لا تستثنوا أسهم الدولة من احتساب المؤشر
<a href="mailto:www.barrak.com">www.barrak.com</a>
طالبت جهات مختصة عديدة هيئة السوق المالية باستثناء أسهم الدولة من احتساب المؤشر كي يعكس تحركات معظم الشركات المدرجة وليس ثلاث شركات فقط وهي "سابك"، "الاتصالات السعودية"، مصرف الراجحي. الجميع يتفق بأن المؤشر في وضعه الحالي يقع تحت رحمة الشركات الثلاث المذكورة ولا يمثل جميع الشركات لكن هل حل هذه المشكلة - كما يعتقد البعض أنها تصل إلى درجة المشكلة - بأن يتم استثناء أسهم الدولة من حساب المؤشر؟ بالطبع لا. فهذا الحل الوقتي المقترح ليس بالحل الجذري وسيتسبب في إيجاد مشاكل أخرى ستضر بالمؤشر العام.
إن العالم بأبسط أساسيات المعادلة الرياضية لحساب المؤشر العام السعودي يمكن له أن يدرك وبكل سهولة أن هذا الحل سيضعف دور شركة سابك، "الاتصالات السعودية"، وشركة الكهرباء، لكن وفي الوقت نفسه سيزيد من قوة وتأثير شركات أخرى خاصة مصرف الراجحي. فنسبة القيمة السوقية لـ "سابك" الآن هي 20 في المائة، ومصرف الراجحي 14 في المائة، و"الاتصالات السعودية" 12 في المائة. أما إذا تم استثناء أسهم الدولة من احتساب المؤشر العام فستصبح نسبة القيمة السوقية لمصرف الراجحي 20 في المائة، وستنخفض نسبة القيمة السوقية لـ "سابك" لتصل إلى 9 في المائة، و"الاتصالات" إلى 5 في المائة. مما يعني أننا سلمنا قيادة السوق من "سابك" إلى مصرف الراجحي وبفارق قيمة سوقية كبيرة جداً تجعل مصرف الراجحي مارد عنيف يستطيع تحريك السوق بالاتجاهين وبحدة عالية - مع عدم النسيان أن المصرف قرر رفع رأس المال إلى 13.5 مليار مما سيزيد في درجة ارتباط المؤشر العام بتذبذبات السعر السوقي للسهم.
هذا الحل المقترح ليس بالحل الناجع لسبب آخر هو أنه لو تمت الموافقة على احتساب المؤشر بدون أسهم الدولة وبعد سنوات قليلة قررت الدولة بيع أسهمها للقطاع الخاص، فستضطر هيئة السوق المالية لإعادة احتساب المؤشر من جديد وإدخال الأسهم المباعة في الحساب، ما سيعني أن المشكلة ستعود من جديد.
وهنا يتساءل البعض إذا كان استثناء أسهم الدولة ليس هو الحل للمشكلة فما الحل إذن؟ الحلول العلمية الموجودة يمكن تقسيمها إلى حلول آنية وحلول طويلة المدى. فالحل الآني الذي تستطيع الهيئة تبنيه وبفترة وجيزة هو إيجاد مؤشرات فرعية رسمية تقيس تحركات نوعية معينة من الشركات تساعد المتعاملين على قراءة تحركات السوق بشكل سهل وصحيح. فعلى سبيل المثال، يمكن للهيئة تأسيس مؤشر فرعي يقيس تحرك الشركات الكبرى Large-Cap، ومؤشر فرعي آخر يقيس تحرك الشركات متوسطة الحجم Mid - Cap، ومؤشر أخير يقيس حركة الشركات صغيرة الحجم Small -Cap. هذه المؤشرات الفرعية معمول بها في معظم الأسواق العالمية كالمملكة المتحدة والولايات المتحدة الأمريكية. فمثلا المؤشر الأشهر عالميا وهو "داو جونز" يقيس تحرك أكبر 30 شركة مدرجة في سوق نيويورك وسوق نازداك فقط، وليس سبعة آلاف الشركة الأمريكية المساهمة.
الحل الآخر والناجع هو حل يحتاج على سنوات قليلة ولا يحتاج تدخلا من أي جهة. إن مشكلة المؤشر هي مشكلة وقتية ناتجة بسبب قلة عدد الشركات المدرجة وأيضاً التفاوت الكبير في رساميل هذه الشركات. لكن ومع مرور الوقت وفي غضون السنتين المقبلتين سيزيد وبشكل مطرد عدد الشركات المدرجة في السوق مما ستعيد تركيبة السوق بشكل جذري وسيخفض نسب القيمة السوقية للشركات الكبرى الحالية، وبالتالي سيتحرر المؤشر العام من تحركاتها. فعلى سبيل المثال لا للحصر، سيتم إدراج بنك الإنماء، مصفاة رابغ، شركة مكة للصناعات البتروكيماوية، شركة كيان، شركة جبل عمر، مدينة حائل الاقتصادية، "معادن"، والشركات التابعة للخطوط السعودية.
وتجدر الإشارة هنا إلى أن الضغوط الإعلامية والشعبية القوية قد تدفع متخذ القرار لتبني بعض المقترحات والآراء دون اقتناع أو دراسة كافية فقط للتقليل من هذا الضغط، وحيث يكتشف مستقلا عدم فاعلية هذه القرارات في معالجة المشكلة - كما حدث مع قرار التجزئة. لذلك يجب إعطاء الجهات المسؤولة الوقت الكافي لدراسة أي مقترح من كل الزوايا بكل حيادية وشفافية وبمعزل من هذه الضغوط. وأخيراً، ما نحتاج إليه من الجميع هو التركيز على مكامن الخلل الفعلية في السوق وترك النقاط الهامشية فالزمن كفيل بمعالجتها.