الكهرباء.. الطاقة المفقودة

<a href="mailto:[email protected]">f.albuainain@hotmail.com</a>

يبدو أن أزمة سهم الكهرباء الحادة التي قادته إلى تذيل قائمة أسهم الشركات المدرجة في سوق التداول، انتقلت إلى قطاع إنتاج الطاقة في الشركة، بعد الأعطال الفنية التي ضربت محطة غزلان البخارية وبعض المحولات الرئيسة والفرعية ما أدى إلى انقطاع التيار الكهربائي عن مناطق صناعية في الرياض والمنطقة الشرقية.
انقطاع الطاقة الكهربائية ربما كشف عن الخلل الكبير الذي تعاني منه إدارة الشركة خصوصا فيما يتعلق بالإدارة الإنتاجية، المالية، و التخطيط الإستراتيجي الذي يفترض أن يواكب متطلبات التنمية واحتياجاتها المستقبلية، وهو الخلل الذي أثر دون أدنى شك في أداء السهم في سوق التداول.
أوضحت الشركة أن السبب الرئيسي في العطل هو: " زيادة الأحمال الكهربائية الناتجة عن زيادة الاستهلاك، خاصة في المصانع وارتفاع درجة الحرارة, وتزامنه مع عطل فني داخلي في محطة غزلان البخارية " أي أن الشركة تتحدث عن أعطال فنية متراكمة ضربت أجزاء متباعده في قطاع الإنتاج، وربما نقل الطاقة أيضا، ما يعني استحالة إعادة التيار الكهربائي إلى وضعه الطبيعي خلال الأسبوعين القادمين، وهو ما أشار إليه المهندس علي بن صالح البراك الرئيس التنفيذي في الشركة، الذي أكد أن " إعادة التيار ستأتي بعد الانتهاء من تركيب المحول الجديد الذي يبعد عن القديم مسافة 150 مترا ويستغرق تركيبه عشرة أيام والعمل على مدار الساعة يتخللها يوما تشغيل تجريبي" وإن كنت أستبعد ذلك عطفا على الأضرار الكبيرة التي لحقت بمحطة غزلان وبعض المحولات المساعدة إضافة إلى المحول الرئيس.
المهندس البراك حاول أن يبعد اليأس عن قلوب المواطنين من خلال تأكيده استدعاء خبراء من شركة ميتسوبيشي اليابانية على وجه السرعة للتعامل مع الأعطال الكهربائية التي تعرضت لها محطات الطاقة، ولم ينس أن يذكر المواطنين بتكلفة الخبراء التي ستصل إلى خمسة آلاف ريال في الساعة، لكنه قطعا تناسى التكلفة الفعلية التي تعرض لها قطاع الإنتاج السعودي، خصوصا المصانع، والأجهزة التي تلفت بسبب انقطاع الكهرباء المفاجئ، والغرامات التي ستتحملها بعض المصانع المتوقفة نظير فشلها في تنفيذ عقودها مع الآخرين؛ إضافة إلى ما ستفقده الشركة من دخل مهم جراء توقف عمليات بيع الطاقة الكهربائية.
هذه هي التكاليف الحقيقية التي يجب أن تدخل ضمن حسابات الشركة التقديرية، أما تكاليف الفنيين فهي لا تعدو أن تكون جزءا بسيطا من التكلفة الحقيقية التي يفترض أن تتحملها شركة الكهرباء.
ربما أننا لم نصل بعد إلى مرحلة التعويضات وحساب التكلفة الحقيقية لأضرار الأعطال عطفا على الثقافة الإدارية، القانونية، والاستثمارية السائدة. مثل هذه الثقافة لا يمكن الجزم باستمرارها، خصوصا مع بداية دخول المستثمرين الأجانب إلى السوق السعودية. هؤلاء المستثمرون ضليعون في الأنظمة الدولية، وقوانين منظمة التجارة العالمية، ولا أظنهم يمررون عمليات انقطاع الطاقة، في حالة تعرضهم لها، دون أن يفتحوا باب التعويضات على مصراعيه.
العطل المفاجئ الذي ضرب محطة غزلان، وبعض المحولات الرئيسة والفرعية يفترض أن يدق نواقيس الخطر، ويرسل إشارات الاستغاثة إلى وزارات الدولة المعنية، وهيئة الكهرباء من أجل العمل على وضع الخطط الكفيلة بتطوير قطاع الكهرباء، وإعادة هيكلة الشركة، ومساعدتها على تحمل الأعباء المالية الضخمة التي تتكبدها في سبيل إيصال الخدمة للمناطق النائية وغير المربحة تشغيليا. الشركة لم تعد قادرة ماليا على مواجهة متطلبات الصيانة المرتفعة، عوضا عن تنفيذ خططها التوسعية والاستراتيجية في قطاع إنتاج ونقل الطاقة الكهربائية، ولا أظنها قادرة أيضا على إقناع البنوك بتمويل مشاريعها عطفا على مراكزها المالية الحرجة، الأمر الذي يستوجب تدخل الحكومة المباشر من أجل توفير الأموال اللازمة لمواجهة احتياجاتها العاجلة والاستراتيجية.
يبدو أن شركة الكهرباء بدأت بالفعل في فقد طاقتها الإدارية، الاستراتيجية، والمالية، وإمكانية إرضاء عملائها، ومساهميها الذين تضرروا كثيرا جراء خسائرها المتراكمة، وأدائها المحبط الذي أدى إلى تدني سعر سهمها في سوق التداول.
قطاع الكهرباء يمثل العصب الرئيس للتنمية الصناعية، والمدنية وهو في حاجة ماسة لخطط إستراتيجية تضمن تطوره بنسبة تزيد على نسب النمو الصناعي والمدني بما يضمن استمرارية الإنتاج والتوزيع، وطالما أن شركة الكهرباء بادرت باستدعاء خبراء من شركة ميتسوبيشي اليابانية من أجل إصلاح الأعطال الفنية، فإنني أقترح أن تبادر الجهات المسؤولة باستدعاء خبراء الإدارة اليابانية والغربية علهم ينجحون فيما فشل فيه الآخرون.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي