فترة الاستثمار يجب ألا تقل عن 90 يوما ". والمغزى من وراء ذلك ألا تتحقق خسائر أثناء هذه المدة. بل ويقصد من ذلك أيضا أن تنتهي في هذه الأثناء فترة اللجوء إلى ميناء السيولة الكلاسيكي الآمن. وكما هي العادة في صناديق أسواق المال كثيرا ما يصرف النظر عن علاوة الإصدار. غير أن ثمة تعويضات بالإضافة إلى رسم الإدارة البالغ 0.4 في المائة لا بد من دفعها قد تصل إلى ربع نسبة التحسن في قيمة استثمارات الصندوق.
إن من أكبر صناديق الاستثمار الألمانية الأخرى الشركة الألمانية للأوراق المالية (دي دبليو اس) و(ديكا) ، وقد قامت الشركتان في الأشهر الماضية ليس فقط بتوسيع نطاق استثماراتهما وإنما أيضا بالربط بين صندوق أسواق المال وضمان تطور القيمة ، وهو ما مكن الصندوقين من تحقيق نتائج مبهرة لدى كبار المؤسسات الاستثمارية . وقد تمكنت الشركة الألمانية للأوراق المالية من جمع ما لا يقل عن ثلاثة مليارات يورو منذ بداية العام حتى الآن بفضل الضمان نصف السنوي الذي تمنحه للمستثمرين. وبالأسلوب نفسه تمكنت شركة ديكا خلال الأشهر الثلاثة الماضية من جمع ما لا يقل عن 250 مليون يورو.
فشيئا فشيئا ستفتح الأبواب أيضا أمام المستثمرين الأفراد للوصول إلى مثل هذه المفاهيم الاستثمارية الجديدة ، ويذكر في هذا السياق أن الشركة الألمانية للأوراق المالية (دي دبليو إس) قد طرحت في الأسواق أخيرا برنامجا من هذا القبيل لمنفعة المستثمرين الأفراد يوفر ضمانات نصف سنوية لقيمة الاستثمار ، قابلة للتمديد . ولكن على المستثمرين أن يأخذوا بعين الاعتبار أنهم يمكن أن يكونوا مطالبين بدفع علاوة إصدار قدرها واحد في المائة وهو ما يمكن أن يقلل بوضوح من عوائد الصندوق. هذا وقد وصلت شركة ديكا لصناديق التوفير مرحلة متقدمة في تحضيراتها لإطلاق صندوق استثمارات جديد في أسواق النقد سيجري بموجبه إبلاغ المستثمرين فيه كل شهر بالعائد المتوقع في الشهر الذي يليه والذي سيسجل لحسابهم، وبمثل هذه العوائد التي يمكن حسابها فإن صناديق التوفير التي تربط التوقعات بالأرباح تتفوق حاليا على البنوك المباشرة وعروضها للدفعات النقدية اليومية.