دور حاضنات المشاريع في خلق الشركات والتنمية الاقتصادية (3)
<a href="mailto:naila@sma.org.sa">naila@sma.org.sa</a>
كنت قد ذكرت الأسبوع الماضي أنواع حاضنات الأعمال التقليدية وأجبرت التطورات السريعة في التكنولوجيا والاقتصاد العالمي، والاتجاهات الحديثة للاستفادة من منظومة الحاضنات في كل القطاعات وخلق الشركات ودعم التنمية الاقتصادية، فأنشأت حاضنات جديدة مثل الأنواع التالية:
أولاً: حاضنات الأعمال الدولية IBIS
International Business Incubators Systems,
تم ابتكار هذا النموذج للحاضنات من أجل ملاحقة التطورات الاقتصادية ونتائج التوسع في التجارة الدولية وإزالة الحواجز بين الأسواق، فقد نشأت مجموعة جديدة من الشركات التي تتخطى الحواجز القومية والإقليمية. لقد أقيمت الحاضنات الدولية من أجل هذه النوعية من الشركات ومن أجل تسهيل عملية توطين الشركات الجديدة الناشئة في بيئة أعمال تماثل بيئة الأعمال في الشركات الدولية، من حيث توافر البنية التحتية الحديثة والمهارات الفنية والإدارية ذات المعايير الدولية، إضافة إلى وجود خبراء في مجالات الشراكة الدولية وإقامة المشاريع، وقد أوضحت التجربة أن معظم الشركات التي تستفيد من الحاضنات الدولية هي في الغالب شركات صغيرة ومتوسطة تعمل في الدول الصناعية، وتريد أن تتوسع في أنشطتها والدخول إلى أسواق جديدة، حيث تقيم جزءاً أو تنقل كل أنشطتها التصنيعية في الغالب في هذه الحاضنات الدولية، حيث تتوافر العمالة المدربة الرخيصة والقوانين المحلية التي تشجع إقامة هذه الشركات، مثل الصين التي تحتوي عدة حاضنات دولية في كل من مدينتي بكين وشنغهاي.
ثانياً: حاضنات الطلاب والدارسين في الخارج Overseas Student Incubators
وهى نوعية جديدة من الحاضنات قامت الصين أيضاً بابتكارها وإدخالها إلى مجالات صناعة الحاضنات في أواخر أعوام التسعينيات ففي بعض الدول عدد ضخم من طلابها الذين يقومون بدراساتهم العليا في خارج هذه الدول. ويمثل طلاب الصين تقريبا أكبر نسبة طلاب أجانب في دول العالم المختلفة خاصة في الولايات المتحدة وكندا وأوروبا الغربية واليابان، و يبلغ عدد طلاب الصين المسجلين في الجامعات الغربية نحو 250 ألف طالب معظمهم في الدراسات العليا، ما يشكل قوة ضاربة ضخمة تعمل الحكومة الصينية على استغلالها من خلال وضع برنامج إقامة حاضنات موجهة لاستيعاب هؤلاء الدارسين في الخارج وتشجيعهم على العودة إلى الوطن الأم، وخاصة بعد إتمامهم الأبحاث والحصول على الدرجات العلمية، وذلك للمساهمة بشكل مباشر في التقدم التكنولوجي والاقتصادي للصين. وقد بلغ عدد الحاضنات المخصصة للعائدين من الدراسة في الخارج 28 حديقة تكنولوجية.
ثالثاً: حاضنات تقيمها شركات أو هيئات ضخمة
ترتكز هذه النوعية من حاضنات المشاريع على استغلال آلية الحاضنات في إنجاز مشاريع بحثية أو إنتاجية، أو استحداث تكنولوجيات من خلال توكيد وتعميق علاقة الشراكة بين بعض المؤسسات والشركات الكبيرة، وأصحاب الأفكار أو المشاريع الصغيرة التي تستطيع خدمة هذه الشركات. وتختلف نوعية الشراكة من إقامة مشاريع مشتركة مع المشاريع الصغيرة لإجراء برنامج مخطط ومنظم بالكامل، ووفقاً لذلك يتم تحديد مسؤولية كل شريك بوضوح، أو يمكن أن تتخذ شكلاً أقل رسمية من حيث إتاحة الفرصة أمام المسؤولين التنفيذيين في الشركة لوضع أفكارهم موضع التنفيذ.
إن إقامة التعاون بين المشاريع الصغيرة والشركات الكبيرة يمكن أن يكون جذاباً أيضاً من الناحية المالية، فبالنسبة للشركات الكبيرة تمثل المشاريع المشتركة وسيلة فعالة لزيادة الاستثمارات المتصلة بتنمية الأعمال وإبقاء الخيارات مفتوحة وضمان مستقبل مختلف للمشاريع في مرحلة لاحقة من نموها. أما بالنسبة للمشروع الصغير، فإن عملية إقامة مشاريع مشتركة مع الشركات الكبيرة لا تتيح لها فقط إمكانية الحصول على الدعم المالي من الشركة الكبيرة، بل هذا التعاون يزيد من مصداقية هذه المشاريع الصغيرة ومن قدرتها على اجتذاب التمويل من مصادر أخرى. ويتبلور هذا التعاون خاصة في الحاضنات التكنولوجية التي تقيمها الجامعات أو المؤسسات الكبيرة.
ومن أشهر الأمثلة الحالية على هذه الشراكة ما قامت به وكالة الفضاء الأمريكية NASA منذ عدة سنوات من إقامة عدد من مراكز الدعم التكنولوجية والحاضنات.
رابعاً: حاضنات يملكها مستثمرون وشركات "حاضنات القطاع الخاص"
قـام عدد من رجال الأعمال المستثمرين بإقامة عدد من الحاضنات التكنولوجية الخاصة، التي تهدف للربح وتدمج مبدأ الاستثمار والتنمية التكنولوجية، مثال الحاضنة التكنولوجية اليونانية Athena High LTD Technology Incubator AHTI، وهي حاضنة قطاع خاص تهدف إلى استقطاب الشركات التكنولوجية العالمية إلى منطقة شرق البحر المتوسط من خلال توفير البنية الأساسية للمشاريع والخدمات التي تعطي قيمة مضافة للشركات المشتركة في الحاضنة، التي تعمل على تمويل الشركات الملتحقة بالحاضنة ومساعدتها في التطور والنمو والانتقال من مراحل البدء الأولى إلى مراحل التوسع وزيادة رأس المال.
ولا شك أن التجارب الناجحة للدول الأخرى وخاصة المتقدمة في إنشاء أنواع حديثة من حاضنات المشاريع الصغيرة، هي تجارب تستحق الاستفادة منها والمشاركة فيها فهي تعطي بعداً آخر ومعنى جديدًا للمشاريع الصغيرة.
وحان الوقت لتطبيق منظومات اقتصادية جديدة وبسرعة تضاهي سرعة العولمة التي نعيشها.