من يشفع للمقاولين؟

[email protected]

يمر قطاع المقاولين بفترة عصيبة هذه الأيام بسبب التغيرات الأخيرة في أسعار البناء التي امتد أثرها فأصابت المشاريع الحكومية كما أصابت المواطنين. يتطلع المقاولون بشغف وتلهف لنتيجة مناقشة التقرير الذي رفعه مجلس الغرف إلى مجلس الشورى لحل المشكلة. ولعل النتيجة تكون استحداث آلية لحماية المقاولين من أثر ارتفاع الأسعار. أسباب ارتفاع أسعار مواد البناء قد تكون نتيجة ارتفاع الطلب على المعروض في الأسواق وارتفاع أسعار المواد الأولية على المصانع في داخل المملكة وخارجها. وزيادة أسعار مدخلات الإنتاج وارتفاع أسعار الطاقة والشحن والتأمين. ولكن هناك من يعلل ارتفاع الأسعار أيضاً بتلاعب بعض التجار والمنتجين حيث يعتمد هؤلاء على تخزين كميات ضخمة من مواد البناء وإشاعة حالة من نقص المعروض في السوق، الأمر الذي يحرك الطلب ومعه تتحرك الأسعار تدريجيا نحو الارتفاع. باختصار، اختلفت الأسباب والضرر واحد.

كيف يمكن أن ترتفع أسعار مواد البناء إلى ثلاثة أضعاف عن السابق بينما بقي تقييم المناقصات ثابتاً على الأسعار القديمة نفسها؟ لقد لحق ضرر ارتفاع الأسعار بأنشطة كثيرة في المقاولات وخاصة نشاط المباني الذي يعتمد على الحديد وغيره من مواد البناء التي ارتفعت بنسبة تفوق 50 في المائة ونشاط الأعمال الكهربائية حيث وصلت نسبة الارتفاع فيها نحو 200 في المائة. الوضع الحالي لا يبشر بالخير لأن استمرار المقاول في الصرف على هذه المشاريع يعد بمثابة الدخول في مغامرات تتجه به للإخلال بالعقد أو الإفلاس أو كلاهما. في العقود الحالية يلتزم المقاول بتكملة المشروع مهما كانت الظروف بسبب وجود شروط جزائية تطبق في حال أخل بأي من بنود العقد الملزم للطرفين. يقال إن المقاول الذي يفوز بمشروع حكومي اليوم يقع في "ورطة" يصعب الخروج منها خصوصاً عند تقديمه عطاء يحمل أسعار مواد ذات أسعار تتغير بعد تسلم الموقع. وما إن يبدأ المقاول بتنفيذ المشروع حتى تعترضه قائمة من المشكلات مع الجهة مالكة المشروع بسبب فوارق الأسعار. وصل الأمر إلى أن بعض المقاولين امتنعوا عن الاستمرار في العمل في المشاريع الحكومية وجاء توقفهم للحد من الخسائر التي يتكبدونها من جراء ارتفاع أسعار مواد البناء. لا يمكن لوم المقاولين لأن من حقهم أن يطالبوا بالفروقات في حال ارتفاع الأسعار سواء في مواد البناء أو الحديد أو غيرها. ولكن في نفس الوقت يجب التأكد أن ازدياد الأسعار لم يكن نتيجة التخزين وحجب العرض.

هناك اقتراح يتداول بين الأروقة لإضافة بند في العقود المبرمة بين المقاول وصاحب العقار بأنه إذا حدث ارتفاع في أسعار مواد البناء يحق للمقاول أن يطالب بالتعويض. لا يجب التهاون بحل هذه المعضلة وخاصة ما يعانيه قطاع المقاولات في ظل ارتفاع أسعار البناء في وقت يعتبر فيه قطاع المقاولات قطاعاً اقتصادياً من أكبر القطاعات دعما للاقتصاد الوطني. المشكلة الحالية طبعاً لم تكن وليدة اللحظة ولكنها وصلت لمراحل لا يمكن السكوت عليها. بكل اختصار، الحجم المالي للمناقصات الحكومية لا يتناسب مع الواقع الحالي. المطلوب تحرك عاجل من وزارة المالية لوضع حلول مناسبة وإيجاد آلية معقولة خصوصاً أن الحكومة لديها كثير من المشاريع التنموية التي قد تتوقف بسبب عدم قدرة المقاولين على استيعاب الخسائر أو الاستمرار في تنفيذ العقود. النتائج المتوقعة لعدم اتخاذ قرار بهذا الموضوع هي تضرر القطاع العقاري وما يتبعه من نشاطات في قطاع المقاولات والبناء والتشييد، ووقف أو تأخر تسليم المشاريع، ونزاعات بين الشركات المنفذة وأصحاب المشاريع الكبرى أو المساكن الخاصة. أما النتائج غير المباشرة فهي ارتفاع أسعار الشراء والإيجارات للمباني التجارية والسكنية الجاهزة.

اقت...صاد نزيف المعلمات
لقيت المعلمات وضحى العريفي، جوزاء العتيبي، فاطمة مطران، ابتسام عبد العزيز، بدرية الدايل وسائق الحافلة التي تقلهن مصرعهم احتراقا في حادث مروري مروع في محافظة القويعية. وقع الحادث حين ارتطمت حافلة المعلمات بوايت شركة لأعمال الطرق من الخلف، لاحتمال نوم السائق وعدم وضع الشركة العاملة في الطريق لوحات تحذيرية. في الوقت الذي يجب علينا فيه تقديم العزاء وحل هذه المشكلة الأبدية، شنّ مسؤول في تعليم البنات هجوماً غير مبرر على المعلمات السعوديات متهماً إياهن بتقديم معلومات مضللة بقصد الحصول على وظائف تعليمية، معتبراً أنهن أنفسهن يتحملن مسؤولية حوادث المرور التي يقعن ضحيتها. بالمناسبة، احتار رجال الدفاع المدني في طريقة نقل الجثث بسبب تفحمها الكامل.

باحث اقتصادي

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي