الفنادق في ألمانيا والمغاسل في بولندا المجاورة !!

الفنادق في ألمانيا والمغاسل في بولندا المجاورة !!

يقولها بكل فخر...!!! هناك خمسة فقط من فنادق برلين الفخمة التي لا تتعامل معنا "، وهو يفتخر بقاعة الغسيل الحديثة التي تبلغ مساحتها نحو ألف متر مربع. ويضيف رومولد شيكورا مدير إحدى المغاسل في بولندا أن فنادق برلين ذات الخمسة نجوم ترسل يوميا كل ما لديها من أغطية الأسرة والمخدات والمناشف وفوط السفرة إلى بولندا لكي تغسل هناك. ولكي نكون أكثر تحديدا, فإننا نقصد مدينة (نوفي تشيرنوفو) البولندية التي تقع على بعد لا يتجاوز 30 كيلو مترا جنوبي مدينة شتيتين الألمانية. وللدلالة على حجم هذه الصفقات يجب الإشارة إلى أن أي غرفة مزدوجة في أي فندق من هذه الفنادق تلفظ ما بين سبعة إلى ثمانية كيلوجرامات من القطع التي تحتاج إلى الغسيل يوميا.

ورغم أن الغسيل يتم في بولندا لكن الشركة تبقى ألمانية, فمقر شركة فليجيل لخدمات المنسوجات موجود في برلين ويقوم مدير الشركة فرانس – يوسف فيزمان وعدد قليل من العاملين معه بإدارة المغسلة المتخصصة في فنادق الصفوة من مكاتبهم الواقعة على مقربة من ساحة بوتسدام. ويقول فيزمان: " لقد كنا نحقق في السنوات الماضية باستمرار نموا في أعمالنا بنسبة 10 في المائة, أما في السنة الحالية فتبلغ نسبة النمو 15 في المائة."

أما لماذا الغسيل في بولندا؟ فلأن الأجور هناك أقل مما هي في ألمانيا, وكذلك لأن عملية الغسيل ليست في حاجة لمعدات حديثة بقدر ما هي في حاجة إلى العناية الشخصية. فالمناشف والملاءات يجب أن تفرز وتنشر قطعة بقطعة وتنسق وتطبق بطريقة يدوية وهو ما تستطيع العاملة المدربة في بولندا أن تؤديه بسهولة. ويعمل نحو 400 شخص لحساب شركة فليجيل في مدينة نوفو تشيرنوفو البولندية منهم 300 عاملة بينما يعمل في العادة نحو 50 شخصا في المغاسل الفندقية الصغيرة في برلين.

ويدفع شيكورا للنساء العاملات في المغسلة ما متوسطه 1500 زلوتي شهريا ( العملة البولندية ) أي ما يوازي 400 يورو, وهذا المبلغ يمثل في بولندا 50 في المائة زيادة عن الحد الأدنى القانوني للأجر الشهري البالغ ألف زلوتي. ويقول شيكورا : "إن ما ندفعه من أجور لا يعتبر سيئا بالنسبة لظروفنا. ومن المعروف أن المنافس الكبير الوحيد لشركة فليجيل في برلين هي شركة مارشال المحلية للغسيل التي تدفع أجورا تبلغ ثلاثة أضعاف ما تدفعه شركة فليجيل في بولندا. ويقول ينز هيمبل المدير التجاري لشركة مارشال: " لا بد لنا من إقناع الزبائن بالنوعية العالية وبالمرونة التي تتميز بها أعمالنا.

ومما لا شك فيه أن العمل في المغاسل عمل شاق وإن لم تكن مؤهلات خاصة مطلوبا توفرها في العاملين. وتستطيع العاملات أن يجهزن ما مجموعه 450 من أغطية الأسرة أو 750 من الملاءات خلال ساعة واحدة فقط. أما في حالة الأقمشة الوبرية فالمعدل هو ألف قطعة. وتقول باربارا مارشال, المالك السابق للشركة التي تحمل الاسم نفسه: "إن العامل الواحد ينجز نحو خمسين كيلوجراما من الغسيل في الساعة ". وبشكل عام يتم تجهيز 21 طنا من الغسيل في ورديتين يوميا في ضاحية فيدينج في برلين.

والحقيقة أن فرق تكلفة الأجور الذي تتميز به شركة فليجيلز يستهلك جزء منه لتغطية تكاليف النقل, حيث إنه لا بد من نقل الغسيل مسافة 140 كيلو مترا لإعادته إلى برلين. ولهذا الغرض هناك يوميا إحدى عشرة سيارة نقل يوميا على الطريق إلى برلين, وتبلغ المسافة التي تقطعها كل واحدة من هذه السيارات سنويا نحو 150 ألف كيلومتر.

ويقول فيزمان: عندما ترى كمية الغسيل التي تنقل فإنك سرعان ما تدرك أن 130 كيلو مترا ليست شيئا يذكر. ومن المؤكد أن انضمام بولندا للاتحاد الأوروبي قد سهل الأمور أكثر على فليجيل. إذ لم يعد ثمة انتظار ساعات طوال بسبب وجود الازدحام على المعابر الحدودية. ومن الجدير ذكره أن فليجيل كانت لفترة طويلة سابقة تنقل الغسيل حتى على عبارات عبر مياه نهر الأودر لكي تتمكن من الوفاء بتعهداتها لزبائنها, فخلال 24 ساعة لا بد للغسيل من أن يعود لأصحابه نظيفا وفي أحسن حال.

ومنذ أن فتحت الحدود اتسعت شبكة الطرق لسائقي شركة فليجيل, حيث يقول فيزمان : " إنني أرى إمكانات وفرصا هائلة في مدينة دريسدن." وكذلك تقع منطقة ساكسونيا في نطاق اهتمامات شركة مارشال المنافسة من برلين.

وقد حدث قبل فترة وجيزة أن استحوذت مجموعة جرايف, من جنوب ألمانيا, على شركة مارشال, في برلين, التي تعتبر من الشركات متوسطة الحجم. وسيتم الآن إنفاق عدة مئات آلاف اليورو في برلين وبراندنبرج لتركيب آلات جديدة, حيث من المعروف أن خطا جديدا لطي الملابس يكلف ما لا يقل عن 600 ألف يورو. وبالتالي ربما استطاعت شركة مارشال أن تعوض بذلك عن الميزة التنافسية لشركة فليجيل. كما أن من المعروف أنه ليس مسموحا لشركات الغسيل الألمانية أن تعمل سبعة أيام في الأسبوع, ولكن السيدة مارشال تقول : " نحن نتفاوض منذ سنوات مع الموظفين الرسميين في برلين ليسمح لنا بالعمل في نهاية الأسبوع. "

أما في بولندا فإن عمل المغاسل الألمانية ليس مصدر سعادة للجميع، وقد سبق لأحد رجال الشرطة مثلا أن أنحى باللائمة على شيكورا لأن الغسيل النظيف يعود أدراجه إلى ألمانيا, بينما لا يبقى في بولندا سوى الأوساخ والجراثيم.

الأكثر قراءة