ارتفاع قياسي لأسعار القهوة منذ 7 أعوام
شهدت أسعار القهوة في لندن منذ نهاية تموز (يوليو) الماضي، ارتفاعا كبيرا حيث تبلغ تكلفة صنف "روبوستاس" في الوقت الراهن قيماً مرتفعة لم يسبق لها مثيل منذ سبعة أعوام تقريباً. وحتى في نيويورك،حيث ترتكز التجارة هناك على صنف "أربيكاس"، فإن المؤشرات آخذة في الصعود بصورة ملموسة منذ حين، ولكن ليس بنفس حجم الزيادات المسجّلة في لندن. وسيلمس المستهلكون للقهوة الخام ارتفاعاً ملحوظاً في أسعارها عاجلاً أم آجلاً، وحينها من الممكن أن تشكل هذه شعلة من النيران في كومة من القش بتأثيرها على باقي الأسعار سريعاً، رغم أن الكثير من الخبراء لا يعتقدون باحتمالية حدوث ذلك.
ويمكن أن يكون الانطباع للوهلة الأولى، أن هناك أمراً غير معتاد يمكن أن يحدث، مثل الصقيع المفاجئ في مصانع الإنتاج البرازيلية. وما يمكن رؤيته بعد ذلك، ولكن بما أن مثل هذا الحدث أصبح حتى هذه اللحظة الحالية غير متوقع، فقد ارتفعت أسعار أربيكاس في نيويورك. وفي الحقيقة، فإن لا شيء مميزاً قد حدث، إنما أصبحت كميات صنف روبوستاس شحيحة بعض الشيء، ويُتوقع أن يتم تعديل في الوضع التمويني هنا في كانون الثاني (يناير) أو شباط (فبراير) الماضيين، عندما يتم نقل الحصاد الفيتنامي ضمن أحجام كبيرة إلى الدول الاستهلاكية. وتُعد الفيتنام دولة منتجة ورائدة لصنف القهوة روبوستاس، وهي ثاني أكبر منتجة للقهوة بعد البرازيل.
ولكن هناك شك في اعتبارات السوق الحالية، وحول تبرير ارتفاع الأسعار. ويحوم الشك هنا بالأخص على الوضع، بأنه يوجد في الوقت الراهن حجم كبير من الحصاد في البرازيل، ولهذا فإن العرض من الممكن أن يمتد من هناك إلى السوق العالمية خلال فترات زمنية تدريجية. مع أن ما يتم في الواقع يبدو على نحوٍ مختلف من وجهة نظر التجّار.كما أن استعداد المنتجين في البرازيل لبيع القهوة من حصادهم الجديد، غير واضح في الوقت الحالي على نحوٍ خاص. وهم يملكون بفضل المساعدات الحكومية أموالاً كافية، وقادرون على تخزين سلعهم، والانتظار آملا باحتمالية رفع الأسعار. بالإضافة إلى هذا، ينمو حجم الطلب الداخلي على القهوة بصورة هائلة، حيث يتم الحفاظ على الكميات المتاحة، والتي يُفترض تصديرها، ضمن حدود الدولة. هذا ما أكّدت عليه معدلات التصدير خلال الفترة الأخيرة. وبالنظر إلى المستقبل، يمكن لسعر تبادل الصرف للريال البرازيلي مقابل الدولار أن يحظى بتأثير على الاستعداد للتصدير. وعلى ما يبدو في الوقت الراهن، فإن هذا الجانب لا يلعب دوراً مؤثراً حتى الآن، فعلاقة تبادل سعر الصرف ما بين هاتين العميلتين مستقرة جداً منذ أسابيع.
ومن المحتمل أن يشير التجّار، إلى أن المطاحن ستعاني نقصاً أكثر في صنف القهوة روبوستاس، وأن يمتد ذلك إلى أربيكاس، وغيرها من أصناف القهوة. ومن الممكن أن يرتفع سعر روبوستاس، الزهيد عادة، بفعل وضع التزويد الحرج، وكما يُقال، فإن فروق الأسعار تلعب في الغالب دوراً ضعيفاً. ولهذا فإن من المتوقع، ارتفاع سعر أربيكساس في نيويورك بقوه أسوة بمثيله روبوستاس. وأما بالنسبة إلى المطاحن الكبرى، فإن الأمر يتعلّق بسعر الشراء فقط، حيث يمكنهم مزج القهوة وفقاً لعوامل اقتصادية. وعلى تلك المطاحن مواجهة التجهيزات للشتاء على نصف الكرة الشمالي ببطء، حيث تُعتبر تلك الفترة الزمنية الأعلى من حيث استهلاك القهوة. وهي تعلم، بأنه لن يكون بإمكانها الحصول على روبوستاس بكميات كافية قبل بداية العام المقبل. وتبعاً لهذا، يتوجّه اهتمامها بصورة خاصة إلى صنف أربيكاس من أمريكا اللاتينية. ورغم أن الأمر لم يتضّح بعد ، حيث إن ما يزيد على نصف الحصاد البرازيلي في الوقت الراهن يتم الاحتفاظ به دون مبرر.