ظاهرة رمضانية محل جدل .. التنقل بين المساجد وتذوق أصوات الأئمة
تعتبر ظاهرة التنقل بين المساجد من الظواهر التي نشاهدها مع قدوم شهر رمضان الكريم رغبة من أصحابها في البحث عن الأصوات الحسنة في قراءة القرآن والصلاة خلفهم، وتوافق ذلك مع بروز بعض المقرئين الذين كان لهم تأثير في نفوس الشباب في عدد من مناطق المملكة، ففي الرياض ظهر عدد من المقرئين منهم الشيخ عادل الكلباني إمام جامع الملك خالد الذي يعتبر من أكبر المساجد في الرياض وفي المنطقة الشرقية ظهر عدد من القراء منهم أحمد العجمي وسعد الغامدي وخالد القحطاني وفي مكة المكرمة يتجه الناس نحو المسجد الحرام للصلاة خلف أئمة الحرم الشيخ سعود الشريم والشيخ عبد الرحمن السديس ومن المشايخ الدكتور عبد الودود حنيف الذي أم المصلين في إحدى السنوات في المسجد النبوي وفي منطقة القصيم ظهر عدد من القراء منهم الشيخ محمد المحيسني والشيخ عبد العزيز الأحمد والدبيخي كان هذا الجيل على تفاوت أعمارهم السنية هم أول من لفت أنظار المصلين في فترات ليست متباعدة وفي الوقت الحاضر ظهر قراء جدد تميزوا بأصواتهم الحسنة خصوصا في مدينة الرياض ومنهم ياسر الدوسري وماجد الزامل والقطامي والجليل وغيرهم من الشباب الذين امتازوا بحسن الصوت والخشوع في الصلاة وبدأت من خلالهم خطوات التنقل للمساجد وبعضهم مازال موجودا وبعضهم ترك الإمامة، الذي استحوذ في فترة من الفترات على اهتمام الشباب، لكن المشكلة أن هذا التنقل يكون على حساب مساجد أخرى يصبح عدد المصلين فيها قليلا.
ولمناقشة هذه الظاهرة نأخذ جانبا مهما من القضية وهم المصلون حيث يقول عبد الرحمن محمد إن التنقل بين المساجد يحدث من بعض الناس لرغبتهم في الخشوع في الصلا ة مع الإمام الذي تعودوا أن يصلوا معه في كل عام وأرى أن ذلك جيد للشاب لأن رمضان فرصة للعودة والإنابة إلى الله ولذلك أتمنى أن يكون ذلك في أضيق الحدود وإن كان وضع أهل مكة مختلفا فأكثرهم يذهبون للمسجد الحرام وأتمنى للجميع التوفيق.
أما الشاب سلطان الضبيعي فيقول: بالنسبة لي أحرص على الصلاة في المسجد القريب من منزلنا وأرتاح هناك ووجهة نظري أن التنقل بين المساجد قد يجعل المصلي تفوته بعض الصلاة إذا تأخر عن الذهاب للمسجد لأن بعض المصلين يذهبون لمساجد بعيدة لذا أتمنى أن يحرص المصلون على هذا الشهر ومضاعفة الأعمال الصالحة فيه لأن هذا هو المطلوب
ويرى الموظف خالد الحسين أن التنقل بين المساجد يعود لرغبة المصلي وإذا وجد أن في ذلك تنافيا مع الشرع فعليه أن يترك ذلك وحقيقة أن توجيه سماحة المفتي العام وفقه الله جاء في وقته ونتمنى أن نستفيد منه جميعا، كما أن علينا مسؤولية إحياء المساجد القريبة منا لأن عدم الصلاة فيها سيفقدها المصلين وهذه نقطة يجب أن نهتم بها.
ويقول عبد العزيز الرويس، إن ظاهرة التنقل بين المساجد ظاهرة حسنة وتساعد على القرب من الله والخشوع في الصلاة وهي تفيد الشاب وخصوصا إذا وجد الإمام صاحب الصوت الطيب الذي لقراءته تأثير في المصلين ونتمنى من الله القبول.
الشباب بين التنقل وتذوق الأصوات
كما يرى بعض الشباب أن الذين يتنقلون بين المساجد وتذوق الأصوات هم فئة قليلة أما الأكثرية فهي التي تلتزم الصلاة مع إمام واحد بعيدا عن تتبع الأصوات التي تجعل الشاب يصلي كل يوم في مسجد، حيث يقول سعد العلي من الرياض إن تتبع الأصوات ظاهرة موجودة لكن الصحيح أنني أذهب مع مجموعة من الزملاء إلى إمام واحد وأعرف بعض الشباب الذي يتنقل كل يوم في مسجد وهذا لا يمكن نكرانه، ويقول عبد العزيز الحماد إن الذين يتنقلون بين المساجد هم فئة معينة لا تمثل الفئة الكبرى ويوجد لديها عدم فهم واضح لهذا الأمر، ويشير س م الذي رفض الإفصاح عن اسمه إلى أنه من الحريصين على تذوق وتتبع الأصوات فمرة يصلي مع القطامي وأخرى مع ياسر الدوسري وثالثة مع الكلباني وهكذا طوال الشهر.
