مصر تستيقظ على كارثة جديدة للقطارات.. 55 قتيلا و200 جريح
تضاربت الأقوال حول السبب الحقيقي الذي أدى إلى كارثة القطارين المصريين صباح أمس في أطراف القاهرة والتي تسببت في مقتل نحو 55 راكبا وإصابة نحو 200 شخص, معظمهم من العمال والموظفين المتوجهين للعمل في العاصمة. وفي حين أفادت أنباء أن أحد السائقين تجاهل الإشارات الضوئية واصطدم بالقطار الذي يقف في الإشارة, في حين حملت تقارير أخرى القطار الأول المسؤولية حيث تأخر في التحرك من النقطة رغم انتهاء فترة توقفه الأمر الذي تسبب في قدوم القطار الثاني والاصطدام به.
ووقع الحادث على بعد نحو 20 كيلومترا شمال القاهرة وتحديدا في مدينة قليوب التابعة لمحافظ القليوبية, حيث كان القطاران متوجهين إلى القاهرة، أحدهما قادم من المنصورة والآخر من بنها اللتين تقعان على بعد 130 كيلومترا و50 كيلومترا من العاصمة.
ويقول ممدوح عامر (29 سنة) الذي نجا من الحادث "كنت في قطار بنها, كان القطار قد توقف قبل خمس دقائق وفجأة شعرنا بما يشبه الزلزال. قفزنا من النوافذ ورأينا النار تتصاعد من العربات الخلفية". ويضيف أن معظم ركاب القطارين كانوا من العمال والموظفين ورجال الشرطة المتوجهين إلى عملهم في القاهرة.
واشتعلت النار في مقدمة قطار المنصورة الذي اصطدم بمؤخرة قطار بنها في مدينة القليوبية، وانقلبت عربتان وتمزقت عربة ثالثة تماما. وقال مصدر أمني محلي أن الحادث نجم عن خطأ ارتكبه موظف الإشارة في القليوبية لأنه لم يعط الإشارة للقطار القادم من المنصورة للتوقف في الوقت المناسب. وقتل سائق القطار في حين كانت الشرطة تستجوب سائق قطار بنها. وقال وزير الصحة حاتم الجبالي إن "عدد الضحايا بلغ 51 قتيلا و138 جريحا".
وتروي سعاد عبد الله (53 عاما) المقيمة بالقرب من المحطة "كنت قد أفقت للتو من نومي في السابعة بتوقيت القاهرة عندما سمعت دويا رهيبا. أسرعت إلى الشرفة ورأيت الدخان والجثث معلقة على العربتين المنقلبتين". ومثل باقي المساكن القريبة من السكة الحديد، هرع أولادها عبر السياج للمساعدة في انتشال القتلى والجرحى من تحت العربات.
وبعد ساعتين من الحادث، كان المسعفون لا يزالون يواصلون انتشال الجثث التي تحول بعضها إلى أشلاء من العربات ونقلها إلى سيارات الإسعاف عبر ثغرة تم فتحها في الجدار المحيط بالمحطة. وصاح شاب فقد أعصابه من هول المأساة في وجه رجال الشرطة والمسعفين يلومهم على تأخرهم في الوصول. وأقامت الشرطة حزاما أمنيا حول المنطقة لمنع الرجال الغاضبين من الاقتراب. وأكد شهود أن الإسعاف تأخر نحو ساعة للوصول.
وأكدت شيماء سمير (23 عاما) "اتصلنا بالمسعفين لكنهم في البداية لم يصدقونا".
وتجمع نحو ألف من المارة وأقارب المسافرين الحريصين على معرفة أي أخبارعن ذويهم قرب مكان الحادث. وناشد مسؤولون المصريين التبرع بالدم عبر مكبرات للصوت واستجابة لذلك اصطف الناس للتبرع.
ووقفت شيماء على شرفة منزلها تراقب المسعفين وهم يعملون وسط ضجيج صفارات سيارات الإسعاف التي تنقل الجرحى إلى المستشفيات. وقالت "كنا نائمين. أفقنا على صوت الاصطدام الذي اهتز المنزل بسببه".
وعلى جانبي السكة الحديد التي تمر عبر حقول المنطقة الزراعية، كان المسعفون يجمعون الأحذية والقبعات وزجاجات الماء. وبالقرب من رافعة تعمل على إزالة بقايا العربات، كانت توجد صفحة من المصحف وفردة حذاء محترقة ملطختين بالدماء. وتوزعت أشلاء متفحمة بين العشب.
وتساءل شاب جلس فوق سياج المحطة "ماذا سنفعل بعد الآن. هل نستقل القطار للذهاب إلى عملنا؟". وأجاب رفيقه "ليس في هذه البلد". ويعود آخر حادث قطار خطير إلى الأول من أيار (مايو) الماضي عندما أصيب 45 مصريا في اصطدام بين قطارين في محافظة الشرقية شمال القاهرة. وفي نهاية شباط (فبراير) الماضي أصيب 20 شخصا بجروح في حادث مماثل بالقرب من الإسكندرية،. ولكن الكارثة الأسوأ تبقى تلك التي وقعت في 20 شباط (فبراير) 2002، عندما اندلع حريق بسبب موقد للغاز في قطار مكتظ مخلفا 361 قتيلا على بعد 70 كيلومترا جنوب القاهرة.
وفي التسعينيات، سجلت عدة حوادث كان أبرزها مقتل 41 شخصا في 1998 بالقرب من الإسكندرية، و30 شخصا في 1997 بين أسوان والأقصر في الجنوب، و75 قتيلا في 1995 في البدرشين، جنوب القاهرة.