أمريكا تغازل "الآسيان" باتفاقيات للتجارة والاستثمار

أمريكا تغازل "الآسيان" باتفاقيات للتجارة والاستثمار

أبرمت أمريكا والآسيان, وهي اتحاد لعشر دول في جنوب شرق آسيا, اتفاقية اقتصادية, أطلق عليها اسم اتفاقية إطار للتجارة والاستثمار, بهدف تقوية العلاقات الاقتصادية بين الولايات المتحدة وهذه المجموعة الإقليمية،على الرغم من الحرج الذي تشعر به واشنطن حيال الدكتاتورية العسكرية في بورما المشمولة أيضا بهذه الاتفاقية. غير أن بورما ستظل مع ذلك تحت طائلة العقوبات الاقتصادية المفروضة عليها من قبل الأمريكيين, والتي لن ترفع عنها نتيجة لهذه الاتفاقية .
وقالت السيدة سوزان شواب, المفوضة التجارية الأمريكية, في كوالا لمبور, عاصمة ماليزيا, أثناء انعقاد مؤتمر وزراء الاقتصاد لمجموعة الآسيان: "إن أمريكا تتابع بقلق بالغ كيفية تعامل حكومة تلك البلاد مع مواطنيها, غير أننا لا نريد لقلقنا هذا أن يعرض للخطر علاقاتنا مع جميع بلدان مجموعة الآسيان".
وكذلك بالنسبة للأوروبيين, الذين كثيرا ما ناشدتهم الدول الآسيوية لإقامة علاقات تعاون أوثق, تمثل دكتاتورية الجنرالات سببا لابتعادهم عن المنطقة . أما الأمريكيون فيقدرون أن النمو الجماعي السريع نسبيا في جنوب شرق آسيا يشكل حافزا لهم كيلا يظلوا بعيدين لفترة أطول : فالصين ودول الآسيان تقيم منذ سنوات علاقات عمل مشتركه . كما تفاوضت اليابان وعقدت اتفاقية للتجارة الحرة مع هذه الكتلة ومع تايلاند والفلبين، كما وقعت اتفاقيات مع سينغافورة و ماليزيا . وكان من الطبيعي أن تثير هذه التطورات قلق صناعة السيارات الأوروبية إزاء إعفاء صادرات منافستها اليابانية من الرسوم الجمركية . كما أن الهند تقوم في هذه الأثناء باستئناف مفاوضات التجارة الحرة مع مجموعة دول جنوب شرق آسيا بعد أن كانت قد توقفت لبعض الوقت.

إن درجة التودد التي تقوم بها بلدان من خارج القارة الأوروبية لـ "آسيان" تتضح من مبادرة طوكيو: حيث اقترح توشيهيرو نيكاي, وزير التجارة الياباني, مجددا إقامة كتلة تجارية شرق آسيوية تضم 16 دولة, ومن المفروض أن تشمل منطقة شرق آسيا للتجارة الحرة إضافة لدول الآسيان: الصين، واليابان, والهند, وكوريا الجنوبية, وأستراليا ونيوزيلاندة. ومن المعروف أن حجم التبادل السلعي على مستوى الأقليم قد ازدادت أهميته . ففي الوقت الذي كان يشكل في عام 1990 نحو 43 في المائة من حجم التجارة العالمية لجنوب شرق آسيا, أصبح يشكل الآن نسبة 55 في المائة . وقد ازداد حجم التبادل التجاري بين الولايات المتحدة ودول مجموعة الآسيان عام 2005 بنسبة 12.4 في المائة ليبلغ ما قيمته 152 مليار دولار . ومن المفروض أن يؤدي اتفاق كوالالمبور في الأمد البعيد لإبرام معاهدة تجارة حرة بين الولايات المتحدة ودول جنوب شرق آسيا.
وبغض النظر عن جميع العروض فإن "الآسيا" نفسها ستنشغل بشؤونها الخاصة لسنوات طويلة مقبلة. وقد أوصى وزراء التجارة العشرة تقديم موعد إنجاز تنظيم السوق المشتركة التي تلغى فيها الحواجز الجمركية من 2020 إلى 2015 . وعند ذلك ستنشأ كتلة تجارة حرة تضم 550 مليون نسمة . هذا علما بأن حجم التجارة البينية لدول الآسيان تشكل حاليا ثلثي تجارة الصين تقريبا .
وفي هذه الأثناء تستفيد دول جنوب شرق آسيا من تزايد قوة العملاق الشمالي، ولكنها تعاني أيضا من هذا العملاق : ففي الوقت الذي سجل فيه حجم الاستثمارات الأجنبية في الدول العشر مجتمعة عام 2005 رقما قياسيا ببلوغه ما مجموعه 38 مليار دولار, فإن هذا المبلغ لا يكاد يشكل أكثر من ثلثي الستين مليار دولار التي تسربت إلى الصين. ولهذا صرح أونج كينج يونج, السكرتير العام السينغافوري لمنظمة الآسيان, أثناء وجوده في كوالالمبور بأن: "الآسيان لا تستطيع أن تتغلب على الصين, ولكن لا ينبغي لها أن تتخلف كثيرا عن الصين خصوصا إذا ما عززت من جاذبيتها ككتلة جنوب – شرق – آسيوية متماسكة، بدلا من تصرف الدول كل واحدة على حدة ".
غير أن العقبات في طريق النمو المشترك لا تزال كثيرة . وليست الأوضاع السائدة في بورما هي وحدها التي تحد من إمكانيات التطور . فنقطة الانطلاق السياسية والاقتصادية لمجموعة الدول متفاوتة كثيرا. كما أن العلاقات الاقتصادية بين بعضها البعض يعتريها بعض الاضطراب منذ سنوات، مثل العلاقات بين تايلاند وماليزيا أو بين ماليزيا وسنغافورة.

الأكثر قراءة