وفي الجانب الآخر تقول أم عبد الله الدوسري إن الذهاب إلى المساجد البعيدة يحدث للرغبة في أداء الصلاة بخشوع وطمأنينة وهذا أمر ملموس ومشا هد وخصوصا في شهر رمضان وذلك نتيجة لأمور عدة نحتاج إليها عند ذهابنا إلى بعض المساجد منها الخشوع في الصلاة وتعلم القرآن والدروس العلمية وهي أمور نحن بحاجة ماسة إليها.
الرأي الشرعي
وحول الحكم الشرعي حول التنقل بين المساجد واستغلال أيام رمضان ولياليه قال سماحة المفتي العام للمملكة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله آل الشيخ إن على المسلمين الحرص على تقوى الله في هذا الشهر العظيم والبعد عن كل ما يجرح الصوم وينقص ثوابه والحفاظ على الأعمال الصالحة من صيام وقيام ليل مع جماعة المسلمين لقوله، صلى الله عليه وسلم (من قام مع إمامه حتى ينصرف كتب له قيام ليلة وشدد سماحته على أهمية الحفاظ على صلاة التراويح مع الجماعة وقال ينبغي للمسلم أن يعتني بهذا ونصح المصلين بعدم الانشغال بالتنقل بين المساجد وتتبع الأصوات بل يصلون مع من يكون قريبا إلى قلبه وأدعى لتدبره لكتاب ربه وخشوعه معه ويتم معه الصلاة في شهره حتى ختم كتاب ربه فينال الأجر العظيم ويحوز الفضل الكبير.
ويؤكد فضيلة الشيخ الدكتور صالح بن فوزان الفوزان عضو هيئة كبار العلماء أهمية نصح المصلين بعدم الانشغال بالتنقل بين المساجد وتتبع الأصوات وأهمية تحسين الإمام لصوته بتلاوة القرآن الكريم ويعتني بالقراءة على الوجه المطلوب محتسبا الأجر عند الله لا من أجل الرياء والسمعة وأن يتلو القرآن بخشوع وحضور قلب لينتفع بقراءته وينتفع به من يسمعه والذي ينبغي لجماعة كل مسجد أن يعمروا مسجدهم بطاعة الله والصلاة فيه ولا ينبغي التنقل بين المساجد وإضاعة الوقت في التذوق لأصوات الأئمة ولاسيما النساء فإن تجوالهن وذهابهن بعيدا عن بيوتهن مخاطرة شديدة لأنه مطلوب من المرأة أن تصلي في بيتها وإن أرادت الخروج للمسجد فإنها تخرج لأقرب مسجد تقليلا للخطر ويضيف أن هذه الظاهرة المتمثلة في التنقل بين المساجد غير مرغوب فيها لأن فيها تعطيلا للمساجد الأخرى وهي مدعاة للرياء وفيها تكلفات غير مشروعة ومبالغات.
من جهته قال الشيخ الدكتور فالح الصغير عميد كلية أصول الدين سابقا إن هناك اهتماما يسر المؤمن بصلاة التراويح والتجاوب والتفاعل الكبير وأرجو الله أن يثاب فاعله غير أنه يطغى على بعض الناس طلب إمام معين وقد يكون بعيدا عنا منزله فيفوت الفريضة مع الجماعة أو بعضها وهذا بلا شك طلب أجرا وأخفق فيما هو أهم منه ومثل هذا ينبغي أن يصلي في مسجده القريب أو يبكر للصلاة فلا تفوته الفريضة.
فيما يخص التنقل بين المساجد فهي ظاهرة تتكرر مع بداية شهر رمضان المبارك لا لشيء إنما بعضهم للتقليد لأن فلانا يصلي عند الإمام الفلاني حتى أن بعضهم ربما فاتته الصلاة صلاة الجماعة أو شيء من صلاة التراويح بسبب الذهاب إلى مسجد يبعد عن حيه عشرات الكيلو مترات حبا في سماع صوت الإمام الفلاني وأحيانا يحصل مقارنات بين إمام وآخر بين الشباب ولو أنه صلى في مسجد حيه لكان أولى لأن بعض المساجد تصبح خاوية في رمضان في صلاة التراويح نسأل الله للجميع التوفيق.
من جهته قال الشيخ خالد التركي إمام جامع عمر بن الخطاب في الرياض هذا الأمر تحدث عنه أهل العلم ومن ذلك أنه سئل الإمام: أحمد عنه، فقال: صل عند من تجد قلبك عنده، ولذلك فعلى كل شخص أن يكون هدفه تدبر القرآن لا الصوت وأن يحرص على قراءة القرآن وتدبره ففيه الدواء الشافي الذي سيكفيه عناء التنقل من مسجد لآخر نسأل للجميع التوفيق.