هوامير الصيف وأسهم المضاربة

<a href="mailto:[email protected]">alamiaa@yahoo.com</a>

نال شهر آب (أغسطس) الماضي لقب شهر سوق الأسهم بامتياز، فقد وافقت هيئة سوق المال على طلبات لزيادة رؤوس أموال ثلاث شركات هي: النقل الجماعي، العقارية، ومجموعة صافولا". كذلك جرى الإعلان عن تخصيص أسهم "إعمار المدينة الاقتصادية" وجرت عملية اكتتاب "البحر الأحمر لخدمات الإسكان". الهيئة وافقت أيضاً على الترخيص لأربع شركات لتقديم خدمات أعمال الأوراق المالية، رغم أننا لسنا في حاجة إلى شركات وساطة مالية، بل في حاجة إلى شركات وساطة مالية شاملة ومكتملة يمكن أن تقوم بدور صانع السوق. وتوجت الهيئة أحداث الشهر فأقرت التعليمات الخاصة بإعلانات الشركات لتعزيز الشفافية والإفصاح في السوق المالية، ومساعدة المستثمرين في اتخاذ قرارات الاستثمار. نأمل أن تلتزم الشركات المساهمة المتداولة أسهمها في السوق بهذه التعليمات وتطبق المعلومات والبيانات في إعلاناتها المنشورة، التي من المؤكد أنها تؤثر في سعر سهم الشركة.
ما زالت سوق الأسهم السعودية بحاجة إلى طرح المزيد من الشركات المساهمة في السوق وتنازل الدولة عن بعض حصصها من الشركات المساهمة من أجل امتصاص السيولة الكبيرة في السوق، والحد من عمليات المضاربة الشديدة التي تشهدها السوق. كذلك بدأت ظاهرة الهروب من الاستثمار في الشركات القيادية إلى شركات المضاربة تتوسع مع زيادة قيمة التداول في شركات المضاربة. التداول اليومي هذا الصيف أصبح عملية تدوير أسهم شركات هي في الأصل شركات لم تحقق أي أرباح، أي أن التداول أصبح وهمي الشكل والمضمون. تشهد السوق اليوم تذبذباً واضحاً دون أي تفسيرات علمية مقنعة، مما يعني ضمن أمور أخرى أن السوق مازالت تسيطر عليها مضاربات وهمية، مما نتجت عنه تلك التذبذبات العالية والشديدة. إضافة إلى لذلك، ومع اقتراب موعد طرح أسهم "إعمار" للتداول في سوق الأسهم بيع سهم "إعمار" في تداول بين مكتتبين ومضاربين في سوق سوداء بمبالغ راوحت بين 80 و120 ريالا. قد يعني ذلك أن أسهم شركة إعمار في حال نزولها للتداول ستشهد ارتفاعات متباينة خاصة مع وجود رغبة كبيرة من كبار المستثمرين في الدخول كمساهمين في شركة قوية كـ "إعمار".
هناك عدة أسئلة تتردد هذا الصيف في سوق المال، منها ما يتعلق بحجم السيولة التي يمكن أن تحقق التوازن المعقول في ظل أداء السوق غير المعقول. الشركات ترتفع بنسب متتالية وبعضها قد لا يملك أي أرقام مالية جيدة تعكس هذا الأداء. هناك أسئلة حول التوصيات في أوساط المتعاملين عن تواصل الصعود إلى أرقام قياسية جديدة، بغرض جذب محافظ صغار المتعاملين. هناك أسئلة ومخاوف عن الثقة شبه المعدومة في السوق وتثير هذه المخاوف موجة هبوط مقبلة لإعادة الشركات المتضخمة إلى أسعارها الحقيقية، مما سينعكس بدوره سلبياً بطبيعة الحال على الثقة في السوق. هناك مخاوف حقيقية من أن السوق أصبحت تدار بواسطة مضاربين يتعمدون إحداث ارتفاعات متتالية لأسهم معينة، مما ينتج عنه انخفاضات حادة في السهم دون أي منطق اقتصادي مثيرة المزيد من التخبط في أداء المؤشر. شركات المضاربة سجلت أسعاراً عليا، فيما أخرى تخطت الحدود العليا في دورات مضاربة لا تعكس واقع الشركات أو حتى الاتجاهات الفنية للسوق.
لقد دخلت أغلب أسهم شركات المضاربة في السوق، التي يصل تعدادها إلى 20 شركة، في موجات افتراضية تصحيحية بعد تصاعد قوي خلال آب (أغسطس) الماضي. أسعار عدد من الشركات القيادية لا تزال جذابة وهو ما يرشحها للصعود، ولكن رغم التوقعات بالصعود لا تزال الارتفاعات غير المعقولة أو المبررة في الشركات الخاسرة تشكل عاملاً مهما لانتزاع ما تبقى من ثقة المتعاملين في السوق. تظهر الأرقام أن في آخر آب (أغسطس) الماضي بدأت أكثر من سبع شركات مضاربة السير في نفق النسب الدنيا. لم يعد سراً أن هذه الشركات شهدت عمليات تدوير كبيرة، استطاع معها مضاربون كبار تصريف كميات كبيرة. الغريب في الأمر أن الجهات المالية المسؤولة لم تعر الأمر أي انتباه ربما لأنها مازالت تتمتع بإجازة الصيف.
إن غياب أو عدم اكتمال البنية التحتية القانونية لسوق المال ليس من صالحنا. هذا الوضع يعني استمرارية تعاملات المضاربة الوهمية مما سينتج عنه عواقب سلبية على السوق وعلى الكثير من المساهمين. لدينا الأساليب القانونية الكافية لإدانة هؤلاء "المستثمرين"، ولكننا لا نطبق العقوبات بالدرجة الكافية. هوامير آب (أغسطس) يتمتعون بمهارات إضافية ضد قانون الجاذبية صعودا أو هبوطا في محيط يفتقر إلى جهة ما يمكن أن تبت بالأمر عند تضرر المستثمرين.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي