من التجريس .. إلى التشهير!

<a href="mailto:[email protected]">Abdullah@bajubeer.com</a>

زمان كانت عقوبة "التجريس" من العقوبات التي توقع على مخالفي الشريعة أو القانون .. وكان للتجريس قواعد وتقاليد لا بد من مراعاتها .. وأولها توفير حمار قوي يحمل المحكوم عليه على أن يجلس بالخلاف .. أي أن ظهره لرأس الحمار ووجهه لعجز الحمار .. ثم يقوم حارس بسحب الحمار في الطرقات وهو ينادي: يا أهل المدينة .. هذا فلان ابن فلان .. ارتكب جريمة .. وحكمت المحكمة بسجنة بعد تجريه .. ويكرر هذا كلما مر بشارع .. وعادة يسير بعض الصبية خلف الحمار والمجرس ينابذونه بالألقاب .. وتصبح الحكاية زفة .. ولكن ليس نهايتها "كوشة" الفرح ولكن نهايتها السجن.
مضى زمان التجريس بعد أن قل عدد الحمير وانصرف الصبية إلى الدروس وجاء زمان التشهير .. وهو بالتأكيد أقل إيلاماً من نظام التجريس القديم ويقوم كما وافق عليه مجلس الشورى على نشر المخالفة المعاقب عليها على نفقة المخالف في صحيفة محلية تصدر في مقر إقامته فإذا لم توجد ففي أقرب منطقة لمقر إقامته. والمقصود بهذا التشهير هم مخالفو نظام الإقامة .. أي أن التجريس أو التشهير خاص بمخالفي الإقامة فقط دون غيرهم من المخطئين أو المخالفين أو الفاسدين.
إنني أرى أن مخالفة نظام الإقامة أهون الشرور في بلادنا .. هي بالطبع شر يجب القضاء عليه .. ولكن هناك ما هو أسوأ مما يجب أن تطبق عليه عقوبة التشهير.
مثلاً هناك هؤلاء الذين تلاعبوا في سوق الأسهم، وكسبوا من تلاعبهم الملايين بينما تحطمت بيوت وأفلست شركات، وضاعت تحويشة العمر من أفراد .. لماذا يفلت هؤلاء من عقوبة التشهير؟
مثلاً .. هناك عشرات من قضايا الفساد الإداري .. والإهمال .. وسوء الخدمات .. وانقطاع المياه والكهرباء .. ومصيبة الصرف الصحي وعشرات من المخالفات تستحق عقوبة التشهير التي خصت فقط مخالفة نظام الإقامة.
فإذا كانت هذه العقوبة عادلة فلماذا لا تعمم .. وإذا كانت ظالمة فالمساواة في الظلم عدل .. أم أنا مخطئ ؟!

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي